تعرف علي طقوس الديانات الأخرى في الأضاحي قبل مجيء الإسلام
يقيم المسلمون بداية من العاشر وحتى نهاية اليوم الثالث من أيام التشريق، من شهر ذي الحجة، من كلّ عام هجري، طقوس عيد الأضحى، من خلال ذبح البعير أو البقر أو الشياه، في تخليدٍ لقصة النبي إبراهيم، عندما أراد التضحية بابنه إسماعيل إطاعة لأوامر الله، قبل أن يُوحَى إليه بالتضحية بكبش.
طقوس عيد الأضحى
ولم ينفردِ المسلمون بشعيرة تقديم الأضاحي الحية، بل سبقتهم أديان وحضارات أخرى معاصرة وسابقة، قدَّمت الحيوانات كأضاحي للتقرب إلى معبوداتها، بل إنَّ البعض تقرَّب إلى آلهته من خلال تقديم البشر كأضحيات وقرابين، وإليكم أبرز هذه الأديان والحضارات.
1- اليهودية والبقرة الحمراء
في الديانة اليهودية، تتم التضحية بدجاجة أو ماعز عند المعابد، للتخلص من الخطايا، ويجب أن تُذبح الأضحية بمعرفة الشخص الذي ارتكب الخطيئة ويطلب الغفران.
ووفقاً للعهد الأول، فإن التضحية ببقرة حمراء تعدُّ ركناً هاماً في الطقوس اليهودية القديمة، فكانت تتم التضحية بالبقرة من خلال حرقها.
ويؤخد الرماد ويضاف إلى الماء، حتى يقوم الشخص بالتطهر من خطاياه، ويعتقد اليهود أن أكل لحم البقر جائز، ما دام تم ذبحه وفقاً للطريقة الدينية المسماه بـ «شيشيتا» .
2- المسيحية
ذُكرت الأضحية في الكتاب المقدس، بأن يوسف ومريم قدّما حمامتين كأضحية، عند ولادة المسيح، كما قام الرسول بولس بتقديم النذر، حتى بعد وفاة المسيح.
مازالت هناك بعض القرى في اليونان تقوم بتقديم الأضاحي المذبوحة كالماعز والديوك إلى رجال الدين الأرثوذكس، والتي يعرف اسمها بـ «كوربانيا» .
كما تعتبر الأضحيات ممارسة أساسية عند الكنيسة الأرمنية والتوحيدية الأرثوذكسية، وتتواجد أيضاً في المكسيك.
3- إباحة الشاكتية عند الهندوس
يستخدم مصطلح «بالي» في الهندوسية للإشارة إلى طقس التضحية بالحيوانات.
و «بالي» عند الهندوس هو طقس مقدس يستخدم غالباً من قبل «شاكتي» أو الإله الأنثى الوحيدة، ولـ «شاكتي» العديد من التجسيدات، كـ «دورغا» و «كالي» .
ويختلف الهندوس حول مسألة ذبح الحيوانات، إلا أن الطائفة الشاكتية تبيح ذبح الحيوانات، كما أن المخطوطات الهندوسية كالغيتا والبوراناس، لا تحرم ذبح الحيوانات بشكل صريح، لكنها لا تشجعها.
4- القرطاجيون والتضحية بالأطفال
كان المجتمع القرطاجي من أغنى وأقوى المجتمعات في العالم القديم، إلا أنه تميّز ببعض الطقوس الغريبة، كالتضحية بالأطفال الرضع.
حيث يعتقد علماء الآثار أنَّ الأطفال كانوا يقدمون كقربان للآلهة للتقرب والتضرع إليهم لحفظ ثرواتهم وأموالهم، خصوصاً من قبل العائلات الغنية.
ويعتقد أنه بين عام 800 و146 قبل الميلاد، عندما حكم الرومان قرطاج، تمت التضحية بحوالي 20 ألف طفل رضيع.
5- بنو إسرائيل ومولوخ
يعتقد العديد من العلماء أن الإسرائيليين القدامى تقرَّبوا إلى معبودهم الكنعاني المسمى بـ «مولوخ» عن طريق حرق الأطفال، ويعود هذا الأصل إلى الديانات الكنعانية.
في حين يخالف بعض علماء الآثار هذا الرأي، حيث لا يعتقدون بوجود إله اسمه «مولوخ»، إنما هناك شيء اسمه «ملك»، وتم تحريفه بعد ذلك إلى «مولوخ» لاحقاً، وأن ملك تعنى التضحية.
6- الأتروريون والتضحية بالمرضى
هم أناس بدائيون عاشوا في منطقة في إيطاليا، تسمى الآن بـ «توسكانا»، وكانوا يشتغلون بالزراعة والتجارة، حيث كانت تجري أغلب معاملتهم التجارية بين اليونان وقرطاج.
لسنوات طوال، استبعد علماء الآثار فكرة التضحية بالبشر عند الأتروريين، إلى أن قام أحد علماء الآثار في جامعة ميلان بالتنقيب عن دليل جديد، يثبت قيام الأتروريين بالتضحية بالبشر.
وكان الدليل عبارة عن أجساد أطفال وبالغين ورضع، وكان منهم أجانب ومرضى وأصحاب منزلة اجتماعية متواضعة.
7- الصينيون وتقطيع أوصال الأضاحي
يعد طقس التضحية بالبشر شائعاً عند قدماء الصينيين، خصوصاً عند سلالة «شانغ»، التي تعد أول سلالة صينية تم تسجيل آثارها.
ويعتقد علماء الآثار أن طقوس التضحية بالبشر كانت تمارَس على نطاق واسع خلال عهد سلالة «شانغ»، وكان الهدفان الرئيسان منها التحكم السياسي والاتصال الديني.
ويعتقد الخبراء أنَّ هناك ثلاثة أنماط من التضحية البشرية، كانت تتبعها سلالة «شانغ» الأول.
حيث تتم التضحية ببعض الشباب، من خلال تقطيع أوصالهم ودفنهم من دون أغراضهم نهائياً.
والثاني من خلال التضحية بالأطفال والرضع، وأثبتت الأدلة الحفرية أن بعض التضحيات البشرية كانت تتعرض للعنف قبل موتها.
والنوع الثالث هو التضحية بالبنات والشابات الصغيرات، حيث يتم دفنهن وفقاً للمراسم العادية، وتكون أجسادهنَّ سليمة.
8- الكلت والتضحية بعد الخنق والقطع
كانوا يضحون بالبشر كجزء من الطقوس الدينية، وثبت ذلك من خلال مخطوطات رومانية ويونانية وأيرلندية كُتبت خلال العصور الوسطى.
يقول الفيلسوف اليوناني سترابو عن الكلت: «كانوا يضربون الرجل الذي كُرّس للتضحية بسيف في ظهره، وكانوا يبنون نبوءاتهم على أساس تشنجات الموت التي يمر بها -المضحى به- وكانوا لا يقيمون هذه الطقوس إلا في وجود رجال الدين» .
كانوا يضعون كومة كبيرة من القشّ والخشب، ويلقون بالماشية، وجميع أنواع الحيوانات البرية والبشر في داخلها.
بعض العلماء شكَّكوا في أقوال سترابو، حيث اعتبروا ذلك من باب الدعاية السياسية، لكن تم اكتشاف جسد في مستنقع ليندو بإنجلترا، أثبت بلا شك انخراط الكلت في طقوس التضحية بالبشر، حتى إنهم كانوا يقومون بذلك من خلال الخنق والضرب على الرأس وقطعها ورميها في المستنقع.
9- سكان هاواي ونزع أحشاء الأضاحي
يعتقد أن سكان هاواي القدامى كانوا يضحون بالبشر، في سبيل طلب مساعدة إله الحرب «كو»، حتى ينتصروا على أعدائهم.
وكانت التضحيات تُقام في معابد تسمى بـ «هايو»، حيث يتم أسر الناس، خصوصاً رؤساء القبائل الأخرى، والذين يتم تعليقهم من أقدامهم.
وفي هذا الطقس يقوم الهاويون بمسح رجل الدين بعرق الضحية، ثم يتم ضرب الضحية حتى يصبح جلدها أملس.
وفي النهاية يتم انتزاع أحشائه، لكن لا تقف الطقوس عند ذلك، فبمجرد نزع أحشائه فإن رئيس القبيلة ورجل الدين يقومون بطبح لحمه أو أكله نيء.
10- ما وراء النهرين
مارَسَ سكان ما وراء النهرين التضحية بالبشر كطقس لدفن الملوك وعائلات النخبة، وكانت تتم التضحية بالخدم والمقاتلين والوصيفات، حتى يكونوا برفقة ملوكهم وأسيادهم في الحياة الآخرة.
فكانت الأسلحة توضع بجانب المقاتلين، بينما كان يتم تزيين شعور الوصيفات.
ولسنين طوال، اعتقد الخبراء أن هذه الأضحيات كانت تتم بالسم، إلا أن اكتشافات جديدة تفيد أن قتل الأضحيات كان يتم بوحشية أكثر، حيث كان يتم طعنهم في الرأس بالرمح، ما يجعلها وفاةً مؤلمةً لكنها سريعة.
11- الأزتيك والحفاظ على الشمس
كان مجتمع الأزتيك في أمريكا الوسطى يضحي بحياة البشر في سبيل الحفاظ على الشمس، حيث كان يؤمن أن الدماء البشرية تعد قوة حياة مقدسة، يحتاجها إله الشمس لتغذيته وإرضائه.
وتتميز طقوس الأزتيك بالوحشية، فأبناء القبائل الأخرى الذين كان يتم أسرهم في الحروب، كانوا يؤمرون بالمشي حتى سلم المعبد.
وعندما يصلون إلى قمته، يقوم رجل دين ببقر بطونهم، ثم يأخذ الكاهن قلب الأسير ويضحي به إلى الإله، بينما يتم تقطيع أوصال الجثة عند المعبد.
12- المصريون القدماء
يعتقد العديد من علماء الآثار أنَّ المصريين القدماء مارسوا التضحية بالبشر، إلا أن هناك بعض الخبراء لم يوافقوهم الرأي.
لكن رغم ذلك توجد مقابر أضاح في أبيدوس، والتي تثبت أن قدماء المصريين شاركوا على الأقل في بعض طقوس التضحية وعمليات الدفن، فكان يتم قتل بعض خدم الفراعنة ودفنهم معهم، حتى يقوموا بخدمتهم في الحياة الآخرة.
العالم المتخصص في الآثار المصرية جورج ريسنر، يعتقد أن مقبرة الملك «جر وآها» مملوءة بالخدم الذين تم دفنهم أحياء مع أدواتهم، بعد ذلك أنهي هذا الطقس، واكتفوا بدفن بعض التماثيل والجسامين الحجرية الرمزية.
13- الإنكا والتضحية بالأطفال
بهدف منع الكوارث الطبيعية والمصائب، كانت شعوب الإنكا تتقرب إلى الآلهة من خلال التضحية بالأطفال.
فالإمبراطورية الإنكية كانت تعاني من كوارث طبيعية كالبراكين والزلازل والفيضانات، في نفس الوقت كانوا يؤمنوا بأن الآلهة هي المتحكمة في هذه الكوارث، ومن أجل إرضائها ومنع الكوارث الطبيعية، أخذت شعوب الإنكا بالتضحية بالأطفال.
وفي حين أن السجناء مثلوا جزءاً من الأضحيات التي تقدم للآلهة، إلا أن هناك بعض الأطفال تتم رعايتهم بهدف التضحية بهم لاحقاً، فالأطفال في نظرهم هم الأضحية الأنيقة التي من الممكن تقديمها للآلهة.
وكانت عائلات الإنكا تعتقد أن الأطفال الذين تتم التضحية بهم يعيشون حياةً أفضل وأسعد في الحياة الآخرة.
بالإضافة إلى أن الأضحيات تتم معاملتها معاملة جيدة للغاية قبل التضحية بها، فكانوا يتبعون حميات غذائية معينة، بجانب إقامة عيد على شرفهم، ناهيك عن نيلهم شرف مقابلة الإمبراطور.