تفاصيل خطة الرباط للتعامل مع مواطنيها العائدين من داعش
قال عبد الحق الخيام مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية في المغرب والمكلف بمكافحة الإرهاب، إن عودة المغاربة الذين قاتلوا تحت راية تنظيم الدولة الإسلامية الى البلاد “يشكل خطرا حقيقيا”، ما دفع السلطات إلى وضع خطة وإقرار قوانين وتدابير خاصة لمواجهة هؤلاء.
وأوضح الخيام في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية أن “أكثر من 200 بين هؤلاء الجهاديين عادوا إلى المغرب وتمّ توقيفهم وتقديمهم للعدالة”، وأشار المسؤول المغربي إلى “سقوط آخرين في عمليات انتحارية أو في عمليات نفذتها قوات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم الدولة في المنطقة، بينما فرّ البعض منهم إلى بلدان مجاورة”.
وتبنى المغرب في 2015 قانونا جديدا لمواجهة ظاهرة الجهاديين العائدين من بؤر التوتر ينص على عقوبات بالسجن تتراوح بين 10 إلى 15 سنة. ونبه الخيام إلى أن هذا القانون “يتيح لمصالح الشرطة توقيف العائدين وإخضاعهم للاستجوابات قبل إحالتهم على العدالة”، وفاق عدد الجهاديين المغاربة في العراق وسوريا 1600 شخص سنة 2015.
مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي تأسس سنة 2015 عبر عن ارتياحه لكون “السلطات المغربية وضعت منظومة أمنية جد متطورة وعززت إجراءات المراقبة على مستوى الحدود”، وأوضح قائلا: “تسمح لنا التشريعات الجديدة بالقيام بعمليات استباقية”. وأشار إلى أن مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني تجمع كمّا هائلا من المعلومات الاستخباراتية، “ولا ننتظر سوى تحرك الخلايا الإرهابية لننقض عليها”.
ضعف التأطير الديني في أوروبا
وبخصوص تورط مهاجرين مغاربة في عدة تفجيرات هزت بلدان أوروبية، اعتبر الخيام أن هذه الظاهرة “تعكس مشكلا في التأطير الديني” داخل البلدان التي يعيش فيها هؤلاء، منبها إلى أن “الإرهاب لا جنسية له”. وأشار إلى أن المقاربة الأمنية في المغرب توازيها سياسة لإصلاح الحقل الديني، “وأن المقاربة القائمة على التأطير الديني هامة”.
وأكد المسؤول عن مكتب مكافحة الإرهاب في المغرب أن المملكة كان لها دور كبير في مجال التعاون الأمني الدولي لمحاربة الإرهاب، وشدد على أنه “بفضل مصالحنا تم تفادي عمليات إرهابية في فرنسا وبلجيكا وألمانيا وانكلترا والدنمارك وإيطاليا واسبانيا”.
وأشار الخيام إلى إمكانية وقوع أخطاء، كما حدث في آذار/مارس الماضي عندما نفذ مواطن فرنسي يحمل الجنسية المغربية اعتداء في كاركاسون في جنوب فرنسا. وقال “إذا كان ثمة مواطنون مزدوجو الجنسية يشتبه في صلتهم بجماعات إرهابية، فيجب إعلام سلطات بلدانهم الأصلية”.
وسجل تورط مهاجرين مغاربة في تفجيرات عدة هزت بلدانا أوروبية في الفترة الأخيرة، في باريس (130 قتيلا في 2015) وكاركاسون بفرنسا (4 قتلى في 2016) وبروكسل (32 قتيلا في 2016) وبرشلونة وكامبريس باسبانيا (16 قتيلا في 2017) كما في مدريد (162 في 2004).
مستقبل الجهاديين في منطقة الساحل والصحراء
من جهة أخرى، حذر عبد الحق الخيام من تحوّل منطقة الساحل الإفريقي إلى “أرض خصبة” للجماعات الجهادية بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، ما يشكل “تهديدا” و”قنبلة موقوته”.
وعبر المسؤول المغربي عن قلقه من التقاطعات بين الشبكات الإجرامية والتيارات الإرهابية، بناء على “معلومات تؤكد استغلال أنشطة إجرامية في المنطقة لتمويل الجماعات الإرهابية”.
وتمتد هذه المنطقة شبه الصحراوية على مساحة شاسعة في غرب إفريقيا تعادل مساحة القارة الأوروبية، وباتت مسرحا لتحركات عشرات الجماعات الجهادية ذات التحالفات المتقلبة، مستفيدة من الفراغ الأمني في تنفيذ هجماتها.
وتقود كل من النيجر وبوركينافاسو وتشاد وموريتانيا المجتمعة في “مجموعة الدول الخمس”، إلى جانب فرنسا، عملية عسكرية ضد المجموعات المتطرفة في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب في منأى عن هجمات تنظيم الدولة الاسلامية، علما بأنه شهد سابقا اعتداءات في الدار البيضاء (33 قتيلا في 2003) ومراكش (17 قتيلا في 2011). وصدرت خلال السنوات الماضية عشرات الأحكام بالسجن في قضايا إرهاب. وتم تشديد قوانين مكافحته. كما تعلن السلطات المغربية مرارا عن تفكيك “خلايا إرهابية”. وسجل تراجع في عدد الخلايا المفككة من 21 خلية سنة 2015 إلى 19 في السنة التالية ثم تسع سنة 2017.