رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي ثمرة نجاح سعيها لاستعادة دورها التاريخي في القارة السمراء
تتطلع الدول الإفريقية الأعضاء في الاتحاد الإفريقي لرئاسة مصر للاتحاد والتي ستبدأ مع مطلع العام المقبل، حيث تعاظم اهتمام مصر بالقارة السمراء في الآونة الأخيرة، وهو ما عكسته زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العديد من دول القارة، وما ركز عليه في مناسبات كثيرة من أهمية البنية الأساسية في إفريقيا وضرورة ربط دول القارة ببعضها من خلال بنية أساسية قوية، خاصة في مجال النقل لكي تعزز من فرص التجارة البينية وزيادة الاستثمارات، وكذلك تعاظم الجهد المبذول لتحقيق الاستقرار والتنمية في إفريقيا، وتعزيز مواقفها المشتركة بشأن القضايا التي تهم دولها وشعوبها، تحقيقا للسلام والأمن، ومساندة للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي تضع مصر فيه تحقيق التكامل بين الدول الإفريقية ضمن أهداف أجندة ٢٠٣٦، وصولا إلى الإندماج فيما بينها، وقبل انطلاق رئاستها للاتحاد الإفريقي، تستضيف في شهر ديسمبر المقبل محفلا إفريقيا مهما يتمثل في فعاليات وأنشطة (مؤتمر الكوميسا) التي تعد أحد التكتلات الإقليمية الهامة في القارة، حيث تأسس هذا التكتل في نوفمبر عام 1993، استجابة للمتغيرات العالمية الجديدة التي أورثتها العولمة، ليحل محل اتفاقية منطقة التجارة التفضيلية بين دول إقليم شرق وجنوب أفريقيا، مواكبة مع سمات التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المستحدثة في المجتمع الدولي، التي تفرض تكوين كيانات متعددة الأطراف تتيح الاستفادة من التكامل الإقليمي والدولي والمصالح المشتركة بين الدول، بما يساعدها على الصمود في مواجهة المنافسة الاقتصادية العالمية، وحل النزاعات السياسية.
وستشهد فترة رئاسة مصر للاتحاد تواصلا وتنفيذا لجهود إصلاح وتطوير الاتحاد الإفريقي، حيث احتل ترتيب البيت من الداخل المحور الرئيسي لمناقشات اجتماعات الدورة الاستثنائية الـ11 لمؤتمر قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، التي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤخرا، ورأس وفد مصر فيها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان، الذي أكد اتفاق مصر مع الهيكل الجديد للاتحاد وحرصها على عدم المساس بقانون التأسيس، مشيدا بالإنجاز الذي تحقق في هذا الملف خلال رئاسة روندا الحالية للاتحاد.
وأكدت مصر أن المستهدف من عملية الإصلاح المالي والإداري للمفوضية، ليس تقليص صلاحيات المفوضية أو تصعيب عملها، إنما يهدف إلى مساعدتها بأسلوب محترف على القيام بدورها وتوفير الإمكانات اللازمة لذلك. معربة عن ثقتها في قدرة المفوضية على تنفيذ خطة الإصلاح المالي والإداري بالشكل المرجو، وفقا للمدى الزمني المحدد من جانب المجلس التنفيذي.
كما يعتبر برنامج إصلاح الاتحاد الإفريقي الذي يجري العمل به منذ عام ٢٠١٦، من الموضوعات المهمة للاتحاد ودوله لتفعيل دوره والمهمة المنوطة به والمتضمنة في قانون التأسيس، وتكتمل الرؤية إزاء هذا الإصلاح وتمكين المفوضية الإفريقية وتعزيز قدراتها في ذات الوقت من خلال مراجعة الأليات ووضع أطر جديدة لعملها وتغيير هيكلها العام.
واستندت مشاركة مصر في القمة إلى إفريقيتها واندماج ذلك بعروبتها بما يسمح لها بتحقيق التكامل بين الإنتماءين، وكذلك سعي مصر في أعقاب ثورتي 25 يناير و30 يونيو إلى استعادة الدور المصري في أفريقيا في ظل العلاقات التاريخية والمصالح الحيوية بينها وبين محيطها الأفريقي، بالإضافة إلى أنها عضو مؤسس في منظمة الوحدة الإفريقية التي تحولت إلى الاتحاد الإفريقي في عام ٢٠٠١، ليكون هو المنظمة الدولية التي تمثل ٥٤ دولة إفريقية في المحافل الدولية.
ورئاسة مصر للاتحاد الإفريقي يعنى نجاح سعيها لاستعادة دورها التاريخي في القارة من خلال رؤية استراتيجية، حيث ستبقى القارة الإفريقية هى الانتماء الأول لمصر وهي الأرض التي تربطها بشبكة مصالح لا تنتهي، واهتمامها بها يعني تلقائيا اهتماما مباشرا بثلثي الوطن العربي، لذا تواصل مصر الاهتمام بتعزيز أواصر التعاون مع دول القارة بصورة شاملة، لتشمل آفاقا أكثر رحابة تركز على مشروعات التنمية بصفة أساسية باعتبارها قاطرة النمو الاقتصادي من جهة، والخدمات الاجتماعية من جهة أخرى، والتنوير والوعي الثقافي من جهة ثالثة، ومن ثم معالجة جذور المشكلات الأمنية الناجمة عن عوامل التهميش ومعاناة الفقر.