ثلاث سنوات بعد حراك الريف المغربي: الآلاف في باريس يطالبون بالإفراج عن المعتقلين وتحقيق المطالب
تظاهر الآلاف من المغاربة في العاصمة باريس السبت، مطالبين بالإفراج عن معتقلي الحراك الشعبي في الريف، ولم تهدأ التظاهرات في عواصم أوروبا منذ ثلاث سنوات، تاريخ اندلاع هذا النزاع الاجتماعي الذي بدأ يتخذ مظاهر سياسية مقلقة.
وجرت التظاهرة السبت بمناسبة الذكرى الثالثة لوفاة بائع السمك محسن فكري الذي لقي مصرعه في ظروف مأساوية عندما طحنته شاحنة للقمامة في الحسيمة شمال المغرب وكان يحاول استرجاع كمية من الأسماك قامت السلطات بمصادرتها.
وترتب عن هذا الحادث المأساوي اندلاع احتجاجات اجتماعية سلمية همت مدينة الحسيمة ثم امتدت إلى باقي الريف، شمال المغرب، وكانت تهدد بالانتقال إلى مناطق أخرى من المغرب، لاسيما بعدما رفعت مطالب اجتماعية ملحة تخص الحق في التعليم والصحة والشغل والعيش في كرامة. وقامت الدولة المغربية باعتقال المئات وإصدار أحكام قاسية ضد الوجوه البارزة للحراك وعلى رأسها ناصر الزفزافي الذي حكم بعشرين سنة سجناً.
وجرت تظاهرة باريس بعنوان «الريف بين حصار المخزن والصمت الدولي»، والمخزن هو الاسم الذي يطلق على السلطة في المغرب، وشارك فيها الآلاف من المهاجرين وأغلبهم من شمال المغرب. وصرح أحد المشاركين لـ«القدس العربي»، الناشط الحقوقي سعيد العمراني، أن «نسبة المشاركة ما بين ستة آلاف إلى سبعة آلاف، حيث قدم المشاركون من دول مثل هولندا وبلجيكا واسبانيا وإيطاليا وألمانيا وسويسرا بل حتى من المغرب، بينما رفضت السلطات الدبلوماسية الفرنسية منح التأشيرة لعدد من أفراد عائلات المعتقلين الذين كانوا يرغبون في المشاركة».
وجابت التظاهرة شوارع باريس انطلاقاً من ساحة لابستيل إلى ساحة الجمهورية مرددة شعارات بمختلف اللغات حول ضرورة الإفراج عن السجناء السياسيين في الحراك الشعبي في الريف وتنفيذ الدولة المغربية لالتزاماتها بشأن المطلب الاجتماعي الخاص بالشغل والصحة والتعليم.
وإلى جانب هذه التظاهرة، جرت أخرى في باريس وبمشاركة أقل، بعض مئات، ولكن بمطالب وشعارات راديكالية للغاية رفعت ضرورة استقلال منطقة الريف عن المغرب، وهذا مظهر من المظاهر المقلقة لملف الريف، وقد يتحول إلى قضية انفصال مع مرور الوقت على المدى المتوسط والبعيد، في وقت تعتقد السلطات سيطرتها على الملف.
وعملياً، أصبح ملف الحراك الشعبي في الريف حاضراً في أوروبا عبر البرلمان الأوروبي وبرلمانات وطنية مثل إسبانيا وهولندا وبلجيكا، أو برلمانات الحكم الذاتي في إسبانيا وخاصة بلد الباسك وكتالونيا والأندلس. وتحول إلى نقطة تشغل الدبلوماسية والاستخبارات المغربية بشكل كبير للغاية، ووقعت أزمات مع بعض الدول مثل هولندا بسبب هذا الملف.