دراسة: فيتامين (د) لا يحسن العظام
لا تحسن مكملات فيتامين (د) من الكثافة المعدنية للعظام، ولا تقي من الإصابة بالكسور أو التعرض للسقوط بالنسبة للبالغين، وفقاً لدراسة كبيرة تنصح العاملين في مجال الصحة بالتوقف عن توصية أغلبية مرضاهم بتناول هذه المكملات، حسب شبكة CNN الأميركية.
لَطالما ارتبط فيتامين (د) بتخفيض احتمال الإصابة بعددٍ من الأمراض، مثل هشاشة العظام وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى الحفاظ على قوة العظام، ومساعدة الجسم على امتصاص الكالسيوم، وهذا هو السبب في أنَّ كثيرين يتعاطونه أثناء أشهر الشتاء التي تفتقر إلى أشعة الشمس.
لكنَّ الباحثين المشتركين في الدراسة يقولون إنَّه لا توجد سوى أدلة قليلة «تبرر» تناول هذه المكملات، عندما يتعلق الأمر بصحة العظام.
كل هذه الشائعات غير صحيحة
صرَّح الدكتور مارك جي بولاند، وهو الباحث المسؤول عن الدراسة، الذي يعمل أستاذاً مساعداً في جامعة أوكلاند بنيوزيلندا: «وجد تحليلنا الشمولي أنَّ فيتامين (د) لا يقي من الكسور أو السقطات، ولا يُحسن الكثافة المعدنية للعظام، سواء أُعطي بجرعات كبيرة أو صغيرة».
وتؤكد هذه النتائج على دراسة سابقة أشارت إلى أنَّ مكملات فيتامين (د) لا تقي من الإصابة بالأمراض بالنسبة لأغلبية البشر.
وحلَّل البحث، الذي نُشر في مجلة لانسيت المتخصصة في أمراض السكري والغدد الصماء The Lancet Diabetes & Endocrinology، بيانات من 81 عينة عشوائية منتظمة -شملت أكثر من 53 ألف شخص- ونظرت الدراسة فيما إذا كانت المكملات المتاحة من دون وصفة طبية قد ساعدت في الوقاية من الكسور والسقطات وتحسين كثافة العظام، وقد شملت معظم الدراسات نساءً تزيد أعمارهنَّ عن 65 عاماً.
وخلص الفريق إلى أنَّ فيتامين (د) لا يمنع الإصابة بالكسور أو السقطات، وليس له تأثير حقيقي على الكثافة المعدنية في العظام، وتوصلوا إلى أنَّه لا يوجد سوى أدلة قليلة تؤيد تناول هذه المكملات من أجل «الحفاظ على صحة العظام والعضلات أو تحسينها»، مضيفين أنَّه لا توجد حاجة لفحص عينات إضافية.
لكنه يقي من أمراض نادرة
لكنَّ البحث خلُص أيضاً إلى أنَّ المكملات مفيدة في الوقاية من الأمراض النادرة مثل الكساح، وتليِّن العظام في الفئات الأكثر عرضةً لخطر الإصابة بهذه الأمراض. وهي الأمراض التي يُمكن أن تحدث بعد فترة طويلة من عدم التعرض لأشعة الشمس، ما يؤدي إلى نقص فيتامين (د).
فيتامين (د) ليس دواءً لجميع الأمراض
يقترح بولاند أنَّه يجب على الأطباء والعاملين في قطاع الصحة، الذين يوصون المرضى من كبار السن بتناول هذا الفيتامين، باعتباره طريقة للوقاية من هشاشة العظام ومرض تخلُّق العظم الناقص (العظم الزجاجي)، أن يتوقفوا عن ذلك. فقد قال: «يجب أن تتغير الإرشادات الطبية لتعكس هذه النتائج».
وفي مقال كُتب تعليقاً على هذه الدراسة، قال جي. كريس غالاغر، من جامعة كريتون (مدرسة الطب) في كلية أوماها بولاية نبراكسا: «يكمن السياق الذي جاء فيه هذا التحليل في حقيقة أنَّ العديد من الدراسات، إضافةً إلى وسائل التواصل الاجتماعية، قد أقنعت كثيراً من المرضى (والأطباء) بأنَّ فيتامين (د) هو دواء لجميع الأمراض».
ويتابع: «تذكرنا هذه الأفكار بالاعتقاد الذي استشرى قبل سنوات مضت، والذي دعم انتشار استخدام فيتامين (أ)، وفيتامين (ج)، وفيتامين (E)، ولكن ثبت لاحقاً أنَّ جميع التجارب التي أُجريت فيما يتعلق بهذه الفيتامينات كانت سلبية».
وتتضمن الفوائد الصحية المُشار إليها- عدا عن فوائد العظام- الوقاية من السرطان وأمراض القلب، غير أنَّ بحثاً سابقاً وجد أنَّ هذه الفوائد ليست قطعية.
نقاش مستمر حول الفيتامين المثير للجدل
أشار منتقدو دراسة مجلة Lancet إلى أنَّ 6% فقط من العينات أُخذت من التجمعات السكانية المصابة بنقص في فيتامين (د)، في حين أن هؤلاء السكان هم أكثر المستفيدين من مكملات الفيتامين.
وقال أدريان مارتينو، وهو بروفيسور طبي في مجال عدوى الجهاز التنفسي والمناعة في كلية الملكة ماري بلندن: «نعرف من التحليلات الشمولية التي تمكنت من الحصول على بيانات المرضى الشخصية (individual participant data) أنَّ فوائد مكملات فيتامين (د) تميل إلى أن تكون أوضح في الأشخاص الذين يملكون أقل مستوى من فيتامين (د) في دمهم ويبدأون في تناول المكملات».
ويشير آخرون إلى أنَّ العينات في التحليل الشمولي مأخوذة من عدد قليل من المشاركين الذين كانت مدة استخدامهم للمكملات قصيرة.
وقال الدكتور روبرت كلارك، أستاذ علم الأوبئة والصحة العامة في جامعة أوكسفورد: «يتضمن التقرير جميع العينات المتوفرة لفيتامين (د)، لكنَّ هذه العينات شملت عدداً قليلاً من المشاركين الذين تناولوا جرعة غير كافية من فيتامين (د) خلال فترة قصيرة لا تكفي لظهور النتائج».
وأضاف: «وبالتالي، افتقرت الدراسة إلى إمكانية فحص آثار استخدام فيتامين (د) على خطر الإصابة بكسر في الورك بشكل صحيح. أي أنَّه من السابق لأوانه اقتراح إحداث تغييرات في التوصيات الصحية المتعلقة باستخدام فيتامين (د) من أجل الحفاظ على صحة العظام، استناداً على هذه الدراسة».
تتعرض إيجابيات وسلبيات مكملات فيتامين (د) للنقاش منذ زمن طويل، وقد رافقه قلق البعض من الآثار السلبية التي يُمكن أن تحدث إذا توقف الأشخاص المصابون بنقص فيتامين (د) عن تناول هذه المكملات.
يوجد فيتامين (د) في مجموعة متنوعة من الأطعمة. وتحتوي الأسماك الغنية بالزيوت، مثل التونة والسلمون والقد والماكريل، على مستويات عالية منه. كما يوجد في أطعمة أخرى، مثل الحليب وعصير البرتقال.
وفي تقرير سابق، قال الدكتور كليفورد روزين، وهو أستاذ في الطب بجامعة تافتس (مدرسة الطب)، وعالم كبير في مركز ماين الطبي، متحدثاً لـ CNN، إنَّ الحصول على فيتامين (د) من الشمس والطعام أفضل بشكل عام من الحصول عليه من المكملات.