دراسة: التواجد العسكري الأمريكي في أفريقيا زاد من عدد الجماعات الإرهابية
سلطت مجلة “ذا انترسيبت” الأمريكية الضوء علي دراسة أجراها المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، تتناول فيها زيادة الجماعات الجهادية الإرهابية في افريقيا مع انتشار الوجود العسكري الأمريكي الذي تزامن مع إنشاء قيادة افريقية.
وأوضحت الدراسة انه مع توسع العمليات الأمريكية في القارة وزيادة مستوى الوجود العسكري زادت قدرات الجهاديين، واشارت إلي أن عدد الجنود الأمريكيين منذ بداية القيادة المركزية لإفريقيا أو أفريكوم ارتفع 170% أي من 2.600 إلى 7.000 جندي.
فيما زادت العمليات العسكرية وبرامج التدريب والمناورات العسكرية بنسبة 1.900% من 73 برنامجا ومناورة إلى 3.500. وارتفعت عمليات الدرون وعدد وحدات الكوماندوز التي نشرت حول القارة أضعافا مضاعفة، إلى جانب حجم وترميز القيادة المركزية وقواعدها العسكرية.
وكشف التقرير أيضا أن الولايات المتحدة أطلقت وسمت في الفترة الماضية 36 عملية ونشاطا في إفريقيا، أكثر من أي مكان في المنطقة أو العالم بما في ذلك الشرق الأوسط الكبير. وتقوم القوات الأمريكية المنتشرة حول القارة بتقديم استشارات وتدريب والمشاركة مع القوات المحلية وجمع المعلومات الاستخباراتية وعمليات مراقبة وشن غارات جوية وأرضية تركز على “التطرف العنيف” في القارة الإفريقية.
وجاء في بيان مهمة وأهداف أفريكوم أنها تعمل على تفكيك وتحييد التهديدات العابرات للحدود، ومن أجل “تعزيز الأمن الإقليمي والاستقرار والازدهار”. وخلافا لهذا الهدف إلا أن هناك إشارات عن تراجع الأمن والاستقرار في إفريقيا منذ بداية القيادة المركزية عملها، حسبما أورد تقرير المركز الإفريقي في وزارة الدفاع.
وبحسب تحليل للمركز “فقد زاد مجمل نشاطات الجماعات الإسلامية المتشددة في إفريقيا الضعف منذ عام 2012”. وهناك 24 جماعة إسلامية متشددة ناشطة في القارة، بعدما كان عددها في عام 2010 خمسة. وهناك 13 دولة إفريقية أصبحت في خطر هجمات من هذه الجماعات أي بزيادة 160% في المدة نفسها.
أما عن “أحداث العنف” في القارة فقد ارتفعت بنسبة 960% من 288 حادثا عام 2009 إلى 3.050 حادثا عام 2018. ورغم حديث الخبراء عن عوامل أخرى أسهمت في زيادة أحداث العنف في إفريقيا إلا أن التداخل بينها ووجود القيادة المركزية الأمريكية ليس مصادفة.
ويقول ويليام هارتونج، مدير مشروع التسليح والأمن في المركز للسياسات الدولية، إن “الزيادة الحادة في الحوادث في إفريقيا يؤكد حقيقة أن نهج البنتاغون العسكري الواضح للمشكلة كان فشلا ذريعا”.
وأضاف أن “محاولة سحق مشكلة الإرهاب بالقوة ربما أسهم في مفاقمة المشكلة، وأدى لاستفزاز ردة فعل إرهابية وخدم كوسيلة للتجنيد لدى الجماعات المتطرفة”. خذ مثلا الصومال، فعلى مدى العقد الماضي شنت أفريكوم مئات الغارات، وعمليات الكوماندوز هناك قالت إنها قتلت 800 من الإرهابيين، معظمهم من حركة الشباب. وزاد عدد الغارات الجوية أضعافا من 14 غارة عام 2016 في ظل باراك أوباما إلى 47 غارة في ظل دونالد ترامب العام الماضي.
إلا أن تحليل البنتاجون نفسها يشير إلى أن حصة حركة الشباب من الحوادث العنيفة في القارة هي 50% من مجمل العمليات كلها، وأن هذه النسبة لم تتغير منذ العقد الماضي.
وفي أكتوبر 2017 قامت عناصر تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى بمداهمة القوات الأمريكية قرب الحدود بين مالي والنيجر، وقتلوا أربعة من الجنود الأمريكيين وجرحوا اثنين.
وفي البداية، قالت واشنطن إن القتلى كانوا ضمن فرقة تقدم الاستشارة والتدريب للقوات المحلية، إلا أن ما كشف لاحقا أشار إلى أن الجنود كانوا يعملون مع القوات في النيجر، وكانوا يأملون بالاتصال مع فرقة كوماندوز أمريكية أخرى لقتل أو اعتقال قائد تنظيم الدولة الإسلامية دوندون شيفو، ولكن الظروف الجوية حالت دون ذلك، حيث تم عزل القوات القادمة من النيجر.
ورغم الجهود هذه وعدد آخر من العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة، إلا أن الجماعات الجهادية في منطقة الساحل والصحراء زادت عددا ونشاطا، حسب المركز الإفريقي. وفي الحقيقة فقد زادت العمليات المرتبطة بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى من 192 عملية عام 2017 إلى 464 العام الماضي.
كما أن القتلى جراء هذه العمليات تضاعف من 529 إلى 1112، وهذا تطور مهم في ضوء التقرير الذي أعده مركز الدراسات الإستراتيجية في كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي عام 2000، وهي الدراسة التي فحصت “المناخ الأمني الإفريقي”، ولاحظ وجود جماعات انفصالية وحركات تمرد في “الدول الضعيفة” إلى جانب “جيوش أمراء الحرب”، ولكنه لم يذكر شيئا عن الجماعات الإسلامية المتطرفة باعتبارها أكبر تهديد إرهابي عابر للحدود.
ويتحدث المركز الإفريقي الآن عن 24 جماعة إسلامية متشددة ناشطة. فيما وضعت قوائم رسمية أخرى العدد بـ50 جماعة تضم تلك التي تقوم بنشاطات غير شرعية.