تسريبات عن موافقة القضاء التركي على إعادة تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد
أكدت مصادر صحافية تركية مختلفة أن القضاء التركي وافق بالفعل على طلب إلغاء قرار تحويل آيا صوفيا من «مسجد» إلى «متحف»، والذي صدر عام 1934 بتوقيع مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، ليفتح الباب بذلك أمام إمكانية اتخاذ الرئيس رجب طيب أردوغان قراراً قريباً بإعادة تحويله وفتح أبوابه للعبادة كـ»مسجد»، وهو القرار الذي لم يصدر بشكل نهائي ورسمي بعد.
وكانت المحكمة الإدارية العليا في تركيا، اجتمعت الخميس الماضي، للنظر في القضية، وعقب جلسة سريعة، أعلن أن القرار النهائي سوف يصدر خلال 15 يوماً من تاريخ الجلسة، لكن التوقعات تشير إلى أن القرار النهائي سوف يصدر الجمعة، وسيتضمن الفصل بأن قرار تحول آيا صوفيا إلى متحف الذي صدر عام 1934 «لم يكن قانونياً».
وطوال يومي الأربعاء والخميس، نشر صحافيون أتراك كبار معلومات قالوا إنهم استقوها من مصادرهم داخل الدولة، تؤكد تصويت المحكمة الإدارية العليا في البلاد بأغلبية كبيرة على طلب إلغاء قرار تحويل آيا صوفيا من مسجد إلى متحف، على أن يعلن القرار بشكل رسمي يوم الجمعة.
أبرز هذه التسريبات جاء في مقال عبد القادر سيلفي الذي يعتبر أبرز الصحافيين المقربين من الحكومة في البلاد، حيث أورد في مقال له بصحيفة «حرييت» أن «المحكمة الإدارية العليا في البلاد اتخذت قرارها بإعادة فتح آيا صوفيا للعبادة مجدداً كمسجد، القرار اتخذ بإجمال كافة أعضاء المحكمة، والقرار حالياً في مرحلة الكتابة والصياغة والتوقيع وسيعلن عنه بشكل نهائي الجمعة، الجمعة سيكون يوماً تاريخياً».
وأضاف سيلفي: «القرار حطم القيود المفروضة على آيا صوفيا، المحكمة اتخذت قرارها بإنهاء شوق الأمة التركية الممتد منذ 86 عاماً».
وشدد سيلفي على ضرورة عدم اعتبار هذا القرار سياسيا، نافياً أن يكون مرتبطا بالتجاذبات السياسية الداخلية، وأن فتح آيا صوفيا كان مثاراً للجدل السياسي طوال العقود الماضية، وفتحه للصلاة مجدداً ينهي هذا الجدل، على حد تعبيره.
من جهتها نقلت وكالة رويترز عن مسؤول تركي لم تكشف هويته قوله «نتوقع أن يأتي القرار بالإلغاء وأن يصدر الحكم يوم الجمعة». كما نقلت عن مسؤول في حزب العدالة والتنمية الحاكم قوله «قرار لصالح الإلغاء متوقع يوم الجمعة»، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
و»آيا صوفيا» التي تعتبر حالياً متحفاً تاريخياً، كانت في الأصل كاتدرائية أرثوذكسية طوال (916 عاماً)، تحولت لاحقا إلى مسجد (482 عاماً) قبل أن تصبح متحفا عام 1935 في عهد كمال أتاتورك. ومنذ سنوات شهدت تركيا دعوات متصاعدة لإعادة فتح «آيا صوفيا» كمسجد للعبادة وإطلاق الأذان من مآذنه الأربع الشهيرة، لكن أردوغان رفض مراراً هذه الدعوات.
وكانت تسريبات تحدثت عن أردوغان ينوي فعلياً الإعلان عن إقامة الصلاة في آيا صوفيا بالتزامن مع إحياء الذكرى الرابعة لمحاولة الانقلاب الفاشل التي شهدتها البلاد في الخامس عشر من يوليو/تموز 2016.
وتعقيباً على سؤال في هذا الإطار، قال نعمان قورتلموش القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية الحاكم: «إن شاء الله يتم فتح آيا صوفيا للعبادة قبيل ذلك (قبيل منتصف الشهر الجاري)، لو كان الأمر يعود لي لقلت لتفتح اليوم آيا صوفيا، لكننا بانتظار قرار نهائي وقطعي من المحكمة الإدارية العليا».
من جهته، اعتبر متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن فتح آيا صوفيا للعبادة «لا يُنقص شيئا من هويتها التاريخية العالمية»، مضيفاً: «إن فتح آيا صوفيا للعبادة لا يُنقص شيئا من هويتها التاريخية العالمية، وبإمكان المزيد من الناس زيارته»، وذلك رداً على الانتقادات الدولية المتصاعدة حول هذه القضية، حيث أعرب رئيس الكنيسة الأرثوذكسية البطريرك كيريل عن «قلقه العميق» للتفكير في الخطوة، واصفا آيا صوفيا «بأحد أعظم آثار التراث المسيحي»، معتبراً أن «أي تهديد يحيط بآيا صوفيا هو تهديد لكامل الحضارة المسيحية وبالتالي لقيمنا الروحية وتاريخنا»، وحذر من أن تغيير الوضعية الحيادية الحالية للمبنى التاريخي سيتسبب «بألم عميق» للشعب الروسي.
بدوره، قال المتحدث باسم الكرملين إنّ مستقبل الموقع التاريخي مسألة تركية داخلية، لكنه أعرب عن أمله «الأخذ بعين الاعتبار» وضع آيا صوفيا كموقع تراث عالمي، مذكراً تركيا بأن الكاتدرائية السابقة كانت «فريدة من نوعها» ولها «قيمة مقدسة» لدى الروس. كما عبر نائب وزير الخارجية الروسي عن أمله في أن تأخذ تركيا «في الاعتبار الأهمية العالمية» للموقع.
في السياق ذاته، دعت الولايات المتحدة تركيا إلى الحفاظ على وضع «آيا صوفيا» كمتحف في إسطنبول. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو إن «الولايات المتحدة ترى أن أي تغيير في وضع آيا صوفيا يقلل من تراث هذا المبنى الاستثنائي وقدرته على خدمة الناس كجسر فريد للمعتقدات والثقافات المختلفة».
ورداً على هذه الانتقادات، شدد نائب وزير الخارجية التركي ياووز سليم كيران أن»آيا صوفيا» هو شأن داخلي تركي، وأكد أن بأن بلاده ستواصل حماية التراث الثقافي والديني. وقال: «تحويل آيا صوفيا مطلب يتطلع إليه شعبنا، والعالم الإسلامي، أي أنه مطلب للجميع، فشعبنا مشتاق منذ سنوات ليراه مسجدا».
والجمعة الماضية، رفض إردوغان الانتقادات، وقال: «توجيه اتهامات إلى بلدنا في مسألة آيا صوفيا هو بمثابة هجوم مباشر على حقنا في السيادة».
وبينما تركز الحكومة وحزب العدالة والتنمية الحاكم على تقديم القضية على أنها أمر مرتبط بدرجة أساسية بـ«السيادة الوطنية»، تثير جماعات إسلامية القضية من منطلقات «دينية»، في حين ترى أحزاب تركية معارضة أن القضية تثار بدوافع «انتخابية»، بالمقابل يحذر آخرون من «مخطط توريط» يهدف إلى الإضرار بتركيا والرئيس أردوغان داخلياً وخارجياً.