تعرف علي السبب العلمي وراء شهرة أغنية Baby Shark
نجحت أغنية بيبي شارك، التي تبلغ مدتها دقيقتين فقط، في الوصول إلى قائمة Billboard Hot خلال شهر يناير 2019، لتنضم بذلك إلى أغنيةThank U, Next للمغنية الأمريكية أريانا جراندي.
وإلى جانب أغنية Sicko Mode لمغني الراب الأمريكي ترافيس سكوت، وأغنية Wow لمغني الراب الأمريكي بوست مالون، تعد أغنية Baby Shark doo dooواحدة من أكثر الأغاني الإيقاعية التي لا يكف المستمعون عن ترديدها.
أغنية بيبي شارك للأطفال والكبار أيضاً
فوفق صحيفة The Daily Beast الأمريكية، احتلت نسخة أغنية Baby Shark، التي أصدرتها شركة Pinkfong الكورية الجنوبية، المرتبة الـ 32 على قائمة Billboard Hot، محقَّقةً 2.2 مليار مشاهدة على يوتيوب.
وصدرت أغنية بيبي شارك للأطفال أساساً، لكنَّ آثارها طالت الآباء أيضاً.
وكما يتضح جلياً لأي شخص بالغ استمع إلى الأغنية وعَلِقَت في رأسه أيامٍاً، فإنَّها أغنية من نوع الأغاني التي تعلق في الأذهان، أو ما تعرف باللغة الإنكليزية بـ «دودة الأذن earworm».
ولكن، ما سبب الرواج الذي تلقاه هذه الأغنية بين الأطفال والبالغين كذلك؟
أغنية «بيبي شارك دودو» لها إيقاع مُتكرر
تقول الأستاذة المُشاركة في مدرسة ثورنتون بجامعة جنوب كاليفورنيا بياتريس إيلاري، والتي تعمقت في دراسة موسيقى الأطفال:
للأغنية لحنٌ بسيط، ليس (أخَّاذاً) فحسب، ولكن يسهل ترديده وحفظه كذلك.
كما أن كلمات أغنية Baby Shark بسيطة منطقية بالنسبة للأطفال، لأنَّهم لا يعرفون سوى مفرداتٍ محدودة ويستفيدون من التكرار.
فهي أيضاً عنصرٌ أساسي في سبب كون البالغين يجدون أنفسهم لا إرادياً يدندنون تلك الأغنية.
تحميل أغنية Baby Shark والاستماع إليها سيثيران السعادة في نفسك
من جانبها، أجرت فالوري ساليمبور، الاستشارية في علم الأعصاب، أبحاثاً بمعهد مونتريال لطب الأعصاب حول كيفية استيعاب الدماغ البشري الموسيقى وأسباب ذلك.
وتُظهِر دراساتها أنه بعد تحميل أغنية Baby Shark، والاستماع إلى النغمات الأخَّاذة المُخصصة للأطفال، يُمكن أن تُثير الأغنية مشاعر سعادة عارمة في النظام الدوباميني بالمخ، المسؤول عن مشاعر السرور، والرضا، والمكافأة.
وأوضحت فالوري أن هذا النظام يقوم على وضع التنبؤات وتقدير العواقب. فحين يكون هناك شيءٌ أفضل مما كان متوقعاً، تُفرَز مادة الدوبامين؛ وهو ما يؤدي إلى الوصول لدرجة عالية من الشعور بالمتعة.
تُحفِّز إفراز الدوبامين في المخ
بحسب الأبحاث، فإن النظام الدوباميني يعمل بالتنسيق مع التلفيف الصدغي العلوي، وهي المنطقة المعنيَّة بتخزين المعلومات حول كل ما يخص العلاقات الصوتية التي يتعرَّض لها الشخص.
أي إن الموسيقى التي يستمع إليها الأشخاص خلال فترات نموهم، والموسيقى التي استمع إليها آباؤهم، والموسيقى التي استمعوا إليها مع أقرانهم في المدرسة.
وتضع تلك العلاقات الصوتية تنبؤاتٍ لنوع الموسيقى التي سيجدها الشخص ممتعة، وتُحفِّز إفراز الدوبامين في المخ.
وأضافت فالوري، التي استيقظ طفلها البالغ من العمر عامين، من أحلامه ليسألها: أين أغنية Baby Shark؟:
إذا كانت هناك مقطوعة موسيقية متوقَّعة أو مُتكررة كثيراً، فلن يُفرَز الدوبامين على الجانب الآخر، إن كان الفرد غير قادر على وضع تنبؤ أو توقُّع بشأن نمط الأصوات التي يُمكن أن يسمعها، فلن يكون هناك أي مفاجآتٍ سارَّة.
ترجمة أغنية Baby Shark تتحدَّث عن العائلة والحيوانات
أما العنصر الثاني الذي يجعل هذه الأغنية لا تُقاوم، فهو ما تُطلِق عليه بياتريس الأدوات التركيبية الشائعة في أغاني الأطفال.
إذ تبدأ كلمات أغنية Baby Shark بتقديم الشخصيات الرئيسة في القصة، وهم: baby shark سمكة القرش الصغيرة
- mommy shark سمكة القرش الأم
- daddy shark سمكة القرش الأب
- grandma shark سمكة القرش الجدَّة
- grandpa shark سمكة القرش الجدّ
والتي تُعد جميعها نماذج مألوفة بالنسبة لطفل.
إلى جانب أنَّ تكرار كل فرد من أفراد العائلة 4 مراتٍ، وتردّد اللحن ذاته مع تغيُّرات نسبية يزيدان من ترسيخ الأغنية في أذهان الأطفال، ويُغذِّيان حبهم سرد القصة وإلمامهم بالشخصيات.
كلمات أغنية Baby Shark لها أُلفة لدى الأطفال
وبينما تبدو كلمات أغنية Baby Shark بسيطة، إلا أنَّها في الواقع تُعَد سبباً كبيراً وراء تعلُّق الأطفال بها، إذ أوضحت فالوري قائلة: «يشعر الأطفال بالألفة مع كلماتٍ مثل: طفل، وأب، وأم، وجد، وجدة.
وهذا يساعد على تكوين تواصل أو رابط مع الموسيقى. فتلك الكلمات تُمثِّل أشخاصاً من المُرجح أن يكون لدى الأطفال علاقة إيجابية للغاية معهم؛ وهو ما يوفر مُجدداً مساراً لاستهداف مراكز العاطفة والمكافأة في الدماغ».
وتُضيف بياتريس أنه «بإمكان الأطفال والبالغين اللعب بالكلمات وتغييرها وفقاً للسياق الخاص بهم، والقيام بأداء الإيماءات، أو استحداث إيماءات جديدة، فضلاً عن مشاهدة الفيديو مراتٍ عديدة».
وترى فالوري أنَّ عنوان أغنية Baby Shark سبب مهم فيما حققته من شعبية كبيرة؛ فالأطفال مهووسون بفهم أنفسهم وبفهم الحيوانات.
وقد تبدو أسماك القرش، بصفة خاصة، مثيرة للاهتمام، لكنَّها مُخيفة للعقول الصغيرة، ولا تتناول الأغنية تلك المواضيع فحسب، لكنها تجعلها أقل إخافةً وأسهل للتعامل معها.
أغنية مُبهجة
يُعَد الإيقاع المتزايد للأغنية عنصراً مهماً بشكلٍ خاص، باعتباره آلية لسرد القصص للأطفال.
إذ قالت بياتريس: «ثمة شعورٌ بالحركة من خلال استخدام الديناميكيات، أو قوة الصوت والإيقاع.
إذ يصبح إيقاع الأغنية أسرع (عند جزء معين من الأغنية حين تظهر تلك الكلمات: Run away doo doo doo doo)، للإشارة إلى هروب الأسماك الصغيرة، ثم يُصبح أبطأ لتشير إلى أنَّها أصبحت آمنة في النهاية safe at last. يُحب الأطفال التفاعل مع (هذا الجزء) من الأغنية».
وأضافت فالوري أنَّ الإيقاع المبهج يدفع الأطفال عملياً للحركة والرقص، وهو أمر يستجيب له الأطفال والكبار، وهذا سبب رئيس لكون موسيقى البوب وموسيقى الملاهي الليلية صاخبتين ومتفجرتين.
وقالت: «(الموسيقى الأسرع) تستهدف جزع المخ ومناطق مهمة أخرى في المخ، وهناك إمكانية أيضاً أن تحفز أنظمة إفراز الدوبامين المرتبطة بالحركة.
ويمكن أيضاً أن يكون التوافق بين الحركة والإيقاع مبهجاً للغاية، لأنه يتضمن أحد أشكال التنبؤ. لذا يكون الرقص على الأغاني المألوفة أمتع من محاولة الرقص على الأغاني التي لا نعرف عنها شيئاً».
ليست مجرد أغنية
وتستفيد أغنية Baby Shark من الطرق التي يستقي بها الأطفال المحتوى؛ أي من خلال الصوتيات والمرئيات.
وفي هذا الصدد، قالت إيلاري إنَّ Baby Shark تجسد تعددية الأنماط بالتجربة الموسيقية التي يشهدها الأطفال في عالمنا المعاصر.
وأضافت: «الجانب المرئي مهم للغاية؛ فالأطفال ليسوا مستمعين فقط، لكنهم يشاهدون ويؤدون الأغنية.
ويساعد في هذا حقيقةُ أنَّ الفيديو به عوامل إنتاجية إيجابية: الألوان البراقة، والاندماج الناعم بين البشر والشاشة الخضراء، وحركات راقصة سهلة على الأطفال الصغار، وهو ما يجبرك على إعادة مشاهدة الفيديو عدة مرات».
وأشارت بياتريس إلى نسخة 2015 من الأغنية نفسها، التي كانت عبارة عن رسوم متحركة فقط بشخصيات مجسمة.
لكن النسخة المُحدثّة في 2016، والتي انتشرت انتشاراً واسعاً، تعرض أطفالاً يستمعون إلى الأغنية ويرقصون عليها ويغنونها، وهو ما يقلده المشاهدون الصغار كانعكاس في مرآة وينجذبون إليه.
وأضافت بياتريس، وهي أمٌ لطفل صغير: «نعرف أنَّ الأطفال يحبون رؤية أطفال آخرين على الشاشة، وفي هذه الحالة، يمكنهم أيضاً تقليد حركاتهم.
ويعد العنصر المرئي بمثابة مكافأة للعقول الصغيرة، وموجة قوية من البهجة والسعادة».
وقد يجد البالغون الأطفال الذين يرقصون وسط ألوان كرتونية شيئاً بديعاً، لكن عقول الأطفال التي تتطور تتوق إلى هذه العناصر: عيون ضخمة، وأشكال هندسية، وقروش أليفة تسبح في محيط ذات ألوان مبهجة واضحة.
وقد يفسر هذا الحس البدائي من المتعة والاستكشاف السبب الذي يدفع بالغين ليس لديهم أطفال إلى أن يرددوا لحن الأغنية طوال اليوم.
إذ يعيدهم هذا إلى فترة طفولتهم، إلى وقتٍ لم تكن فيه سياسات ولا مسؤوليات، إلى الفترة التي ينظرون إليها بعين الإعزاز.