تونس: الائتلاف الحكومي يتصدّع بعد دعوة حركة «النهضة» رئيس الوزراء للاستقالة
دعت حركة «النهضة» التونسية رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، إلى الاستقالة، مشيرة إلى أن شبهة «تضارب المصالح» التي تلاحقه ساهمت في الإساءة لصورة الائتلاف الحاكم في البلاد، كما تقدمت، من جهة أخرى، بثلاث لوائح برلمانية تطالب بتجريم تمجيد الاستبداد والاعتذار لضحايا نظام الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي.
وقال عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة «أنصح الفخفاخ بالاستقالة»، مشيرا إلى أن شبهة تضارب المصالح التي تلاحقه أضرت بصورة الائتلاف الحكومي في البلاد.
ردّت على خصومها بتقديم لوائح برلمانية لتجريم تمجيد الاستبداد والاعتذار لضحايا نظام بن علي
وقال الهاروني في تصريح إذاعي أمس الخميس، إن «النهضة دعمت الفخفاخ وصبرت على اختياراته وتحاورت معه وحاولت إقناعه بتطوير الحكومة، لكن للأسف كان لهذا الأخير قناعة، وهو متمسك بالتركيبة الحالية وغير مستعد لتوسيعها (…) طالبنا منذ البداية بتوسيع الحكومة، وبالتضامن داخل الحكومة، بعيدا عن الأيديولوجيات والحسابات الضيقة والمعارك الهامشية، وأن يتم التعاون مع البرلمان ورئيس الجمهورية، قيس سعيد، ومنظمات المجتمع المدني، ولكن إلى الآن لم نصل إلى حكومة وحدة وطنية، والفخفاخ لم يقتنع بعد بهذا الخيار، وهناك أطراف داخل الائتلاف الحالي تخشى توسيع الحكومة، على غرار التيار الديمقراطي وحركة الشعب».
وكان الهاروني نفى قبل أيام محاولة الحركة ابتزاز رئيس الحكومة فيما يتعلق بشبهة «تضارب المصالح»، لكنه قال في المقابل إن الحركة لا يمكن أن تتسامح مع شبهات الفساد، مشيرا إلى أنه في حال ثبوت هذه التهمة، فإن الحكومة ستسقط.
وفي تعليقه على تصريح الهاروني، قال محمد الحامدي، وزير التربية والقيادي في حزب التيار الديمقراطي «ماذا تريد حركة النهضة؟ هل تريد من رئيس الحكومة الاستقالة؟ نقول لها إنّه لن يستقيل وندعوها لترك لجان التحقيق تشتغل وتصدر نتائج تحقيقاتها».
ورغم أن الحامدي أقر بوجود «تصدّع» داخل الائتلاف الحكومي، لكنه أكد أنه لم يؤثر على عمل الحكومة، التي قال إنها تشتغل كفريق واحد، مشيرا إلى وجود أطراف، لم يحددها «وجدت في ملف شبهة تضارب المصالح المتعلقة برئيس الحكومة الياس فخفاخ وسيلة للابتزاز، كما أن الوقت غير مناسب اليوم في ظل الأزمة الخانقة التي يمر بها الاقتصاد التونسي والمالية العمومية لمطالبة رئيس الحكومة بالاستقالة وترك البلاد تواجه المجهول».
فيما قال النائب عن الكتلة الديمقراطية والقيادي في حركة الشعب، هيكل المكي، إن الحركة لن تقف إلى جانب أي شخص (حتى لو كان من قياداتها) يتأكد تورطه بالفساد أو تضارب المصالح، مشيرا إلى أنه «من المجحف اتهام رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ بتضارب المصالح، واتخاذ أحكام مسبقة ضده، قبل كشف الحقيقة، ولا بد من البحث والتحقيق وترك اللجان والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والهيئات الرقابية تقوم بدورها».
في حين أكد وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالحوكمة ومكافحة الفساد، محمد عبو، أنه أعطى الإذن للهيئة العامة لمصالح الرقابة الإدارية للتحقيق في شبهات تضارب المصالح التي تتعلق برئيس الحكومة، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة لم يتدخل إطلاقا في عمل الهيئة، كما تعهد بنشر نتائج التحقيق في هذا الأمر.
وكان الفخفاخ نفى الاتهامات الموجهة له فيما يتعلق بشبهة تضارب المصالح، مؤكداً أن حكومته ستبقى 4 سنواتـ أي إلى نهاية العهدة الحالية، «وذلك لضمان الاستقرار والبدء في إصلاحات جديّة».
من جانب آخر، تقدمت حركة «النهضة» بثلاث لوائح برلمانية تتعلق بمطالبة الحكومة بتنفيذ الفصل 12 من الدستور الخاص بالتمييز الإيجابي، وإدانة تمجيد الاستبداد وتحقير الحرية والكرامة، فضلا عن تطبيق الفصل 148 من الدستور الذي يتضمن طلب الاعتذار لضحايا العهد البائد ونشر قائمة شهداء وجرحى الثورة وإحداث متحف للذاكرة الوطنية وتعميم إحداث الدوائر المختصة في العدالة الانتقالية.
فيما أكد رئيس الكتلة النيابية لحزب قلب تونس، أسامة الخليفي، أن الكتلة لن توافق على تمرير اللوائح الثلاث إلى الجلسة العامة، مشيرا إلى أن حزبه «غير معني بالمزايدات على اللوائح، ولا بد من النأي بالبرلمان عن المزايدات السياسية».
وتأتي هذه اللوائح في وقت تخوض فيه حركة «النهضة» صراعا سياسيا مستمرا مع الحزب الدستوري الحر، الذي يواجه انتقادات كثيرا بسبب خطابه الإقصائي المؤيّد للاستبداد والمعادي للتيارات الإسلامية في البلاد.