“خليفة بوتفليقة” يحشد قوته.. سر الاجتماع الغامض بين رجال جنرال جزائري قوي ومسؤولين أميركيين في باريس
يبدو أن البحث عن خليفة للرئيس الجزائري الذي يعاني من مشاكل صحية كبيرة، يجري على قدم وساق، في ظل رغبة أطراف داخل المؤسسة العسكرية تقديم نفسها للدوائر الأمنية والاستخباراتية الأميركية على أنها المرشح الأمثل.
ومن بين الأشخاص الطامحين في خلافة بوتفليقة، رئيس جهاز المخابرات الجزائري (دائرة الاستعلام والأمن) السابق، محمد مدين، المشهور باسم الجنرال توفيق، الذي أرسل أحد معاونيه الأوفياء علي غديري إلى باريس لحضور لقاء سري بهذا الشأن بحسب تقرير لصحيفة Mondafrique الفرنسية.
وبحسب الصحيفة الفرنسية التقى غديري، خلال الأسبوع الماضي الجهاز الأمني الأميركي التابع للسفارة الأميركية في باريس التي أضحت قاعدة خلفية لاحتضان اللقاءات السرية.
وقاد توفيق الجنرال القوي دائرة الاستعلام والأمن على امتداد ربع قرن. وكشف هذا الاجتماع عن نية شبكات الجنرال توفيق في اكتساب ثقل ولعب دور بشأن خلافة الرئيس بوتفليقة.
وتظل باريس قاعدة خلفية هامة لاحتضان اللقاءات السرية بالنسبة لبعض المسؤولين الجزائريين. فخلال الأسبوع الماضي، عٌقد اجتماع سري في سفارة الولايات المتحدة الأميركية في فرنسا بين ممثلين عن الأجهزة الأمنية الأميركية وشخصيتيْن جزائريتيْن، بحسب الصحيفة الفرنسية.
وقد تمثلت الشخصية الأولى في الجنرال علي غديري، أما الشخصية الثانية، فكانت عبد المالك سلال، الذي تولى منصب وزير الشؤون الاجتماعية، قبل أن يتم تعيينه رئيساً للوزراء سابقاً، فضلاً عن أنه عضو في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر الأحزاب السياسية في الجزائر.
ويبدو أن هذيْن المبعوثيْن الخاصيْن باسم الجنرال توفيق قد حلا بباريس للتأكيد على المصداقية التي يتحلى بها زعيمهما الجنرال لدى الخلية الأمنية الأميركية التي تراقب، انطلاقاً من باريس، المستجدات السياسية في الجزائر، بحسب الصحيفة الفرنسية.
التميز والاضمحلال
وخلال سنة 2015، عملت الرئاسة الجزائرية، الحليفة لهيئة أركان الجيش الشعبي، على استبعاد الجنرال توفيق. ويدين الجنرال علي غديري بالفضل في مسيرته العسكرية للجنرال توفيق، كما أنه رجله المفضل نظراً لأنه كان يقف وراء أغلب ترقياته المتتالية، التي اصطدمت باستبعاد مدين.
وبالفعل، سرعان ما تم إعفاء المسؤول الرفيع، ومدير المستخدمين بوزارة الدفاع الوطني، علي غديري، من مهامه، في الوقت الذي لم يخف فيه طموحه في تقلد مناصب أخرى. فخلال تلك الفترة، كانت العلاقات متوترة مع رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي الحالي، قايد صالح، الذي عرف بعدائه للجنرال توفيق وضباطه.
دائرة الاستعلام والأمن سابقاً ما زالت نشطة
مع اقتراب نهاية شهر رمضان، يبدو أن صراعاً سياسياً بدأ يلوح من جديد في الجزائر خاصة على خلفية احتدام المنافسة على خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يعاني من مشاكل صحية قد تحول دون ترشحه لولاية خامسة.
وقد قرر محمد مدين، الذي أطلق عليه لقب “الجنرال توفيق” خلال أيام مجده، تحريك شبكاته لاكتساب ثقل في عملية خلافة بوتفليقة. وبغض النظر عن أجهزة الأمن الأميركية التي تربطه بها علاقات جيدة، تقرب ضباط الجنرال توفيق أيضاً من ثلاثة أحزاب سياسية في الجزائر، من بينها الأحزاب الإسلامية المتمثلة في كل من حركة مجتمع السلم وحزب جيل جديد، الذي أسسه سفيان جيلالي، بحسب الصحيفة الفرنسية.
في الأثناء، يقوم جنرالان آخران بمناورات على الجبهة السياسية الجزائرية، وهما كل من الجنرال محمد طاهر يعلى، التابع للبحرية العسكرية، وجنرال آخر غامض لا تعرف صحيفة Mondafrique سوى كنيته حيث يدعى “الجنرال مراد”.
وبين جدران القصر الرئاسي الجزائري، يراقب العديد عن كثب محاولة أصدقاء الجنرال توفيق استعادة ذلك النفوذ الذي فقدوه سنة 2015، علاوة على اتخاذ القرار بشأن الخيارات الحاسمة في الحياة السياسية الجزائرية.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مصدر في دوائر الحكم الجزائرية اشترط عدم ذكر اسمه، إلى أن “شبكات دائرة الاستعلام والأمن، بالإضافة إلى الجيش، تعتبر العمود الفقري لهذه الدولة. أما البقية، الذين يتمثلون خاصة في الطبقة الحاكمة فقد أضحت لهم أهمية بفضل عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه سعيد. ولكن لا يمكن التعويل على هذه الأقلية كثيراً باعتبار أنها ستنضم في نهاية المطاف للطرف الأقوى”.
وفي الوقت الراهن، يعد الجهاز العسكري والأمني الأقوى في الجزائر، رغم أنه يعاني من انقسام حاد.