تقرير يفضح محاكمات انقلاب تركيا
ما إن تعرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمحاولة انقلاب في صيف عام 2016، حتى أطلق حملة شعواء لاعتقال الآلاف من أبناء شعبه بتهمة التورط بمحاولة الانقلاب، إلا أن الأدلة التي لجأت إليها أجهزة الشرطة والادعاء العام في المحاكمات كانت محل شك.
وهو الأمر الذي سلط تقرير جديد الضوء عليه، كاشفا مدى ضعف الأدلة، التي زجت بالكثيرين في السجون.
وأوضح موقع “نورديك مونيتور” أنه حصل على وثائق، نشر صورا لبعضها، تثبت أن الأدلة التي تم الاعتماد عليها في توجيه تهم للكثيرين من الأتراك، خاصة العسكريين منهم، كانت تشوبها الكثير من الأخطاء.
وذكر الموقع، أن الشرطة التركية حمَلت برنامجا للتعرف على الوجوه اسمه “كورفو” على جهاز كمبيوتر من طراز “ديل”، وقدمته للجنة تعرف باسم “اللجنة رقم واحد”، مؤلفة من ضباط من الجيش والشرطة ومكتب الادعاء العام، كانت مهمتهما مراجعة مقاطع الفيديو التي التقطتها كاميرات المراقبة في مقر هيئة الأركان العامة، وقت وقوع الانقلاب، وتحديدا يومي 15 و16 يوليو 2016.
المفاجأة كانت أن برنامج التعرف على الوجوه فشل تماما في مهمته، بتحديد وجوه وهويات الضباط والجنود، الذين شاركوا في الانقلاب، إذ عرّف الهويات بصورة خاطئة، فعرّف أشخاصا مختلفين تماما على أنهم شخص واحد، فيما قدم هويات خاطئة لأشخاص معروفين بالاسم لدى أجهزة الأمن.
وبعد 3 أيام من استخدام هذا البرنامج، ونظرا للأداء الضعيف الذي قدمه، أوقفت اللجنة الاستعانة به، وأعادته للشرطة، بحسب “نورديك مونيتور”.
وبالرغم من أن “اللجنة واحد” توقفت عن استعمال هذا البرنامج، فإنه من غير المعروف ما إذا كانت لجان أخرى قد استمرت في استخدامه، أو حتى الشرطة نفسها، في تحديد هويات المشتبه بهم وتوجيه اتهامات لهم، أدت إلى زجهم في السجون.
ومما يثبت ضعف الأدلة المستخدمة في القضايا المتعلقة بمحاولة الانقلاب، القضية الخاصة بشخص يدعى ماج عزيز أونور، الذي تم توجيه اتهامات له بالتورط في محاولة الانقلاب، بناء على أدلة “مصورة”.
وأوضح فريق الدفاع الخاص بأونور خلال المحاكمة، أنه كان يعمل في دوام “شيفت” ليلي في مركز معالجة البيانات الموجود بمقر القيادة العامة للأركان، ولا علاقة له بمن حاولوا تنفيذ الانقلاب.
ومع طلب الدفاع إعادة الاطلاع على مقاطع الفيديو التي استخدمت في توجيه الاتهام لأونور، أعادت اللجنة الاطلاع على الأدلة في الثلاثين من سبتمبر 2016، وتوصلت إلى أن مزاعم أونور صحيحة.
ورغم التأكيد الرسمي أن الأدلة غير صحيحة، فإن تهمة التورط في محاولة الانقلاب لم تسقط عن أونور، إذ اعتبرت السلطات أنه كان بإمكانه أن يوقفها، من خلال الولوج إلى نظام اتصالات آمن يدعى “ميداس”، وإيقافه.
من جانبه، قال أونور أنه ليس بإمكانه الولوج إلى هذا النظام لأنه يتبع إدارة أخرى غير التي يعمل بها، كما أنه أشار إلى أنه في حال أوقف “ميداس”، فإن الأوامر التي أرسلت للجنود والضباط في مختلف أنحاء البلاد، للتصدي للانقلاب، لم تكن لتصل.
وفي هذه القضية، فإن أونور كان محظوظا كونه تمكن من جعل السلطات تعيد النظر في الأدلة المصورة والتدقيق فيها، مما منحه البراءة من تهمة التورط المباشر بالانقلاب، ولكن الآلاف من المتهمين الآخرين لن يتمكنوا أبدا من تحقيق ذلك، إذ تعرضت الكثير من الأدلة المصورة للتلف.
وكشف موقع “نورديك مونيتور” أن أقراصا صلبة تحتوي على مقاطع مصورة من قواعد عسكرية، استخدمت في توجيه اتهامات لعسكريين، تعرضت للتلف، ولم تكن السلطات المختصة قادرة على استعادتها.
وبهذا، فإن هذا التقرير الجديد يكشف حجم الدمار الذي تعرضت له حياة آلاف الأتراك، الذين زُجوا في السجون، دون أن تكون لهم القدرة على الدفاع عن أنفسهم أو الحصول على محاكمات عادلة.