خلاف بين عائلة موجابي والحكومة حول مكان دفن جثمانه بسبب وصية مزعومة للراحل
قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية إن جدالاً كبيراً اندلع بين المسؤولين وأفراد الأسرة الرئيس السابق روبرت موجابي بشأن ترتيبات جنازة الراحل الرئيس الزيمبابوي السابق الذي توفي في سنغافورة الأسبوع الماضي عن عمرٍ يناهز 95 عاماً.
خلاف بين المسؤولين وأسرة روبرت موغابي بسبب ترتيبات الجنازة
وحسب الصحيفة البريطانية، يُعتَقَد أن أعضاءً رفيعي المستوى في حزب الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي/الجبهة الوطنية أخبروا أسرة موغابي المقربة بضرورة دفن رفاته في نصب تذكاري على قمة تل خارج مدينة هراري، عاصمة زيمبابوي، في أعقاب حفل تأبين يقام في الملعب الوطني القريب، بحضور العشرات من القادة الأفارقة البارزين.
غير أن أصدقاء وحلفاء غريس، زوجة موغابي الثانية، قالوا إن الديكتاتور الراحل كان قد أعرب عن رغبته في أن يدفن في مدينة زفيمبا، مسقط رأسه، الواقعة على بعد حوالي 100 كيلومتر من العاصمة هراري، وفي حضور أقرب الأقربين فقط.
قالوا إن موغابي، الذي أطيح في انقلاب عسكري في نوفمبر لعام 2017، لا يريد أن يُستَغَل موته لتحقيق مكاسب سياسية بواسطة خلفائه.
ومازال جثمان موغابي في سنغافورة حيث توفي هناك
ولم يُبعَث برفات موغابي بعد من سنغافورة، حيث توفي في عيادة خاصة. لذا يتواجد العديد من أفراد أسرته المقربين هناك، بما في ذلك أرملته، إلى جانب فريق من كبار المسؤولين.
وأعلن الرئيس الزيمبابوي إيمرسون منانغوا، مساء الجمعة 6 سبتمبر، أن موغابي «بطل قومي» وأمر بأيام حداد قبل الدفن. وعلى الرغم من أنه لم يقدم أي تفاصيل بشأن ترتيبات الجنازة، لكن اختياره للكلمات يشير إلى رغبته في أن يُدفَن موغابي في ما يُسمَّى بـ»أكر أبطال الوطن»، وهو نصبٌ تذكاري لأبطال حرب استقلال زيمبابوي التي أطاحت بنظام سيادة البيض في المستعمرة البريطانية السابقة.
صُمِّمَت المقبرة بواسطة مهندسين معماريين زيمبابويين وكوريين شماليين، وتطل على العاصمة هراري، وتتزيَّن بتمثالٍ برونزي ضخم يضم ثلاثة من مقاتلي حرب العصابات وشعلة أبدية فوق برج يبلغ طوله 40 متراً.
على الرغم من أن معظم سنوات حكم موغابي، التي دامت 37 عاماً، كانت تتسم بالعنف وسوء الإدارة الاقتصادية والفساد، كان مقاتل حرب العصابات السابق لا يزال يحظى بالتبجيل باعتباره قائد تحرير. وينظر إليه كثيرون في زيمبابوي بصفته بطلاً قومياً، متذكرين دوره في الحرب ضد حكم البيض.
ورغم ديكتاتورية الرئيس الراحل إلا أنه مازال يتمتع بشعبية في البلاد
صحيحٌ أن الأعلام نُكِّسَت الجمعة، لكن لم تكن هناك أنشطة عامة للاحتفاء بوفاة رجل يتضمن إرثه اقتصاداً مُحطَّماً، ووضعاً منبوذاً على الصعيد الدولي ونظاماً سياسياً قمعياً يهيمن عليه الحزب الحاكم.
على جانب آخر، وجَّهَت صحيفة Herald التي تديرها الدولة، والتي شوهت موغابي عندما أجبر على الاستقالة وعندما أعرب في وقت لاحق عن دعمه للمعارضة، تحيةً حارة للرئيس السابق.
أشادت الصحيفة، التي غالباً ما تكون بمثابة لسان حال الحكومة، بموغابي في «طبعة تذكارية»، «لموقفه الثابت فيما يتعلق بحقوق الأفارقة».
يقول بليسينغ مايلز تندي، الأستاذ المساعد للسياسة الإفريقية بجامعة أوكسفورد: «سيكون من المحرج جداً لمنانغوا وغيره أن تُقام الجنازة في زفيمبا وتحصر على أفراد أسرته. إذ برروا أفعالهم دائماً باعتبارها تستهدف المحيطين بموغابي، لا هو، موضحين أنهم يحسنون معاملته. هذا هو الفصل الأخير، وهم بحاجة إلى كتابته جيداً».
وأوضح مسؤولون أنهم فوجئوا بالمرارة الجلية التي دفعت الديكتاتور السابق لتجنُّب فكرة الجنازة الرسمية. وصرَّح مسؤولٌ كبير في الحزب لصحيفة the Observer البريطانية: «إن الأسرة متورطة بشدة في الوضع الراهن. فالجنازة ممولة من الدولة، وجميع نفقات الذهاب والعودة إلى سنغافورة مدفوعة، وهو ما ينبغي أن يساعد في عملية نقله».
وتابع: «أُثيرَت النقاشات حول هذا الموضوع من قبل واستمرت لشهور. إذ تأخذ عملية طويلة من التعاون مجراها قبل أن تصل هذه الأخبار إلى الجمهور».
وأضاف: «إن أفراد الأسرة الخمسة الذين ذهبوا إلى سنغافورة لم يعودوا بعد، وأولئك الذين هم هنا ينخرطون كذلك في مناقشات فيما بينهم».
ووصلت حالة الانقسام حول مكان دفن موغابي إلى أسرته أيضاً
يُذكَر أن أقارب موغابي أنفسهم منقسمون أيضاً حول مكان وطبيعة الجنازة. يقول ليو موغابي، ابن شقيق الرئيس الراحل، إن القرار لم يتحدد بعد، لكنه نفى أن يكون عمه أصدر تعليمات صريحة بشأن مثواه الأخير.
إذ يقول: «ننتظر عودة الجثمان إلى الوطن قبل معرفة الخطة الكاملة. علاوة على أننا لم نناقش عمي قط قبل وفاته حول المكان الذي يرغب أن يُدفن فيه، لذا لا يزال الأمر غامضاً».
وقال سيمون خيا مويو، المتحدث باسم حزب الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي/الجبهة الوطنية والذي يعرف باسم حزب زانو، إن دفن موغابي في «أكر أبطال الوطن» كان أمراً حتمياً ما لم تقرر أسرته غير ذلك.
وقال مويو: «إن الجثمان لم يصل بعد إلى زيمبابوي، لذا لا يمكننا التأكد من ترتيبات الدفن. تخوض الأسرة نقاشات بالفعل فيما بينها. أعلن موغابي بطلاً قومياً لذا يجب دفنه حسب العادات في أكر الأبطال القوميين، لكن الأمر متروك للعائلة ولما كان موغابي أن يريده، وهو ما سنعرفه عند وصول الجثمان فقط».
وكان موغابي أبرز الأعضاء الباقين على قيد الحياة من الجيل الذي ناضل من أجل تحرير بلادهم من الحكم الاستعماري الأوروبي في إفريقيا.
ويعاني الملايين في زيمبابوي من أزمات اقتصادية طاحنة
وقال بيرس بيغو، الخبير في شؤون زيمبابوي لدى مجموعة الأزمات الدولية: «يشير موت موغابي إلى أن حقبة قيادة حركة التحرير في الستينيات تشارف على الانتهاء».
يواجه ملايين الزيمبابويين الآن مشاكل سوء التغذية، والزيادة في معدلات التضخم، والبطالة بنسبة تصل إلى 80% بالإضافة إلى البنية التحتية المتهالكة. علاوة على ذلك، تعاني البلاد نقصاً في إمدادات الأدوية ويشيع بها انقطاع الكهرباء.
وبحسب صحيفة the Daily News، نشر عنوان في الصفحة الأولى لجريدة خاصة تصدر في زيمبابوي يقول: «وفاة موغابي تؤرخ نهاية حقبة، وتترك زيمبابوي في فقر وانقسام».
وقال تنداي بيتي، وزير المالية السابق والسياسي المعارض الذي تعرض للتعذيب من قبل أتباع موجابي، إن الديكتاتور كان نتاج حقبة من النضال. إذ كان ضحية للنظام الذي خلقه. وأوضح بيتي الذي يشغل منصب نائب برلماني ونائب رئيس حركة التغيير الديمقراطي، أن الثورة أكلت أطفالها وأن موغابي كان أول طفل يولد من رحم تلك الثورة.