ثورة في علاج الإيدز
أظهر لقاح تجريبي، يعكف العلماء على تطويره منذ 40 عاما لمرض نقص المناعة المكتسبة (إيدز)، استجابة مناعية على البشر، ونجح في حماية القردة من الإصابة بالعدوى، بحسب دراسة نُشرت في دورية “لانست” الطبية.
وانتقلت تجارب اللقاح إلى المرحلة التالية من الإجراءات التجريبية قبل الموافقة عليه، وذلك بعدما أثبت العقار أنه آمن على البشر، وسيجري اختباره على 2,600 امرأة في جنوب أفريقيا لبحث ما إذا كان سينجح في الوقاية من الإيدز أم لا.
لكن فريق الباحثين في الدراسة وخبراء من الخارج يحذّرون من أنه على الرغم من النتائج المشجعة حتى الآن فإنه لا ضمانات لنجاح العقار في المرحلة التجريبية التالية التي يطلق عليها “إتش في تي إن 705” (HTNV705) أو “إمبوكودو”، وتعني الصخرة بلغة الزولو، وفقاً لإذاعة “بي بي سي” البريطانية.
وقال دان باروتش، المشرف على الدراسة والأستاذ في جامعة هارفاراد، لوكالة الأنباء الفرنسية: “على الرغم من أن البيانات مشجعة، نحن بحاجة إلى مزيد من الحذر”.
وأضاف: “نجاح (اللقاح) في حماية ثلثي القردة في تجربة معملية، لا يعني أنه سيقي البشر، لذلك نحن في حاجة إلى انتظار نتائج الدراسة قبل أن نعرف ما إذا كان سيقي البشر من الإيدز أم لا”.
ويتوقع الكشف عن نتائج بحث “إمبوكودو” في 2021 أو 2022.
وقال باروتش: “إنه خامس لقاح ستختبر فعاليته على البشر خلال تاريخ الإيدز الممتد منذ 35 عاما في جميع أنحاء العالم”.
وأظهر لقاح واحد فقط، يطلق عليه “آر في 144” (RV144) بعض أشكال الوقاية من المرض. وأعلن عن آر في 144 عام 2009 للحد من مخاطر عدوى نقص المناعة المكتسبة بين 16 ألف متطوع تايلاندي بنسبة 31.2 في المئة، لكنه عُد غير كاف لتصنيفه كعقار مضاد للمرض.
واختبر باروتش وفريقه اللقاح المرشح على 393 بالغا أصحاء خالين من مرض الإيدز وتتراوح أعمارهم بين 18 إلى 50 عاما في دول شرقي أفريقيا وفي جنوب أفريقيا وتايلاند والولايات المتحدة.
وأعطي المتطوعون بصورة عشوائية واحدا من مجموعة من اللقاحات أو بديلا وهميا، كما أعطوا أربع جرعات على مدار 48 أسبوعا.
“حاجة شديدة”
واستعانت الدراسة بتركيبات لقاحات يطلق عليها “لقاحات الفيسيفساء”.
وتجمع هذه التركيبات أنواعا مختلفة من فيروس الإيدز لإحداث استجابة، وذلك في وقت مهاجمة الجسم للجراثيم الدخيلة، ضد سلالات الفيروس في مناطق مختلفة من العالم.
وقال باروتش إن اللقاح “أحدث استجابة مناعية قوية (بمستويات عالية) على البشر”.
كما أظهرت الاختبارات أن اللقاح آمن، لكن خمسة مشاركين أبلغوا عن إصابتهم ببعض الآثار السلبية، مثل ألم بالمعدة وإسهال ودوار أو ألم في الظهر.
وفي دراسة منفصلة، أثبت العقار نفسه وقاية كاملة من مرض الإيدز في ثلثي القردة البالغ عددهم 72 قرد تجارب كانوا قد أعطوا ست جرعات بفيروس يشبه الإيدز.
وحث فرانكويس فينتر، من جامعة يتواترسراند للصحة الإنجابية ومعهد مرض الإيدز في جنوب أفريقيا، العلماء على “توخي الحذر.”
وأضاف: “كنا في هذه المرحلة من قبل، عندما طورنا لقاحات مرشحة واعدة لكنها لم تتطور”.
وتابع: “هذا العقار جديد في عدة طرق، لذلك فهو لقاح مثير، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل للسير فيه”.
وقال جين دانيال ليليفر، من معهد أبحاث اللقاحات في فرنسا، إن اللقاح يحتمل ألا يكون نسخة “نهائية”، لكنه ربما يمثل “تقدما استثنائيا”.
ووفقا لأرقام منظمة الصحة العالمية، يقدر الذين يعيشون بمرض الإيدز بنحو 37 مليون شخص.
ويصاب قرابة 1.8 مليون شخص بالمرض ويموت قرابة مليون بسببه كل عام.
وتشير تقديرات إلى إصابة 80 مليون شخص بمرض نقص المناعة المكتسبة منذ تشخيص المرض لأول مرة في بداية الثمانينيات.
ومات قرابة 35 في المئة بسببه حول العالم حتى الآن.
ولم يظهر أي عقار فعالية نهائية بينما يتطور فيروس نفص المناعة المكتسبة بسهولة ويمكنه الاختباء في الخلايا والهروب من الجهاز المناعي فقط لإعادة الظهور والانتشار مرة أخرى بعد سنوات.
ويعتمد مرضى الإيدز في الوقت الحالي على وسائل علاج لتثبيط الفيروس للبقاء أصحاء.
ولا يزال الواقي الذكري أولى الوسائل في الوقاية من انتقال العدوى عبر التواصل الجنسي أو الدماء، لكن كثيرا يفضلون استخدام علاج تثبيط الفيروس كوسائل وقائية.
وتأتي نتائج الدراسة الأخيرة مع اقتراب انعقاد مؤتمر الإيدز الدولي الذي سيعقد في أمستردام في الفترة من 23 يوليو/تموز إلى 27 يوليو الجاري.