جزيرة مالطا تتسبب في خسارة ليبيا مليار دولار كل عام
تحولت جزيرة مالطا إلى مأوى لمهرِّبي النفط من ليبيا، بعدما أخفقت الحكومة في منع تهريب الوقود بصورة غير مشروعة.
وحذَّر مراقبون دوليون من أن مالطا تسهم في زعزعة استقرار ليبيا، وتكلِّف البلاد نحو مليار دولار من العائدات المفقودة سنوياً، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
ووجدت التحريات التي يجريها مشروع دافني، وهو اتحاد يتألف من 18 مؤسسة إعلامية تبنت قصصاً تتبعتها الصحفية المالطية التي لقيت مصرعها دافني كاروانا جاليزيا، أدلة تشير إلى إخفاق مالطا في التحرك بناءً على مطالبات السلطات الإيطالية بمحاولة منع التجارة غير المشروعة.
ووجد شركاء صحيفة The Guardian في المشروع، بقيادة مشروع تقارير التحقيقات في إيطاليا وصحيفة La Repubblica الإيطالية، أن السلطات المالطية، بحسب ما أوردته مصادر الشرطة الإيطالية، لم تتخذ أي خطوات لمنع عمليات التهريب بين السفن والتي تتم على بُعد نحو 12 ميلاً من سواحل مالطا وفي مياهها الإقليمية.
وقد كشفت الشرطة المالية بإيطاليا، The Guardia di Finanza، عن 12 عملية تهريب بين السفن بالمياه الإقليمية لجزيرة مالطا على مدار الأشهر الستة الماضية، وهي المنطقة نفسها التي وقعت بها عمليات التهريب خلال عام 2016، بحسب الصحيفة البريطانية.
وأبلغت مصادر في تعاونيات الصيد بمالطا مشروع دافني أن عمليات التهريب السابقة التي قام بها أفراد تم القبض عليهم في إيطاليا كانت تشمل سفناً تم السماح لها بالرسو في مرفقين لتزويد السفن بالوقود في مالطا، ولم يتم تفتيشها مطلقاً من قِبل حرس الحدود المالطية.
ولم تردَّ وزارة الشئون الداخلية والأمن القومي بمالطا، والتي تتولى إدارة الجمارك وقوة إنفاذ القانون، على طلبات التعليق.
وذكر أندريا بونومو، المدعي العام في كاتانيا والذي تولى إجراء التحقيقات الإيطالية في عمليات التهريب، أن المستندات التي تسمح للمهربين بأن يزعموا أن الوقود مستخرج من المملكة العربية السعودية، بينما يصل في الواقع من ليبيا، قد تم تزويرها في مالطا، بعد شهور من القبض على أحد زعماء التهريب في إيطاليا، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال بونومو: “حاولنا مراراً التعاون مع السلطات المالطية في تحقيقات تهريب النفط، ورغم العديد من المطالبات الدولية بالحصول على المعلومات، لم يتم الرد على مدار 18 شهراً”. وقال إنه في أعقاب مقتل كاروانا جاليزيا، قدمت السلطات المالطية بعض الوثائق حول عمليات التهريب غير المشروعة، ولكنها كانت “غير مستوفاة مقارنةً بما طالبنا به”.
ظهرت القضية لتكون بمثابة مصدر للمخاوف الدولية. وفي فبراير/شباط 2018، حذرت وزارة الخزانة الأميركية من أن تهريب الوقود بصورة غير مشروعة يهدد السلام والأمن في ليبيا. وقامت بمعاقبة 6 أشخاص، من بينهم 5 من مواطني مالطا؛ لدورهم في إنتاج وتكرير وتصدير الوقود الليبي بصورة غير مشروعة، بحسب الصحيفة الأميركية.
وقالت ميري فيتزجيرالد، الباحثة المستقلة المتخصصة بالشؤون الليبية: “يعد تهريب الوقود سبباً وعرضاً لزعزعة استقرار ليبيا”.
مئات الملايين تضيع على الشعب الليبي
وبحسب الصحيفة البريطانية، “يكلف ذلك البلاد 750 مليون دولار سنوياً، بحسب مؤسسة النفط الليبية الوطنية. وتتم سرقة أو تهريب 30-40% من الوقود الذي يتم إنتاجه وتوريده من ليبيا. ورغم قيام مؤسسة النفط الليبية بجهود هائلة في تسليط الضوء على تلك المشكلة، فإن معالجتها تتطلب مستوى من الإرادة السياسية، تفتقر البلاد إليه في الوقت الحالي”.
ومن بين قائمة الأفراد الذين فرضت وزارة الخزانة عليهم العقوبة، دارين ديبونو، لاعب كرة القدم المالطي السابق الذي أُلقي القبض عليه بإيطاليا في العام الماضي (2017)، واتهمته النيابة الإيطالية بالاضطلاع بدور رئيسي في شبكة تهريب النفط غير المشروعة بمالطا.
وزعم بونومو أن ديبونو وشبكته، ومن بين أعضائها أحد زعماء الميليشيات الليبية الذي تم القبض عليه في طرابلس العام الماضي (2017)، يرتبطون بعلاقات بإحدى الشركات التابعة لأسرة سنتاباولوا في كاتانيا، وهي إحدى أقوى عصابات المافيا في سيسليا.
ويخضع ديبونو للإقامة الجبرية في كاتانيا، ومن المزمع أن تبدأ محاكمته خلال أسابيع قليلة. وقد أقر بأنه غير مذنب في اتهامات التهريب الموجهة إليه.
وفي أبريل/نيسان 2018، شُوهد أحد شركاء ديبونو، الذي كان يشتري الوقود المهرَّب، يدير إحدى محطات الوقود العائمة حول مالطا، بحسب أحد المصادر التي تحدثت إلى مشروع دافني.
وتم إلقاء القبض على 3 أشخاص يرتبطون بجريمة قتل كاروانا جليزيا، ودفع هؤلاء بأنهم غير مذنبين. ولا يزال الدافع وراء مقتلها غير واضح.