تعرف على قلعة دراكولا في رومانيا
يزور قلعة بران حوالي مليون سائح سنوياً. وخلال الحقبة الشيوعية تمت مصادرة هذه القلعة من قبل ستالين، ثم تحولت الآن إلى المعلم السياحي الأول في رومانيا، حسب صحيفة “الموندو” الإسبانية.
تبدو قلعة دراكولا متداعية وعلى وشك السقوط، كما يكاد سقفها يلامس الغيوم. وتتمركز هذه القلعة في إقليم ترانسيلفانيا بقلب رومانيا. كما يعد هذا المكان آخر محمية برية في أوروبا، تم دفنها بين الجدران.
شاهد القلعة الجميلة في هذا المقطع
دراكولا «التنين» مصاص الدماء في الرواية
خلال القرن الواحد والعشرين قدمت هذه القلعة خدمة أخرى لوطنها رومانيا عندما تحولت إلى معلم سياحي بارز يروي عطش محبي المغامرة والدماء في عصر التكنولوجيات الحديثة. نتيجة لذلك، تستقبل قلعة بران حوالي مليون سائح من محبي عالم وقصص مصاصي الدماء.
ومنذ سنة 1897، فتحت هذه القلعة أبوابها ووضعت على مدخلها عبارات مؤلف رواية دراكولا، برام ستوكر، التي ورد فيها: «مرحباً بك في بيتي. ادخل بمحض إرادتك، دون خوف، واترك جزءاً من السعادة التي تحملها بداخلك في هذا المكان».
ولم يزر برام ستوكر، صاحب الرواية، ترانسيلفانيا ولو مرة واحدة. وقالت ماتاي، المرشدة السياحية الرسمية للقلعة التي تنوب عن مالكها الأرستقراطي، ممازحة محرر صحيفة El mundo الإسبانية أثناء صعود السلالم السرية التي كان دراكولا يصعدها ليلاً من أجل النيل من ضحاياه، إن «ستوكر إيرلندي الجنسية، وقد أرسل شخصيته المثيرة دراكولا إلى لندن من أجل امتصاص دماء الإنكليز».
ومن المعلوم أن الهوس بعالم مصاصي الدماء ازدهر خلال تسعينات القرن الماضي في أوروبا الشرقية، تزامناً مع انهيار الاتحاد السوفييتي. وقد صرحت المرشدة السياحية بأن القلعة استقطبت آلاف السياح، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام بنسبة 10% في الفترة القادمة.
ومصاص جيوب السياح حتى الآن
عموماً، لا يجلب السياح الأجانب السعادة التي تنتابهم فقط عند عبور بوابات القلعة، بل تلعب الشعارات والرموز الموجودة داخل المكان التي تحيل على موروث شخصية دراكولا الخيالية، دوراً في ذلك. وقد حولت هذه الجوانب قلعة دراكولا إلى المعلم السياحي الرئيسي في رومانيا.
تقدر مجلة فوربس الأميركية أن قيمة القصر تصل إلى حدود 130 مليون يورو، وذلك بالأخذ بعين الاعتبار المداخيل التي تجنيها رومانيا من المعلم الذي يخلد قصة مصاص الدماء. وتجدر الإشارة هنا إلى أن فلاد إمبالير، أمير ولاكيا، الذي ألهم الرواية قد قضى ساعات قليلة في هذا القصر.
ويقدر البعض أن هذه الفترة لا تتجاوز 48 ساعة. وأبعد من ذلك، تقول بعض الروايات الأخرى إن أمير ولاشيا قد سجن في زنزانة هذه القلعة بعد أن خسر المعركة ضد الأتراك.
وبينما كان يحتسي قهوته على ضفاف بحيرة بيليا، أكد وزير السياحة بوغدان تريف، البالغ من العمر 41 سنة، أن رومانيا تستقبل حوالي ثلاثة ملايين سائح أجنبي سنوياً، وقد بلغ معدل إنفاق السائح خلال زيارته حوالي 500 يورو.
«ابن الشيطان» ربما لا علاقة له بالقلعة
ويحمل سكان المنطقة الذين يقطنون بمحاذاة قلعة بران الكثير من الشكوك حول أسطورة «ابن الشيطان»، كما ضجروا من سماع القصة التي تقول إن هذه الشخصية كانت خائفة من رطل من الثوم. من جهة أخرى، اكتسحت صورة دراكولا القمصان والأكواب، وحتى الكؤوس التي تملأ بمشروب الكرز؛ ما جعل من الصعب وجود شيء مختلف عن مظهر كريات الدم الحمراء.
قلعة دراكولا
وتعليقاً على ذلك، أوردت إحدى البائعات قائلة إن «هذا هراء». وقد ضجرت هذه البائعة من حماس مجموعات العجائز من النساء والرجال الذين تتكرر أسئلتهم حول صور مصاص الدماء عند المرور بمتجرها الموجود عند سفح القلعة. وبحوالي 35 ليو (ما يعادل تسعة يورو)، يشتري الكثيرون قمصاناً من المحتمل جداً أن ينتهي أمرها بالبقاء طيّ النسيان في خزانات أحفادهم.
برج إيفل روماني
من جهتها، رددت ماتاي أن «قلعة بران عبارة عن برج إيفل الروماني، أو مبنى إمباير ستيت الخاص بنا، أو حتى الأهرامات الرومانية». وأضافت أن «ميزة القصر تتمثل في أن الشخصية التي ترتبط بالمبنى لها أسس حقيقية، قد تكون بعيدة عن الواقع، لكنها حقيقية؛ على عكس الشخصيات الخيالية الأخرى على غرار فرانكشتاين أو ميكي ماوس».
فلاد الثاني أمير ولاشيا لم يكن مقيماً بالقلعة
يتمركز القصر في الممر الذي يربط بين ولاشيا وترانسيلفانيا، وقد تم تشييده في القرن الثالث عشر واستعمل كحصن في الصراعات التي شهدتها القرون الوسطى. وفي سنة 1388، تم الانتهاء من بناء هذا القصر. أما الشخصية التي استوحيت منها القصة، فلاد الثاني أمير ولاشيا، فلم تحكم إلا بحلول سنة 1448. وفي وقت لاحق، سقطت رومانيا في قبضة أمير الظلام، ستالين، الذي قام بمصادرة الحصن الذي صمدت جدرانه أمام ويلات الحرب العالمية الثانية. وشرحت ماتاي أن «القصر كان متحفاً خلال الحقبة الشيوعية، كما كان فلاد بطلاً وطنياً في رومانيا، ولم تلاقِ قصة برام ستوكر الكثير من الإعجاب من قبل المواطنين الرومانيين».
وهذه قصته مع العثمانيين
بنيت القلعة لصد الهجمات الآتية من الشرق واستخدمت لصد هجمات العثمانيين على حدود رومانيا، حيث كان الكونت فلاد في بداية النصف الثاني من القرن 15 يحكم المنطقة الحدودية.
كان فلاد الثاني دراكولا ابناً غير شرعي للأمير الروماني ميرتشا العجوز ملك ولاتشيا الرومانية «الأفلاق».
وقضى فلاد شبابه في بلاط لوكسمبورغ لدى ملك المجر، الذي جعله عضواً في وسام التنين في 1431 واعترف له بحكم ترانسيلفانيا القريبة. لكن لم يتمكن فلاد من تأكيد ادعائه خلال حياة أخيه غير الشقيق، الذي اعترف بسيادة السلطان العثماني مراد الثاني على المنطقة.
بعد وفاة شقيقه استولى فلاد على ولاتشيا بدعم من المجر. لكن السلطان العثماني مراد الثاني (وابنه محمد الفاتح) بسطا نفوذ العثمانيين على المنطقة، وأمر السلطان فلاد الأب بالقدوم لأدرنة العثمانية (أقصى غرب تركيا الحالية على حدود رومانيا) وقبض عليه هناك في عام 1441 .
وبعد إطلاق سراح فلاد الإبن الذي تركه والده في الإمبراطورية العثمانية. ظل فلاد الثاني (ابن الشيطان) محايداً خلال «الحملة الطويلة» بين هونيداي حاكم ترانسيلفانيا والإمبراطورية العثمانية في الفترة بين 1443 و1444، لكنه أرسل 4000 فارس لمحاربة العثمانيين خلال الحملة الصليبية على البلقان العثمانية «فرنا»، كما يحكيها وثائقي لقصة فلاد الرهيب «دراكولا».
وانتصر العثمانيون في المعركة، فخاف فلاد منهم وكانت علاقته سيئة بهونيداي أيضاً، فأجبر فلاد على الفرار حيث قتل في قرية نائية بالنهاية.
وكان فلاد دموياً مع شعبه وأعدائه، وأعدم الكثير من المتسولين والكهنة والنبلاء في بلاده، وقيل إنه كان يحب رؤية ضحاياه أثناء تنفيذ الإعدام بحقهم.
ترانسيلفانيا مدينة الغابات
خلال زيارة مدينة ترانسيلفانيا، ينجذب السائح إلى الغابات الممتدة على أجزاء واسعة منها، والتي يكسوها الضباب. وتظهر هذه الغابات شبيهة برسوم مستوحاة من قصص الأخوين غريم. كما تتميز ترانسيلفانيا بمجموعة من القرى التي يعود تاريخها إلى فترة القرون الوسطى والمختبئة وراء سلسلة جبال الكابرات. وقد حافظت المدينة على هذه القرى الساحرة، التي اندثر وجودها في بقية الدول الأوروبية على أيدي محبي العولمة.
والديكتاتور تشاوتشيسكو كان يحب القلعة أيضاً
وتشير أسطورة أخرى إلى أن الديكتاتور نيكولاي تشاوتشيسكو قام بإنشاء مهبط لطائرات الهليكوبتر خاص به ليذهب للصيد في محيط القلعة. وقد صرح وزير السياحة قائلاً إن «الحكومة تتوقع استقطاب المزيد من السياح لزيارة ترانسيلفانيا وهو ما يعتبر تحدياً لرئاسة الاتحاد الأوروبي»، مضيفاً أن رومانيا لم تتمتع بإدارة حكيمة ومسؤولة في الآونة الأخيرة، حسب صحيفة El mundo الإسبانية.
لذلك وجب على الحكومة الحالية أن تعمل على استعادة الدولة الرومانية لقوتها وتعزز مكانتها كموقع للتراث العالمي. كما تحدث الوزير عن معضلة البنية التحتية لرومانيا وهو ما يتطلب وقتاً طويلاً من أجل الانتقال من منطقة لأخرى في البلاد.
خلال هذه الفترة تستعد رومانيا لرئاسة الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيجعلها مضطرة إلى لملمة جراحه بعد قرار المملكة المتحدة القاضي بالانسحاب منه «بكامل إرادتها» كما وعظ دراكولا دائماً.