حزب النهضة الإسلامي يعلن فوزه في أول انتخابات بلدية في تونس
أعلن مسؤولون من حزب النهضة الإسلامي في تونس يوم الاحد فوز حزبهم متقدما على منافسه العلماني نداء في أول انتخابات بلدية حرة في خطوة أخرى لترسيخ الانتقال الديمقراطي في البلاد.
والانتخابات البلدية أيضا فرصة حقيقية لتثبيت حكم محلي فعلي والتوجه للامركزية في تونس بعد عقود من سيطرة الحكومة المركزية على سلطة القرار وتهميش المناطق الداخلية.
وقال القيادي في النهضة لطفي زيتون لرويترز بعد فرز الأصوات في مراكز الاقتراع ”النهضة فاز في الانتخابات متقدما على نداء تونس بفارق يصل 5 بالمئة … فوزنا هو تتويج لانفتاح النهضة وبحثها الخيار الديمقراطي والتوافق الذي عمل عليه رئيس الحركة راشد الغنوشي“.
وأقر القيادي بنداء تونس برهان بسيس بتقدم النهضة على نداء تونس بفارق من ثلاثة إلى خمسة بالمئة.
وأمام مقر النهضة تجمع بضعة مئات من أنصار النهضة رافعين أعلام تونس وأعلام النهضة ورددوا الأهازيج واشعلوا الألعاب النارية احتفالا بالفوز.
وقال عماد الخميري المتحدث باسم حركة النهضة للصحفيين ”النهضة فازت وفقا للأرقام الأولية…المهم في هذه النتائج الأولية أن الحزبين الكبيرين النهضة ونداء تونس فازا وهذا مهم بالنسبة للتوازن السياسي في البلاد“.
وقالت الهيئة المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 33.7 بالمئة بنهاية التصويت.
ومن مجموع 5.3 مليون ناخب تونسي مسجل، صوت حوالي 1.796 مليون ناخب في هذه الانتخابات لاختيار ممثليهم في 350 دائرة بلدية بمختلف جهات البلاد وهي خطوة هامة لإرساء تجربة الحكم المحلي ونظام اللامركزية الذي نصّ عليه الباب السابع من الدستور.
ووفقا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتنافس أكثر من 57 ألف مرشح كثيرون منهم من النساء والشباب.
ويتوقع أن يحصد حزب النهضة الإسلامي ومنافسه العلماني نداء تونس غالبية المقاعد بينما تسعى أحزاب المعارضة إلى تعزيز حضورها واقتناص مكاسب هامة في هذه الانتخابات. كما تسعى قوائم مستقلة عديدة يترأسها شبان إلى تحقيق المفاجأة.
وفي ظل عزوف شبابي واضح عن الانتخابات بسبب خيبة الأمل مع تفشي البطالة وخصوصا في صفوف الشباب، دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي التونسيين يوم الجمعة للتوجه لصناديق الاقتراع لاختيار مرشحيهم.
وقال ”هذا الأحد لن يكون كالمعتاد، لأول مرة الشعب التونسي مدعو للمشاركة في الانتخابات البلدية… على الشعب التونسي التجند للتصويت… الدستور منح التونسيين حق تقرير المصير وهذه مناسبة لنختار من نريد“.
وقال محمد علي العبادي بعد خروجه من مكتب الاقتراع بمنطقة لافيات في العاصمة تونس ”أعطيت صوتي لمن أراه قادرا على التغيير… تغيير المحيط وتغيير البنية التحتية المهترئة وتحسين الوضع البيئي في جهتنا… اليوم سيصبح لدينا فعلا حكم محلي في تونس“.
وأضاف ”كنت أنوي مقاطعة الانتخابات البلدية ولكني تراجعت في آخر لحظة… كيف أقاطع ونحن في تونس من الدول القليلة في العالم العربي نتمتع بفرصة حقيقية في ممارسة حقنا بحرية وديمقراطية“.
وأشارت تقارير إلى حدوث مواجهات بين قوائم حزبية في عدة مناطق.
وقررت الهيئة المستقلة للانتخابات تأجيل الانتخابات في ثمانية مراكز انتخابية بمدينة المظيلة جنوب البلاد بعد خطأ في ورقة التصويت أثار احتجاج رؤساء قوائم انتخابية.
وأشارت أحزاب إلى حدوث انتهاكات في عدة مناطق من بينها محاولة التأثير على الناخبين وتوزيع أموال.
وأقر عضو هيئة الانتخابات عادل البيرنصي بحدوث بعض الانتهاكات ولكنه قال إنها انتهاكات غير كبيرة ولا تأثير لها على سير ونتيجة الانتخابات.
ومن المتوقع إعلان النتائج في اليومين المقبلين على أقصى تقدير.
وتكدس كثير من الشبان في المقاهي بدل التوجه إلى مكاتب الاقتراع. وقال رمزي وهو شاب كان يجلس في مقهى مع ثلاثة أصدقاء له ”لن أنتخب ولا يهمني أحد… ما يهمني فقط هو الحصول على وظيفة… لا أحد اهتم لأمرنا في السنوات الماضية ونحن نعاني البطالة والتهميش… اليوم كلهم يتجهون صوبنا لكسب أصواتنا“.
ولاقت تونس إشادة لكونها قصة النجاح الوحيدة في ثورات الربيع العربي إذ أطاحت برئيسها السلطوي زين العابدين بن علي الذي حكمها لسنوات طويلة دون أن يتسبب ذلك في الكثير من العنف أو حرب أهلية أو العودة إلى الحكم الاستبدادي.
لكن منذ فترة طويلة أفسح الحماس للتغيير الديمقراطي الطريق للغضب من مستويات المعيشة المنخفضة والتي دفعت بعض التونسيين لعبور البحر المتوسط في رحلات الهجرة غير الشرعية المحفوفة بالأخطار إلى أوروبا بحثا عن عمل كما دفعت قلة للتحول إلى التشدد الإسلامي.
والتحدي الأكبر أمام المجالس البلدية الجديدة هو تحقيق توقعات الناخبين فيما يتعلق بزيادة ميزانيات البلديات في دولة تصدر فيها الحكومة المركزية القرارات الرئيسية بشأن كيفية إنفاق الأموال.
وهناك قانون جديد يتصور نقلا تدريجيا لصناعة القرار إلى المستوى المحلي لكن لا يزال من غير الواضح كيف سينفذ ذلك عمليا.
ويريد المانحون الغربيون تقديم تمويل للمجالس البلدية لبدء مشروعات من أول يوم عمل لها. ويضاف هذا إلى قروض من صندوق النقد الدولي وعدة دول الهدف منها مساعدة تونس في التغلب على عجز في الميزانية تسبب فيه الاضطراب السياسي وإنفاق القطاع العام وهو من بين أعلى معدلات الإنفاق من نوعه في العالم.
وتقدم المنظمات غير الحكومية الأجنبية دعما نشطا للانتخابات البلدية في محاولة لمساعدة التونسيين على بناء الديمقراطية على مستوى القاعدة الشعبية.