تعرف كيف وصلت الجينات الأندلسية إلى جزيرة هاواي؟
في عام 2000، تم الانتهاء من مسودة أول جينوم بشري متسلسل، كانت تكلفتها عشر سنوات من العمل المكثف و3000 مليون دولار.
الآن وبعد 18 عاماً، يواصل العلماء دراساتهم في محاولة لاكتشاف الجينات التي تنتج أو تسهم في ظهور بعض الأمراض.
العلماء المسؤولون عن تتبع مسارات الهجرة والمسارات الجينية هم كذلك المتخصصون في علم الوراثة السكانية، وهو علم جديد نسبياً يدرس مصادر التباين بين البشر.
عند الاستعانة بالعلم مع التاريخ، ندرك أن هجرة عمال زراعة قصب السكر هي المسؤولة عن وجود الجينات الوراثية لسكان الأندلس في أرخبيل الفردوس في هاواي، بحسب صحيفة ABC الإسبانية.
قصب السكر هو محصول نموذجي في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، لأنه يحتاج إلى سلسلة من المتطلبات من حيث التربة والمياه.
في أوروبا، المنطقة الوحيدة التي يمكن أن توجد فيها الظروف المثلى لقصب السكر، هي المنطقة الساحلية بين مدينتي ملقة وموتريل في مقاطعة الأندلس، لأن طبيعة التضاريس تحميها من الرياح الشمالية، بالإضافة إلى الظروف المناخية المشجعة للبحر الأبيض المتوسط.
بالعودة إلى أرخبيل هاواي، هذه الجزر ليست كبيرة جداً، وبفضل مناخها، فهي مكان خصب يسمح بزراعة كثيفة ومتنوعة، لدرجة أن ما يقرب من 40% من التربة هي أرض زراعية، وتتنوع المحاصيل الزراعية في تلك الجزر بين البطاطا الحلوة والبن والزنجبيل وقصب السكر.
عند الحديث عن هذا المحصول الأخير، يأتي دور الحمض النووي الأندلسي. ففي بداية القرن العشرين قررت الحكومة الأميركية تغيير الأيدي العاملة في زراعة قصب السكر في مزارع هاواي، التي كانت تعتمد في ذلك الحين على اليابانيين والصينيين، وتطلَّب ذلك منهم التوجه إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، بحثاً عن مهاجرين قوقازيين.
كان الأندلسيون هم المرشحين المثاليين؛ لأنهم كانوا من المزارعين ذوي الخبرة في حرفة الزراعة طيلة فترة الوجود العربي، فقد كانت نشاطاً رئيسياً امتهنه عدد كبير من أفراد المجتمع، كما تميّزوا في زراعة هذا المحصول بالتحديد لطبيعة المناخ الحار في مقاطعة الأندلس.
في ذلك الوقت كانت الأزمة الاقتصادية الرهيبة قد دمَّرت الريف الأندلسي، لذا قام الأميركيون بحملة تسويقية شديدة الذكاء لجذب هؤلاء المزارعين المهرة، مع وعود بالرحلات مدعومة، وفرصة الحصول على الجنسية الأميركية بعد السنة الثالثة، وملكية فدان من الأرض.
8000 مهاجر أندلسي
وبالفعل، غادرت ست سفن على متنها أكثر من 8000 مهاجر أندلسي إلى جزر هاواي بين عامي 1907 و1913.
وكانت السفينة الأولى التي أبحرت هي سفينة الشحن SS Heliópolis من ميناء ملقة، بحسب تقرير صحيفة ABC الإسبانية.
بعد رحلة شاقة، استمرَّت لأكثر من أربعين يوماً، لم تخل من البراغيث ودوار البحر والوفيات الناجمة عن الجفاف، وصل المهاجرون الأندلسيون إلى جزر المحيط الهادئ.
على بُعد آلاف الكيلومترات من وطنهم، اكتشف المزارعون أن الوعود التي تلقَّوها تختلف كثيراً عن الواقع. صحيح أنهم حصلوا على رواتب مرتفعة، لكنهم تلقَّوا معاملة غير إنسانية من رؤساء العمل البرتغاليين، كما أن رواتبهم كانت بالكاد تكفي حاجاتهم الأساسية، لأن الرحلة المدعومة من بلادهم إلى الجزر كانت خدعة كبيرة.
نتيجة لاكتشافهم أن الجنة الموعودة لم تكن سوى قطعة من الجحيم، انتهى الأمر بالعديد من الأندلسيين إلى الهجرة إلى ساحل كاليفورنيا، بحثاً عن عمل أفضل.