جيروزاليم بوست: المجال الجوي العراقي بات مفتوحا أمام إسرائيل لضرب إيران
نشرت صحيفة “جيروزايم بوست” الإسرائيلية الخميس تقريرا بعنوان “المجال الجوي العراقي بات مفتوحا أمام إسرائيل لضرب إيران”، ويتناول على وجه التحديد توجيه ضربات إسرائيلية للميليشيات العراقية الموالية لطهران، داخل الأراضي العراقية.
وبحسب التقرير، يبدو أن إسرائيل في طريقها إلى توسيع نطاق عملياتها شرقا، وتحديدا إلى العراق، بعد أن أصبحت التجمعات والمواقع الإيرانية في سوريا أهدافا للضربات الإسرائيلية.
وتكشف الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة في سوريا أن أنظمة الدفاع الجوي التي وفرتها روسيا لدمشق غير كافية لوقف الهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في البلد الذي مزقته الحرب لسنوات.
ووفقا للجيروزليم بوست، فإن إسرائيل قد تغير قريبا من مسار عملياتها ليطال أهداف إيرانية تتجاوز الحدود السورية إلى الداخل العراقي.
ويشدد التقرير على أن المجال الجوي العراقي لا يتمتع بحماية الدفاعات الجوية، وأن الفراغ السياسي في تلك الدولة عميق جدا بحيث لا تستطيع الحكومة فرض سيادتها على كامل التراب العراقي.
وكشفت الصحيفة الإسرائيلية أنه لم يتم حتى الآن اختبار منظومات أس 300 الدفاعية الروسية فيما يخص الضربات الجوية الإسرائيلية، وأن الجيش السوري لم يستخدم هذه المنظومات لردع الغارات الإسرائيلية على أهداف إيرانية وسورية مختلفة في جنوب سوريا.
وأوضحت تقارير إعلامية أن سوريا لم تستخدم سوى منظومات “أس 200” التي أسقطت عن طريق الخطأ طائرة روسية في سبتمبر 2018، الأمر الذي دفع موسكو إلى تزويد دمشق بصواريخ أس 300 وأنظمة رادار أكثر تطورا من سابقاتها.
وعلى الرغم من إعلان دمشق وموسكو أن الدفاعات الجوية السورية تمكنت من إسقاط واعتراض الغالبية العظمى من الصواريخ الإسرائيلية، التي يقال إنها أطلقت من الأجواء اللبنانية، فإنه لا يعرف بعد ما إذا كانت منظومات أس 300 قادرة على الدفاع عن سوريا في وجه “إسرائيل الأكثر تقدما وتطورا”.
وبينما تتوالى الأخبار عن غارات جوية إسرائيلية على أهداف تابعة لإيران في جميع أنحاء سوريا، ظهر ادعاء آخر مثير للاهتمام في الإعلام العراقي الأسبوع الماضي مفاده أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حذر الحكومة العراقية المركزية من ضربات جوية إسرائيلية محتملة ضد الميليشيات الشيعية في ذلك البلد.
وزعمت وسائل الإعلام العراقية أن بومبيو أوضح لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أن الحكومة الأميركية ستحجم عن اتخاذ إجراء “إذا بدأت الصواريخ الإسرائيلية تمطر على أهداف إيرانية داخل العراق”.
ويعتبر خبراء أن الفصائل الشيعية، الموالية لإيران التي نجحت في الوصول إلى البرلمان العراقي كثاني أكبر كتلة في الانتخابات الأخيرة في مايو 2018، تشكل تحديا للعالم وللحكومة العراقية المركزية على حد سواء.
وكانت المحاولة السياسة الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي تهدف إلى وضع الفصائل الشيعية (الحشد الشعبي) تحت مظلة الحكومة بينما كان يسعى إلى إقالة مستشار الأمن القومي المسؤول عن الحشد، فالح الفياض، وتولي المنصب بنفسه.
لكن مع الحكومة العرقية الجديدة، استعاد فياض، الذي لا يرى ضرورة لإخفاء صلاته بإيران، هذا المنصب في عهد المهدي، بل تم ترشيحه لمنصب وزير الداخلية.
وكان الجدل بشأن فياض أحدث مأزقا سياسيا في بغداد، حيث ما زال العراق ينتظر تعيين شخص في منصب وزير الداخلية للتعامل مع الوضع الأمني الأكثر هشاشة في العالم، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
ومؤخرا ظهرت تقارير تشير إلى الولايات المتحدة مهتمة بشأن حملة جوية إسرائيلية محتملة تستهدف الفصائل الشيعية العراقية الموالية لإيران مع استمرار الجدل حول سيطرة الحكومة على المليشيات.
غير أن الحقيقة الوحيدة المعروفة في إطار الجمود السياسي المعقد للغاية في العراق هي أن “الحكومة العراقية قد تخلت عن سباق السيطرة على فصائل الحشد الشعبي، بينما تتبلور صورة جديدة مفادها أن عدم فقدان الحكومة لصالح المليشيات الإيرانية بالكامل”.
في الأثناء، ما زال الجسر البري الإيراني إلى بلاد الشام يعمل بشكل فعال ومن دون أي اضطراب، ومن المرجح أن يصبح أكثر فاعلية في المستقبل القريب، وتحديدا فيما تستعد القوات الأميركية للانسحاب من سوريا.
ووفقا للجيروزليم بوست، فإن إسرائيل هي القوة الوحيدة حتى الآن التي وقفت في وجه الهدف الاستراتيجي الكبير لنظام الملالي بربط بيروت مع طهران عبر طريق بري آمن.
وتبدي إدارة ترامب ثقة زائدة في أن تحد العقوبات المتجددة على طهران من قدرات إيران الإقليمية بما يبقي إسرائيل وحدها منفردة لفترة أطول في كونها القوة العسكرية الوقائية الوحيدة ضد إيران.
وكما يبدو واضحا، فإن الجسر البري الإيراني لا يتعلق فقط بنقل المعدات العسكرية إلى بلاد الشام، بل هو مشروع أكثر تطورا يستلزم إنشاء قوات بالوكالة ورعايتها وقيادتها.
ودخول العراق على الصورة ليس بسبب موقعه الجغرافي الاستراتيجي المتاخم لسوريا فحسب، ولكن أيضا بسبب سكانه الشيعة الموالين للنظام في إيران واستعداد الفصائل الشيعية الكبيرة لمواصلة القتال تحت الراية الإيرانية.
وبالنسبة لإيران، فإن العراق يعد أكثر أمنا من سوريا، حيث غالبية السكان هم من العرب السنة “الذين يحكمهم عميل إيراني ضعيف إلى حد ما، والذي لا يمكن أن يكون بديلا عن وكلاء إيرانيين المخلصين داخل وخارج الحكومة العراقية والجيش”.
وعلى فرض أن سوريا أكملت في نهاية المطاف تنصيب صواريخ أس 300 وأتقنت استخدام أنظمة الرادار الروسية المعقدة في مطاردة المقاتلات الإسرائيلية التي تنتهك مجالها الجوي لضرب أهداف إيرانية، فإن المجال الجوي للعراق سيظل بلا حول ولا قوة من الناحية الدفاعية ضد إسرائيل.
على الرغم من أن الحسابات تشير إلى إن تكنولوجيات الدفاع الجوي الروسية يمكن أن تنقذ سوريا، فإنه ليس لدى روسيا النية للتدخل في الأزمات السياسية والأمنية في العراق من أجل حماية الميليشيات المدعومة من إيران، كما أن الولايات المتحدة تحاول إيصال رسائل بأنها ستتقاعس عن أي عمل في حال استهداف الميليشيات الشيعية الموالية لإيران بواسطة ضربات جوية إسرائيلية.
وإذا قررت إسرائيل ضرب وكلاء إيران في العراق، فلن تواجه مقاتلاتها أي مقاومة فحسب، بل سيكون هناك العديد من الفصائل المحلية الراغبة في تبادل المعلومات الاستخباراتية حول مكان وجود الوكلاء الإيرانيين في البلاد أيضا.