ترامب وعباس يتصارعان على الموقف العربي من خطة السلام
إدارة ترامب تتصارع الآن مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على موقف الدول العربية من خطة السلام، التي يتوقع نشرها بعد شهر رمضان الذي سينتهي في شهر حزيران. دبلوماسيون عرب وأوروبيون يجرون محادثات مع الإدارة قالوا إن كبار الشخصيات في إدارة ترامب قلقون من إمكانية أن الأردن ومصر، الدولتين الوحيدتين اللتين لها اتفاقات سلام مع إسرائيل، ستردان بشكل سلبي على الخطة، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على دول أخرى في المنطقة، وفقاً لصحيفة “هآرتس” العبرية.
أحد الدبلوماسيين العرب الذي تحدث مع «هآرتس» قال إن الإدارة تدرك أن الأردن سيجد صعوبة في تأييد الخطة كما الخطة كما تظهر في هذه اللحظة مما ينشر في وسائل الإعلام ـ بدون دولة فلسطينية وبدون حل لمشكلة اللاجئين. قبل بضعة أشهر قال الملك عبد الله في محادثة مع زعماء يهود في الولايات المتحدة، رغم أنه أجرى لقاءات كثيرة مع الطاقم الأمريكي برئاسة غارد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، إلا أنه لا يعرف ما تتضمنه الخطة الأمريكية. «ببساطة لا فكرة لدي»، قال الملك عبد الله في المقابلة.
مصدران أمريكيان شاركا في اللقاء قالا للصحيفة إن الملك أظهر تشاؤمه من الخطة وفضل التحدث عن أمور أخرى مثل الوضع في سوريا وأزمة اللاجئين التي تثقل على الأردن.
في البيت الأبيض، في المقابل، يرسمون صورة متفائلة أكثر مع التأكيد على علاقة كوشنر الشخصية مع شخصيات في دول الخليج. هدف الإدارة هو الفصل بين الرد الفلسطيني على خطة السلام والرد الأوسع للعالم العربي. هذا على فرض أن الفلسطينيين سيردون سلباً على الخطة عند نشرها. في الإدارة يدركون أن الأردن ومصر ودولاً عربية أخرى سيجدون صعوبة في أن يدعموا الخطة بشكل واضح، والتي لن تشمل دولتين وعاصمة لفلسطين في شرق القدس. ولكنهم يأملون أن رد العالم العربي لن يكون الرفض المطلق للخطة، بل موافقة على أن يروا فيها قاعدة للنقاش.
وفقاً لذلك حاول المبعوث الخاص لترامب في الشرق الاوسط، جيسون غرينبلاط، مؤخراً، نفي منشورات في العالم العربي قيل فيها إن الخطة ستمس بالسلامة الجغرافية أو مصالح مصر والأردن. في الأسبوع الماضي نفى غرينبلاط في حسابه على «تويتر» منشورات قالت إن مصر سيطلب منها في إطار الخطة إعطاء مناطق للفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء كتعويض عن ضم إسرائيلي في الضفة الغربية. غرينبلاط أكد في أقواله أن سيناء «تعود للمصريين» ووصف التقارير حول هذا الموضوع بـ «أخبار كاذبة». المبعوث الخاص طلب منه التعليق على هذه القضية بعد أن حظيت منشورات حول الموضوع في الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام العربية بمئات آلاف المشاركات.
وقد علمت «هآرتس» أن غرينبلاط التقى في السنوات الأخيرة، عدة مرات، منظمات يمينية في الولايات المتحدة، تعمل على دفع فكرة تبادل الأراضي في شبه جزيرة سيناء. جزء من اللقاءات جرى قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض، في الوقت الذي كان فيه غرينبلاط مستشاراً لحملة ترامب الانتخابية. في السنة الماضية عندما اكتشفت شخصيات رفيعة سابقة في إدارة اوباما موضوع هذه اللقاءات، توجهت إلى غرينبلاط وحذرته من أن الأمر يتعلق بفكرة ستعرض للخطر العلاقات بين إسرائيل ومصر. وقد أجاب رداً على ذلك بأن الأمر يتعلق بـ «نظرية مؤامرة» واتهم الفلسطينيين بنشر معلومات كاذبة استهدفت إثارة الرأي العام في العالم العربي ضد الخطة.
نفي آخر اضطر غرينبلاط إلى أن ينشره مؤخراً يتعلق بالأردن وبفكرة «كونفيدرالية إسرائيلية ـ أردنية ـ فلسطينية» كحل محتمل للنزاع. البيت الأبيض سبق ونفى في السابق أنه ينوي اقتراح كونفيدرالية كهذه، لكن الأربعاء الماضي كتب غرينبلاط مرة أخرى في «تويتر» أن ليست هذه هي الخطة، من أجل صد منشورات حول هذا الموضوع في الأردن. مصادر في الإدارة الأمريكية على قناعة بأن الفلسطينيين يعملون على نشر مواضيع كهذه من أجل تخريب احتمالية نجاحهم.
في الإدارة الأمريكية يحاولون تجنيد خبراء في شؤون الشرق الأوسط يوافقون على الدفاع عن الخطة ويحاولون عرض أفضلياتها على وسائل الإعلام العربية. «هم يعرفون أن أمامهم تحدياً كبيراً في هذا القطاع»، قال للصحيفة شخص يقدم الاستشارات للإدارة حول هذا الموضوع.
في عدد من المحادثات عرض كبار رجال الإدارة كمثال لنجاح عملية كهذه الرد في العالم العربي على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في السنة الماضية. الدول العربية أدانت حقاً هذه العملية، لكن كانت هناك فجوات في قوة ردها. الأردن كان الأبرز في رده الشديد، والسعودية ومصر ردتا بضبط أكبر للنفس.
من يعمل على إفشال جهود أمريكا لدى هذه الدول هو محمود عباس الذي زار هذا الأسبوع القاهرة. عباس جاء إلى العاصمة المصرية بعد أسبوع ونصف من زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في واشنطن حيث تم استقباله بحفاوة في البيت الأبيض. الدبلوماسيون العرب الذين تحدثوا مع «هآرتس» قالوا إن عباس يريد التأكد من أن زعماء الدول العربية لن يغيروا مواقفهم من الخطة في أعقاب وعود من الإدارة في مواضيع اقتصادية وأمنية.
في البيت الأبيض يأملون بأن العلاقات القريبة لكوشنر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومع نظيره في دولة الإمارات محمد بن زايد، ستجعل هذه الدول تحتل عنصر المفاجأة في موقفها من الخطة. محمود عباس في المقابل يعتمد على ملك السعودية، سلمان، الذي أظهر في السنة الأخيرة مقاربة «أكثر تقليدية» حول القضية الفلسطينية. ووعد بأن دولته ستعارض أي خطة لا تستجيب لمواقف الفلسطينيين.