تعاون نادر بين المغرب والجزائر
تداولت وسائل إعلام جزائرية، خلال الفترة الماضية، أخباراً عن احتمال إيقاف أنبوب الغاز الرابط بين المغرب والجزائر وإسبانيا، والمعروف باسم «Pedro Duran Farell pipeline»، في غضون عام 2021، وخرج وزير الطاقة الجزائري، مصطفى قيطوني، لتفنيد هذه الخطوة، مؤكداً أن المغرب سيُمدِّد عقد استيراده الغاز الجزائري؛ بل سيتمكَّن من امتلاك خط الأنابيب الرابط بين الجزائر وأوروبا.
وأكثر ما أسهم في انتشار هذه الإشاعة، حسب المسؤول الجزائري، امتلاك الجزائر أنبوب غاز آخر يُطلَق عليه «ميد غاز»، يربطها مباشرة بالقارة الأوروبية دون المرور بالأراضي المغربية، بطاقة تُقدَّر بـ8 مليارات متر مكعب من الغاز المُسال.
لقاء وزير الطاقة الجزائري ووزير الطاقة والمعادن المغربي، خلال أشغال المؤتمر العربي للطاقة بمدينة مراكش المنعقد بالأسبوع الجاري، كان فرصة لدحض الشائعات، حسب مصادر رسمية، وتأكيد التعاون بين المغرب والجزائر في مجال الطاقة والكهرباء رغم كل الصراعات بين البلدين الجارين بسبب قضية الصحراء.
أنابيب الغاز.. تعاون نادر بين المغرب والجزائر
نفى الوزير مصطفى قيطوني إيقاف عقود استيراد المغرب الغاز الجزائري الموقَّعة بين الحكومة المغربية وشركة «سوناطراك» الجزائرية، حيث تنتهي الاتفاقيات المؤطرة له بحلول عام 2021؛ بل الأكثر من ذلك، أن المغرب سيتمكن من الاستحواذ على ملكية الأنابيب الموجودة بأراضيه كذلك.
الوزير الجزائري أبرز أن الغرض من إحداث أنبوب جديد هو رفع قدرة تصدير الغاز الجزائري نحو القارة الأوروبية؛ إما صوب إسبانيا مروراً بالمغرب وإما صوب إيطاليا مباشرة من بني صاف الجزائرية، وفق ما أوضحه لوسائل إعلامية محلية، مؤكداً أن السلطات الجزائرية لم تفكر قَط في وقف التعاون مع المغرب.
ويربط خط أنابيب «بيدرو دوران فاريل» بين حاسي الرمل في الجزائر قبل أن يصل إلى إسبانيا مروراً بالتراب المغربي على مسافة 1300 كيلومتر، منها 540 كيلومتراً على الأراضي المغربية، بسعة تصل إلى 13.5 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، يحصل منها المغرب على 500 مليون متر مكعب من الغاز.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة «سونطراك» الجزائرية للمحروقات عبد المومن ولد قدور، إن القرار المتخَذ قبل مدة بشأن زيادة قدرة أنبوب «ميد غاز» من 8 إلى 10 مليارات متر مكعب، فُهم على أن الجزائر تنوي قطع الأنبوب المار بالمغرب إلى إسبانيا، موضحاً أنه «من مصلحة الجزائر تسويق المزيد من الغاز لرفع قدرات التصدير، أما في حال أراد المغرب وقفه، فتلك مشكلته»، على حد قوله.
طموح الجزائر لن يضر بالمغرب
وزير الطاقة المغربي، عزيز الرباح، أكد بدوره أهمية أنبوب الغاز المار بالأراضي المغربية بالنسبة لأوروبا، مضيفاً أن علاقات المغرب مع الإسبان تتطور بشكل كبير في مجال الطاقة، وأن المغرب والجزائر تجمعهما علاقة ربط في مجال الغاز والكهرباء كذلك، في وقت يتوجه فيه العالم نحو تشبيك العلاقات أكثر فيما يتعلق بمجال الطاقة.
وخصصت شركة «سوناطراك» مبلغ 31.60 مليار دينار (ما يعادل 280 مليون دولار)، لإنجاز مشروع نقل الغاز باتجاه أوروبا، حيث يمتد هذا الخط على مسافة 197 كيلومتراً، تتخلله 9 وحدات للمراقبة ومركز لوقف تدفق الغاز، وفق ما أعلنه وزير الطاقة الجزائري.
بالنسبة لعبد النبي أبو العرب، الأستاذ الجامعي المُتخصِّص في مجال الاقتصاد والأعمال، تشكل العلاقات المغربية-الجزائرية المتعلقة بالمبادلات الطاقية، خاصة منها الغاز، استثناء في العلاقات التجارية، التي تعرف توتراً دائماً بين البلدين وشبه قطيعة على المستويَين الاقتصادي والسياسي.
«بيدرو دوران» أو «أنابيب «المغرب العربي-أوروبا» نموذج من نماذج التعاون والتبادل التجاري النادرة بين المغرب والجزائر، على اعتبار كونها مبنيَّة على تبادل المصالح، ذلك أن البلدين يستفيدان من هذا المشروع الضخم، الذي تم إعطاء انطلاقته في تسعينيات القرن الماضي، حينما كانت العلاقات جيدة وإيجابية، في ظل انطلاقة فكرة «المغرب الكبير» آنذاك.
أنابيب الغاز.. مصالح مشتركة
لا شك في أن الإبقاء على الشراكة الطاقية بين المغرب والجزائر لا يخلو من إيجابية وفوائد للطرفين معاً، وإلا فما كانا ليجددا عقد استيراد الغاز.
وأبرزَ الخبير الاقتصادي، أن الإبقاء على خط «بيدرو دوران» يُمكِّن الجزائر من الاستمرار في مدِّ أوروبا الغربية، خاصة إسبانيا والبرتغال، بالغاز الطبيعي بكميات كبيرة، خاصة أن تقنية الأنابيب تعتبر أكثر فاعلية من نقلها بالسفن الحاملة للغاز والبترول وبكميات أكبر.
تكلفة التصدير والنقل عن طريق الأنبوب أقل تكلفة من البواخر؛ لذا فأرباح الجزائر المتوقعة كبيرة جداً بالنظر إلى أنه يمكن سنوياً نقل ما يقارب 13 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، خاصة أن الجزائر تعتمد أكثر على الغاز الطبيعي مقارنة مع البترول، الذي أصبح كمية إنتاجه تنقص سنة بعد أخرى.
ليس هناك أي مصلحة للجزائر في إيقاف استعمال هذا الخط، الذي تم استثمار أموال كثيرة فيه. كما يعد أقل تكلفة من البواخر فيما يتعلق بالنقل والتصدير، حيث يُمكِّن الأنبوب المذكور من نقل ما يقارب 13 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
المغرب بدوره يستفيد من الأنبوب المار على أراضيه، وفق الأستاذ الجامعي المغربي، موضحاً أنه يضخّ مليارين و300 مليون درهم سنوياً في الخزينة العامة، فضلاً عن كون العقد مكَّن المغرب من الاستفادة من شروط تجارية تفضيلية للاستفادة من الغاز الجزائري، لافتاً إلى أن إعادة تجديد شروط العقد ستمكن من تطوير الشروط التجارية التي تم توقيعها منذ سنة 1996.