تحريض إسرائيلي «خطير» ضد النشطاء الفلسطينيين في تركيا
رفعت إسرائيل من مستوى تحريضها السياسي والإعلامي وبشكل خطير ضد النشطاء الفلسطينيين الذين يقيمون في تركيا الذين تتهمهم بالعمل لصالح فصائل المقاومة الفلسطينية، وسط خشية متصاعدة من حصول عمليات اغتيال ضدهم على غرار ما قام به الموساد الإسرائيلي أخيراً ضد نشطاء يعملون لصالح المقاومة الفلسطينية في تونس ولبنان وماليزيا وغيرها من المناطق حول العالم.
وقبل أيام نشرت فضائية «كان» العبرية التابعة لهيئة البث الإسرائيلية فيلماً تحت اسم «ملاحقة أسرار حماس» تحدثت فيه عن الحرب بين نشطاء حماس في الخارج والموساد الإسرائيلي. وركز الفيلم على ما أطلق عليه «قسم البناء» الذي تقول إسرائيل إن حماس الخارج أنشأته من أجل تطوير القدرات العسكرية لكتائب القسام بالاستعانة بالنشطاء الفلسطينيين حول العالم، وخاصة في لبنان وماليزيا وتركيا التي جرى التركيز عليها بشكل غير مسبوق.
وتضمن الفيلم ما يمكن اعتباره اعترافاً إسرائيلياً علنياً للمرة الأولى بالمسؤولية عن عمليات اغتيال ضد نشطاء لحماس في الخارج في السنوات الأخيرة، وعلى رأسهم المهندس التونسي محمد الزواري الذي كان يطور برنامج الطائرات المسيرة لكتائب القسام، والمهندس الفلسطيني فادي البطش الذي اغتيل أخيراً في ماليزيا، ومحمد حمدان أحد نشطاء حماس الذي نجا من محاولة اغتيال في لبنان. وقال الفيلم إنه مسؤول عن برنامج لتطوير الصواريخ لكتائب القسام من لبنان.
واعتبر الفيلم أن «قسم البناء» التابع لكتائب القسام يعمل تحت غطاء «هيئة علماء فلسطين في الخارج» التي تتخذ من تركيا مقراً لها.
وقال «روحي شارون» المحلل العسكري للقناة «يوجد في تركيا من 10 إلى 15 قيادياً، بعضهم مهندسون والبعض الآخر قياديون في حماس، هدفهم تطوير الأسلحة والذخيرة التي بحوزة الحركة لتحقيق عنصر المباغتة ضد إسرائيل في المواجهة المقبلة» .
ويقول «حاييم تومر» الرئيس السابق لإحدى شعب الموساد «حماس لديها مكتب أو بعثة في تركيا التي بها تكنولوجيا ولديها اتصال مع أوروبا بمباركة ورعاية سلطات الأمن في تركيا، وهذا الأمر يشكل مشكلة لإسرائيل».
وجاء في الفيلم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسمح لرئيس الاستخبارات التركية بتقليل التنسيق مع إسرائيل «أكثر فأكثر إلى أن توقف كلياً عن زيارة إسرائيل للتنسيق» .
ويشير الفيلم إلى أن الخطة الجديدة للموساد الإسرائيلي تركز على إسطنبول، وأن الموساد انطلق في مهمة لتصفية «قسم البناء» التابع لحماس، لا سيما في تونس وماليزيا وتركيا، وهي أماكن وصفها بأنها «تجد فيها حماس بيئة آمنة من أجل العمل فيها» .
وهذا ليس الفيلم أو الحملة الإعلامية الإسرائيلية الأولى ضد نشاط حركة حماس في تركيا، فخلال السنوات الأخيرة كثفت إسرائيل من حملاتها الإعلامية عبر حملات تحريض واسعة، رافقتها ضغوط دبلوماسية كبيرة على تركيا من أجل «الحد من نشاط حركة حماس في الأراضي التركية» .
وركزت الحملات السابقة على القيادي البارز في حركة حماس صالح العاروري الذي تتهمه إسرائيل بقيادة النشاط العسكري لحماس من الخارج والمسؤول عن إعادة بناء كتائب القسام في الضفة الغربية. واتهمت إسرائيل العاروري بالتخطيط لعمليات عسكرية من مقر إقامته في تركيا، ومارست ضغوطاً كبيرة على أنقرة من أجل إنهاء إقامته، حيث انتهت الإقامة العلنية للعاروري في تركيا الذي بات يتنقل بسرية أكبر وسط أنباء عن نقل مقر إقامته إلى لبنان.
وفي الأشهر الأخيرة ظهرت عدة صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي وصفت بـ»المشبوهة» تحرض على وجود النشطاء الفلسطينيين في تركيا، وبرزت صفحة باسم «خلص حماس»، نشرت معلومات أمنية وصفت بـ»الخطيرة» عن نشطاء لحماس في تركيا، وسط ترجيحات بأن الصفحة تدار من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد» .
واحتوت الصفحة على صور التقطت لنشطاء حماس بشكل سري في أماكن مختلفة من إسطنبول وتركيا بشكل عام، ونشرت الصفحة أسماءهم، وما قالت إنها مهامهم التنظيمية العسكرية. ونشرت معلومات بالصور عما قالت إنه الهيكل التنظيمي لـ»قسم البناء» التابع لحماس في إسطنبول.
وولدت هذه الحملات والتحريض الإسرائيلي المتواصل ضد حماس في تركيا خشية واسعة من لجوء الموساد لتنفيذ عمليات اغتيال ضد هؤلاء النشطاء في تركيا على غرار ما جرى في تونس ولبنان وماليزيا وغيرها من المناطق في السنوات الأخيرة.
لكن آخرين اعتبروا أن لجوء الموساد للحرب الإعلامية وحملات التحريض وتسريب معلومات «خطيرة» على مواقع التواصل الاجتماعي ضد حماس في تركيا يأتي في ظل عجز إسرائيل عن تنفيذ عمليات الاغتيال على الأراضي التركية.
وتشير التقديرات إلى أن مشكلة إسرائيل لا تتعلق بالناحية العملياتية حيث يستطيع الموساد الوصول لأي مكان في العالم، ولكن الخشية تتمثل في قدرة المخابرات التركية على كشف كامل خيوط أي عملية قد تنفذ على أراضيها، والتبعات السياسية لأي خطأ يمكن أن ترتكبه إسرائيل على الأراضي التركية، والموقف الذي سيتخذه أردوغان الذي لن يتساهل مع أي شيء من هذا القبيل.