دموع وفرحة مع وصول رفات مصريين ذبحتهم الدولة الإسلامية إلى كنيستهم
اختلطت دموع الحزن بدموع الفرح يوم الثلاثاء بعد وصول رفات 20 مسيحيا مصريا ذبحهم تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في ليبيا منذ أكثر من ثلاث سنوات إلى مثواهم الأخير في كنيسة شُيدت لتخليد ذكراهم في إحدى قرى محافظة المنيا جنوبي القاهرة.
وكانت واقعة ذبح الأقباط العشرين دفعت مصر لشن ضربات جوية نادرة داخل ليبيا.
وشعر الأهالي بارتياح لعودة رفات أبنائهم بعد سنوات من الحداد والحزن والأمل الضعيف في استعادة الجثث ودفنها في مصر.
وقال بشري إبراهيم والد كيرلس أحد الضحايا أثناء قداس أقيم على أرواح الضحايا في كنيسة قرية العور التي يرقد فيها الرفات ”هي لحظة رجوع الجثامين برده حزت (أثرت) فينا شوية لأنها فكرت علينا الماضي، فا كل واحد يعني وقف جنب الشهيد بتاعه وبكي شوية.. بكى حنية (اشتياق) مش أكتر، انما احنا كدة فرحانين ومبسوطين ان هما رجعوا البلد وبركة لمصر وبركة للأقباط كلهم في العالم كله“.
وينتمي 13 من الضحايا العشرين إلى العور وهي قرية صغيرة يعيش فيها نحو عشرة آلاف شخص وتتبع مركز سمالوط بمحافظة المنيا بجنوب مصر.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي أمر ببناء كنيسة (شهداء الإيمان والوطن) في قرية العور لتخليد ذكرى الضحايا العشرين بعد فترة قصيرة من الحادث. وافتتحت الكنيسة رسميا في فبراير شباط الماضي.
والسيسي أيضا هو من أمر بشن ضربات جوية على أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا بعد واقعة الذبح.
ووضع رفات الضحايا، الذي نقل على طائرة خاصة من ليبيا إلى مطار القاهرة يوم الاثنين، داخل أنابيب اسطوانية الشكل. وغُطيت كل اسطوانة بقطعة قماش من القطيفة الحمراء منقوش عليها صليب واسم كل ضحية.
ووضعت هذه الاسطوانات متجاورة داخل مقصورة زجاجية في غرفة تقع أسفل مذبح الكنيسة. وأصبحت هذه الغرفة مزارا.
والضحايا العشرون من بين فقراء مصريين كثيرين خاطروا بحياتهم للعثور على عمل في ليبيا التي تعمها الفوضى منذ سقوط معمر القذافي في 2011 وما تلا ذلك من حرب أهلية.
وكان تسجيل مصور للواقعة، بثه تنظيم الدولة الإسلامية على الانترنت، أظهر قطع رؤوس المصريين العشرين ومواطن غاني آخر في فبراير شباط 2015 على شاطئ بمدينة سرت، معقل التنظيم المتشدد في ذلك الحين، حيث كانوا يرتدون ملابس برتقالية أشبه بملابس السجن.
وقال مكين زكي حنا (55 سنة) والد أحد الضحايا ”تمنيت أن يعود ميلاد علي قدميه من ليبيا بعد عنائه وكفاحه بسبب لقمة العيش وسط غربة قاسية، ولكن الحمد لله أنه مات بطلا شهيدا، فلم يستعطف أحدا حتى يبقي علي حياته ولم يحد عن إيمانه بدينه ووطنه هو وأخوته الشهداء“.
وقال بشير اسطفانوس، الذي ذُبح شقيقيه الأصغر في ليبيا، إن أقباط قرية العور كانوا يصلون إلى الله طيلة الأعوام الثلاثة الماضية ويتضرعون ”حتى يظهر الله أجساد الشهداء“. وأضاف قبل وصول الرفات إلى القرية ”استجاب الله لنا فالشكر لله من أعماق قلوبنا“.
وعثرت السلطات الليبية على رفات الضحايا في أكتوبر تشرين الأول الماضي بعد استعادة المنطقة التي كانوا مدفونين فيها من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية.
واستقبل البابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في مصر،الرفات في مطار القاهرة مساء يوم الاثنين.