تعرّف على مدير مكتب السيسي الجديد
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قراراً بتعيين اللواء محسن عبدالنبي مديراً لمكتب رئيس الجمهورية خلفاً للواء عباس كامل، الذي انتقل من قصر الرئاسة إلى منصب مدير المخابرات العامة مصطحباً معه كلاً من المقدم أحمد شعبان والمقدم محمد فايز، اللذين كانا مسؤولين عن تسيير ملف الإعلام.
وتأتي تلك الحركة في إطار حركة تنقلات شملت قيادات في الجيش المصري شملت نقل اللواء محمد رأفت الدش من منصب قائد الجيش الثالث الميداني إلى منصب رئيس هيئة التفتيش بالقوات المسلحة، ليحل محله اللواء رفيق رأفت عرفات. كما تم نقل اللواء محمد مصري قائد قوات شرق القناة، إلى منصب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، وبذلك يصبح الرجل الثالث في الجيش المصري.
من هو اللواء محسن عبد النبي؟
تخرّج اللواء محسن في الكلية الحربية دفعة 1978، والتحق بسلاح المشاة وخدم فيه حتى التحق بإدارة الشؤون المعنوية، وظل فيها حتى غادرها للقصر الجمهوري.
الظهور الأول لاسم عبدالنبي كان مع تولي الفريق أول عبدالفتاح السيسي منصب وزير الدفاع، فقد حرص الأخير على إعادة رسم هيكلة القيادات العليا للجيش المصري، وتمت رويداً رويداً الإطاحة بأغلب -إن لم يكن كل- القيادات القديمة، وتولت أسماء جديدة المناصب.
«هذا إجراء متبع في الجيوش عموماً»، على حد تعبير العميد متقاعد أحمد صبري، الذي أضاف لـ»عربي بوست» أنه لن يستقيم العمل إذا تولى من هو أجدد رئاسة الأقدم، وحيث إن الفريق السيسي كان أصغر من أغلب الحضور في المجلس العسكري حين عيّنه الرئيس الأسبق محمد مرسي وزيراً، فمن الطبيعي أن يتم هذا، «هذا أمر لا يدين السيسي ولا من ترك الخدمة، بل هي طبائع الأمور»، على حد تعبيره.
في مطلع ديسمبر 2012، أصدر السيسي نشرة استثنائية أجرى فيها العديد من التغييرات، فتم إسناد المخابرات الحربية إلى اللواء محمود حجازي، وإدارة التجنيد والتعبئة إلى اللواء السيد الغالي. كما تم نقل اللواء أحمد أبوالدهب رئيساً لهيئة التنظيم والإدارة، وتم تعيين اللواء محسن عبدالنبي قائماً بأعمال مدير إدارة الشؤون المعنوية.
وفي يناير2013، صدرت نشرة جديدة تم فيها تغيير مناصب حزمة من القيادات، فتم نقل قائد الشرطة العسكرية اللواء إبراهيم الدماطي، لمنصب مساعد رئيس الأركان، وحل محله اللواء جمال شحاتة الذي كان يقود المنطقة الشمالية. كما تضمنت النشرة تعيين اللواء سعيد عباس قائداً للمنطقة الشمالية، وتعيين اللواء محمد سليمان الزملوط رئيساً لأركان المنطقة المركزية.
صعود السيسي لمنصب وزير الدفاع جاء في صالح محسن عبدالنبي، الذي سرعان ما أثبت جدارته، فقرر الرئيس المصري في يناير/كانون الثاني 2014 تعيينه مديراً لإدارة الشؤون المعنوية لا قائماً بالأعمال، وبذلك يمكن القول إن كل صعودٍ للسيسي كان يصبّ في مصلحة عبدالنبي الذي اكتسب ثقة الرجل.
نقلة نوعية للشؤون المعنوية
نجح عبدالنبي في نقل الشؤون المعنوية للقوات المسلحة نقلة نوعية، فالرجل المعروف عنه مهاراته الإدارية كان من حظه أن تولى هذه الإدارة في فترة تصادف أن يولي رأس الدولة للإعلام ودوره عناية خاصة.
هذا فتح المجال أمام عبدالنبي للتوسع في نشاط الإدارة، وهو التوسع الذي تجاوز دورها التقليدي من تثقيف الجنود والإشراف على الحفلات العسكرية وخلافه، إلى الانفتاح على المجال الإعلامي.
وكان قرار عبدالنبي دخول «الجيش» مجال الإنتاج السينمائي مفاجئاً للكثيرين، وإن كان وافق هوى لدى القيادة السياسية. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2017 صرح اللواء محسن عبدالنبي بأنه للمرة الأولى منذ انتصارات أكتوبر تقوم القوات المسلحة، ممثلة في إدارة الشؤون المعنوية، بإنتاج 3 أفلام سينمائية عن بطولات الحرب والانتصار العظيم، هي أفلام «جبل الحلال» و»إبراهيم الرفاعي» ومعركة «كبريت»، وذلك بالمشاركة مع الشركات المتخصصة في الإنتاج السينمائي.
وقد ثارت أقاويل كثيرة وقتها عن أن عبدالنبي شريك (من الباطن) في شركة إنتاج فني، تقوم بتنفيذ كثير من أعمال إدارة الشؤون المعنوية الفنية التي توسع فيها الرجل. لكن تلك الأقاويل تظل إشاعات غير مثبتة رسمياً، ولم يتم التحقيق فيها حتى الآن.
ويُعرف عن عبدالنبي أنه «رجل ودود حريص على مد جسور تواصل مع الإعلاميين والفنانين»، وهو ما ظهر جلياً في حديث الإعلامي المصري عزمي مجاهد عن الرجل، وشكره له ولدوره بالاسم على الهواء مباشرة في بادرة ليست معتادة مع قيادات الجيش المصري.
اقترن اسم عبدالنبي أيضاً بما عُرف باسم «اللجان الإلكترونية»، وهي مجموعات تم تشكيلها بواسطة الصحفي إبراهيم الجارحي، وظيفتها التسويق لأفكار الدولة عبر الشبكات الاجتماعية، ورد الهجوم عليها.
وهي الكتائب التي افتضح أمرها حين اعترف خالد رفعت، أستاذ الهندسة بجامعة السويس، عبر تدوينة له على فيسبوك، بأنه كان من ضمن مؤسسي مجموعة «اتحاد الدولة» على السوشيال ميديا، وأنهم شكلوا لجاناً إلكترونية تابعة للنظام المصري تعمل بشكل منهجي على الترويج للقرارات الحكومية، واختلاق الشائعات التي تدعمها، وتشويه معارضي النظام، وأن الإشراف والإدارة كانت تتم بواسطة الصحفي إبراهيم الجارحي الذي كان يتولى نقل تعليمات الأجهزة المعنية إليهم.
وقد أشيع حينها أن تلك اللجان شكّلت بواسطة إدارة الشؤون المعنوية والمخابرات الحربية وبإشراف مباشر من اللواء محسن عبدالنبي شخصياً.
اقتراب محسن عبدالنبي من السيسي لهذا الحد الذي يشي إلى أي مدى يثق به هو واللواء عباس كامل، وقد بُنيت هذه الثقة عبر سنوات تراكمت فيها مواقف الرجل وثبت ولاؤه المطلق.
لكن ما يميز عبدالنبي بجانب أنه من أهل الثقة طبعاً، هو قدراته الإدارية والتسويقية التي أعجب بها الرئيس شخصياً.
ونقل أحد الصحفيين في مؤسسة الرئاسة أن السيسي قال في أعقاب احتفالات انتصارات أكتوبر الأخيرة أمام الصحفيين: «الله ينور عليك يا محسن، شغل عالي قوي ده».
وقد تنبأ البعض حينها بأن إشارة الرضا تلك من السيسي مؤشر هام لمستقبل مهني واعد لعبدالنبي، وهو ما تحقق فعلاً بتعيينه في منصبه الرفيع الجديد.
اللافت للنظر هنا هو قرار اللواء عباس كامل باصطحاب المقدم أحمد شعبان والمقدم محمد فايز من الرئاسة معه إلى المخابرات، وكلا الضابطين الشابين كانا بمثابة محرك من محركات الرئاسة، ومسؤولين مسؤولية مباشرة عن ملف الإعلام، وكان أداؤهما محل رضا الرئيس السيسي، ليثار السؤال: لماذا لم يتركهما عباس للوافد الجديد على قصر الاتحادية؟!