تعرَّف على أقوى 6 جيوش في التاريخ
عندما نتحدث عن أقوى الجيوش في التاريخ تستحضر أذهاننا على الفور تلك الجيوش التي استطاعت السيطرة على أراضٍ شاسعة من العالم لسنوات عديدة، مثل الجيش العثماني الذي بقي اللاعب الأهم في المنطقة على مدار 500 عام، ونذكر الجيوش التي بثّت الرعب في قلوب أعدائها كالجيش المغولي، وتلك التي امتلكت أسلحة متطورة وقادة عسكريين استثنائيين استطاعوا فرض هيمنة بلادهم.
إليكم لمحةً عن أقوى 6 جيوش عرفها التاريخ وفقاً لمجلة The National Interest الأمريكية.
أقوى الجيوش في التاريخ
الجيش الروماني
كما هو معروف استمرّ الجيش الروماني في التوسع بالعالم الغربي لبضع مئات من الأعوام.
وقد استطاع الصمود والاستمرار كل هذه السنوات بفضل صلابته وقدرته على معاودة القتال مرة بعد أخرى، حتى في ظل الهزيمة التامة.
فخلال الحرب البونيقية على سبيل المثال (الحرب التي دارت بين الرومان والقرطاجيين)، استطاع الجيش الروماني الانتصار على أعدائه في أرضهم، بالرغم من قلة موارده وافتقاره إلى المعرفة الجيدة بالمكان الذي دارت فيه المعركة.
قدَّم الجيش الروماني لجنوده العديدَ من المغريات للقتال بقوة وعزيمة، فالانتصار في الحرب يعني انتصاراً لروما بأكملها، فالجنود الفقراء كانوا يحصلون على أراض كهبات بعد النصر، أما الأغنياء فالنصر يعني لهم الحفاظ على ممتلكاتهم وكسب ممتلكات إضافية.
وقد حثت هذه الحوافز الجنود على القتال بضراوة أكبر، إذ كانت الروح المعنوية العالية من أبرز العوامل التي أسهمت في رفع أداء الجيش الروماني.
اتبع الرومان عدة تكتيكات حربية أسهمت في زيادة حظوظهم في النصر، أهمها إعادة تشكيل صفوف الجيش أثناء المعركة، حيث يتراجع الجنود الرومان على دفعات، ليحل مكانهم جنود جدد لم يقاتلوا بعد، ويواجهوا الأعداء المنهكين بشراسة.
وقد قاد الجيش الروماني قادة بارعون، استطاعوا تطوير تقنيات هجومية فريدة، خاصة ضد أعدائهم ذوي العقليات الدفاعية غالباً.
ونتيجة لذلك، وبعد أن كانت الإمبراطورية الرومانية عبارة عن قوة إيطالية إقليمية، استطاعت التوسع في غضون 300 عام تقريباً، لتسيطر على البحر المتوسط بأكمله والأراضي المحيطة به.
وكانت الفيالق الرومانية مدرّبة تدريباً عالياً، ومزوّدة جيداً بالأسلحة الحديدية، وموزّعة في أنحاء المواقع الاستراتيجية للإمبراطورية، وهو ما أبقى الإمبراطورية متماسكة وردع الأعداء.
وعلى الرغم من بعض الانتكاسات التي أصابت الجيش الروماني، فلم يكن له منافسون حقيقيون يساوونه قوةً في أي مكان في المناطق المجاورة له.
جيش المغول
تمكن المغول، الذين لم يزِد عددهم عن المليون رجل عندما بدأوا غزواتهم عام 1206، من احتلال معظم أنحاء أوراسيا وإخضاعها خلال 100 عام، فهزموا الجيوش والدول التي بلغ عدد جنودها عشرات أو حتى مئات أضعاف المغول.
وقد كان المغول في الأساس قوة لا تُقهر، ظهرت من العدم على ما يبدو، لتسيطر على الشرق الأوسط والصين وروسيا.
تلخّصت نجاحات المغول في الاستراتيجيات والأساليب المتعددة التي وضعها جنكيز خان، الذي أسس إمبراطورية المغول، وكانت استراتيجية الكر والفر من أبرز الاستراتيجيات التي اعتمدها المغول في حروبهم.
اعتمد المغول كثيراً أيضاً على الإرهاب، وإلحاق أضرار وخيمة وكوارث على أعدائهم المنهزمين لتحطيم معنويات أعدائهم القادمين.
وقد كان أكثر ما يميزهم هو القدرة على التحرك بسهولة لاعتمادهم الكبير على الخيل، إذ كان كل خيّال مغولي يملك 3 أو 4 أحصنة، وجميعها في حالة جيدة، وقد مكنتهم طريقتهم البدوية في العيش من تحريك جيوش كبيرة لمسافات هائلة خلال أوقاتٍ قصيرة.
كما تميّزوا بقدرتهم الشديدة على تحمل المصاعب وانضباطهم الشديد.
الجيش العثماني
غزا الجيش العثماني أغلب الشرق الأوسط والبلقان وشمال إفريقيا في أوج أيامه.
وقد غزا إحدى أقوى المدن فى العالم عام 1453، وهي القسطنطينية. ولمدة 500 عام، كان هو اللاعب الوحيد في المنطقة التي شملت من قبل عشرات الدول، واستمر ذلك حتى القرن الـ19، وتمكن من الثبات في وجه جميع جيرانه.
يكمن سر تفوق الجيش العثماني في أنه بدأ في استخدام المدافع والبنادق قبل أعدائه، الذين حارب كثير منهم وقتها بأسلحة العصور الوسطى.
وشكّل هذا فارقاً حاسماً لصالحهم عندما كانت الإمبراطورية لا تزال في بدايتها.
وقد تغلبت المدافع على القسطنطينية، وهزمت الفُرس والمماليك في مصر.
وكان من بين الميزات الرئيسية للعثمانيين استخدامهم وحدات مشاة خاصة عُليا تسمى الانكشارية.
وكان أفرادها يتلقون التدريب في شبابهم ليصبحوا جنوداً، ولذا فقد كانوا شديدي الولاء ومحترفين في ميدان المعركة.
الجيش الألماني النازي
بعد حالة الجمود المطولة في الحرب العالمية الأولى، صدم جيش ألمانيا النازي، الذي يعرف باسم “فيرماخت” أوروبا والعالم باجتياح معظم وسط وغرب أوروبا في غضون أشهر.
في مرحلة ما، بدت القوات الألمانية النازية مستعدة لغزو الاتحاد السوفييتي الشاسع كذلك.
كان الجيش الألماني قادراً على تحقيق هذه الانتصارات الهائلة من خلال استخدامه لمفهوم الحرب الخاطفة المبتكر، الذي يجمع عناصر السرعة والمفاجأة، إضافة إلى استخدام التقنيات الجديدة في الأسلحة والاتصالات.
على وجه التحديد، تمكّنت وحدات المشاة المصفحة والميكانيكية، بمساعدة الدعم الجوي قريب المدى، من اختراق خطوط العدو ومحاصرته، حتى إنه في كثير من الأحيان كان مصدوماً لدرجة أنه لم يُبد الحد الأدنى من المقاومة.
يتطلب تنفيذ هجمات الحرب الخاطفة قوات مدربة وذات كفاءة عالية، وهو ما كانت تمتلكه برلين بوفرة. مثلما لاحظ المؤرخ أندرو روبرتس: “في مواجهة جندي لجندي، تفوق الجندي الألماني المقاتل وجنرالاته على البريطانيين والأمريكيين والروس على الصعيدين الهجومي والدفاعي بعوامل مهمة فعلياً طوال الحرب العالمية الثانية”.
الجيش السوفييتي
كان الجيش السوفييتي (الذي كان يُعرف باسم الجيش الأحمر قبل عام 1946) مسؤولاً، أكثر من أي جيش آخر، عن تحويل مسار الحرب العالمية الثانية.
في الواقع، فإن معركة ستالينغراد، التي انتهت باستسلام الجيش الألماني السادس بأكمله، يُستَشهَد بها عالمياً باعتبارها نقطة تحول رئيسية للساحة الأوروبية في الحرب العالمية الثانية.
مما هو جدير بالذكر، أن انتصار الاتحاد السوفييتي في الحرب، وقدرته على تهديد بقية أوروبا خلال العقود الأربعة التالية بعد توقف القتال لم يكن له علاقة تُذكر بالتقنية المتفوقة (خارج نطاق الأسلحة النووية)، أو العبقرية العسكرية (ففي الواقع، كانت القيادة العسكرية لستالين كارثية للغاية، خصوصاً في بدايات الحرب العالمية الثانية).
في المقابل، كان الجيش السوفييتي طاغوتاً عسكرياً بفضل حجمه الكبير، الذي قيس من حيث مساحة الأرض والسكان والموارد الصناعية.
فمثلما أوضح ريتشارد إيفانز، المؤرخ البارز لألمانيا النازية: “وفقاً لتقديرات الاتحاد السوفييتي الشخصية، بلغ إجمالي خسائر الجيش الأحمر في الحرب أكثر من 11 مليون جندي من قواته، وأكثر من 100 ألف طائرة، وأكثر من 300 ألف قطعة مدفعية، وما يقرب من 100 ألف دبابة وبندقية ذاتية الحركة. في حين قدرَّت سلطات أخرى خسائر الأفراد العسكريين برقم أعلى بكثير، إذ وصلت حقاً إلى 26 مليون شخص”.
من المؤكد أنه كانت هناك لحظات من العبقرية العسكرية، تكمن بشكل أساسي في تعيين ستالين لقادة عسكريين مؤهلين، واستخدام بعض التقنيات العسكرية الواعدة، ولاسيما دبابة T-34.
ومع ذلك، لم تكن هذه هي العوامل الحاسمة في النجاح النهائي للاتحاد السوفييتي، إذ استمرت تضحياته الهائلة خلال معركة برلين.
باستثناء الأسلحة النووية، لم يكن الجيش السوفييتي في الحرب الباردة مختلفاً كثيراً بالنسبة إلى خصومه. في حين أن حلف شمال الأطلنطي (ناتو) كان يمتلك الكثير من المزايا التكنولوجية خلال النضال الذي دام أربعة عقود، تمتع الاتحاد السوفييتي بمزايا عددية هائلة في العديد من الفئات، وأبرزها القوى البشرية. ونتيجة لذلك خططت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطي للانتقال إلى الأسلحة النووية في وقت مبكر إبان نشوب صراع في أوروبا.
جيش الولايات المتحدة الأمريكية
في معظم تاريخها، تحاشت الولايات المتحدة الاحتفاظ بجيش كبير.
كان هذا عن عمد: فبينما يوجه الدستور الأمريكي الكونغرس إلى دعم القوات البحرية والاحتفاظ بها، فهو لا يعطي السلطة إلا للكونغرس لحشد ودعم الجيوش حسب الحاجة.
تمسكت أمريكا بهذا النموذج حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ حشدت جيوش كبيرة خلال زمن الحرب، ولكنها فككتها بسرعة بعد ذلك.
وحتى مع هذا، كان الجيش الأمريكي منذ بداية القرن العشرين مؤثراً للغاية، خاصة في المعركة ضد الدول القومية.
كان دخول أمريكا في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية هو ما ساعد على قلب ميزان القوى لصالح الحلفاء.
وعلى الرغم من أن الجيش الأمريكي ليس كبيراً من الناحية العددية مثل جيوش دول أخرى كالاتحاد السوفييتي، فإن الجيش الأمريكي قوة قتالية مدربة تدريباً عالياً، وتعمل بتكنولوجيا فائقة. كما أنها مدعومة بأعظم قوة بحرية وجوية عرفها العالم على الإطلاق.