تحذيرات من “أدوات التدخل التركي” ومحاولات أردوغان للهيمنة الإقليمية
ناقش عدد من المختصين في الشؤون التركية ادوات التدخل التركي في المنطقة، والانعكاسات الحالية والمتوقعة على المنطقة وتركيا، وذلك خلال ندوة اقيمت في القاهرة بعنوان “أدوات التدخل التركي في المنطقة”، والتي شارك بها الكاتب منير اديب المتخصص في شؤون الجماعات الارهابية والكاتب السوري أحمد شيخو، وأدار الندوة الكاتب السيد عبد الفتاح، وذلك بمقر دار نفرتيتي للطباعة والنشر، وبحضور عدد من المهتمين والصحافيين ووسائل الاعلام.
المشروع التركي شبيه بالمشاريع الصهيونية والايرانية
وقال الكاتب منير اديب في كلمته إن هناك ثلاث مشاريع في المنطقة تتمثل في المشروع التركي والايراني والصهيوني، وهي تتفق في بعض النقاط وقد يكون هناك خصوصية للبعض منها، لافتا ان بين هذه المشاريع تنسيق كبير، فهناك تنسيق بين المشروع التركي والايراني، وتنسيق بين المشروع التركي والصهيوني.
وأشار اديب الى ان المشروع التركي هو احد المشاريع القائمة على فكرة الاستعمار والتوسع، فاردوغان يتعامل من خلفية تاريخية فهو يريد تحقيق اعادة حلم الامبراطورية العثمانية، واكد ان هذا المشروع لايختلف عن المشروع الايراني، والقائم ايضا على التوسع بنفس الخلفية التاريخية المتمثلة بعودة الامراطورية الفارسية من جديد.
ويري اديب ان كلا المشروعين يلعبان على الحدود الجغرافية بالاضافة الى الافكار، وقد نجح المشروعين بصورة بصورة او بأخرى على الاقل في السنوات الاخيرة وترجم ذلك على ارض الواقع ويترجم على ما يسمي بالحدود الجغرافية، واضاف ان ايران تسعى الى نشر افكارها للخارج من منطلق انها ترى انها الجمهورية الاسلامية والخلافة القادمة وانها الامبرطورية التى سقطت وستعود.
ويرى أن اردوغان قام باستخدام بعض المفردات تجعلنا على يقين بأنه يعمل على نفس الشاكلة، فقد استخدم مصطلح الامانة العثمانية فيما يتعلق بليبيا وانها كانت ضمن الامرطورية العثمانية وهو يريد عودة هذه الامبرطورية العثمانية من جديد.
وأضاف اديب ان خطورة المشروع التركي تتمثل في انه ليس مشروعا عسكريا، كما ان الاقتصاد ليس هو الهدف الاساسي وان كان من ضمن المحددات الرئيسة، ويؤكد ان ادوات اردوغان كثيرة ومتعددة ومن يختزل هدفه بدخول ليبيا في الاقتصاد فقط يكون قد حاد كثيرا عن فهم وادارك مشروع اردوغان العثماني، مؤكدا ان الاخطر في هذا المشروع هو الناحية الفكرية، فهو كان ومازال يدعم جماعات العنف والتطرف ومشروع الاسلام السياسي في المنطقة، ويشير أن هذا المشروع هو الأقرب اليه والذي يرى انه يمكن للاتراك العودة للامبراطورية الزائلة من خلاله، واشار الى انه من ضمن الادوات التى استخدمها اردوغان في ليبيا بانه قام باستثمار جماعات العنف والتطرف والمليشيات المسلحة التابعة لها ودعمها، بالاضافة الى نقل عدد كبيرة من المرتزقة السورية الى ليبيا، وأكد ان هذه المهمة كانت يسيرة عليه لانه كان يتعامل مع هذه التنظيمات عندما كانت في سوريا حيث ان هناك التقاء في الافكار فيما بين مشروعه ومشروع هذه التنظيمات وصل الى حد الانسجام او التطابق.
ويؤكد اديب ان اردوغان لديه احلام كثيرة في ليبيا، فهي الدولة الكبيرة في افريقيا ويريد ان ينقل المشروع الى انهار على عتبة الرقة والموصل، واوضح ان هناك تفكير لدى من يحملون هذا المشروع ويدعمونه في المنطقة لانشاء وطن يمكن ان نسميه وطن بديل لهذه التنظيمات، وأضاف ان فكرة انشاء وطن بديل في ليبيا امرا يبدو سهلا وميسورا فضلا على ان انشاء امارة اسلامية قد يحقق له احلاما كثيرة، يكون جزءا منها تهديد الامن القومي المصري خاصة وان سقوط الاخوان في ثورة 30 يونيو لم يكن سقوطا سياسيا وأنما انهيارا لمشروع الاخوان.
واوضح ان تركيا كانت الدولة الام التى نشأ فيها الاخوان عام 1920، فانهيار التنظيم في مصر اثر على وجود مشروع الاسلام السياسي في عدد من العواصم الاوربية، وبالتالي هو يريد انشاء هذه الامارة على هذه الحدود لتهديد مصر ومحاولة عودة الاخوان والتنظيمات الى سدة الحكم.
تركيا أداة للنظام العالمي
من جهته قال الكاتب أحمد شيخو خلال مداخلته، إن تركيا كسلطة وجغرافيا هي أداة للنظام العالمي ولذلك تم توظيفها من بعد تأسيسها عام 1923 باتفاقية لوزان، ومن هذا التاريخ لليوم مازالت هذه الجغرافيا وكل السلطات الموجودة بها هي ايضا أداة للنظاما العالمي، واكد انه بعد 18 عاما من حكم حزب العدالة والتنمية لم تقم حكومة بين كل الحكومات التي تعاقبت على تركيا بما قامت به حكومة حزب العدالة والتنمية في المنطقة،وأشار الى أن السلطة الحالية الموجود بتركيا تشمل ثلاث اتجاهات هي حزب العدالة والتنمية وحزب الاسلام السياسي وحزب الحركة القومية التركية الذي يمثل الاتجاه القومي الشوفيني وقسم من الدول العميقة في تركيا.
واشار شيخو الى انه وخلال الحديث عن التدخل التركي لابد من التطرق إلى بعض النقاط منها الداخل التركي والازمات التي تعترض السلطة الحالية، وايضا التحليل الدقيق وشخيص الحالة التركية، وعلاقة السلطة التركية بالجهات العالمية كونها تمتلك منظومة علاقات أقامتها وتتيح لها هذه التدخلات الموجودة في المنطقة، بالاضافة إالى الوضع الموجود بالمنطقة خصوصا بعد عامي 2011 و2012 والتطورات التي طرأت على المنطفة العربية.
وأكد شيخو على أهمية معرفة هذا المجالات لفهم التدخل التركي بشكل عام في المنطقة وفي سوريا والعراق على وجه الخصوص، وأوضح شيخو ان تركيا تحتل نسبة 12 % من الاراضي السورية وهي عفرين ورأس العين وتل ابيض بالاضافة الى الباب وجرابلس ومدينة ادلب، ونفس الوقت تحتل جزءا من شمال العراق وهو اقليم برادوست على الحدود الايرانية التركية العراقية.
و فيما يتعلق بالداخل التركي يقول شيخو، أنه بعد انهزام تنظيم داعش في مدينة كوباني عام 2015، وحصول حزب الشعوب الديمقراطي ضمن تركيا على نسبة 88 % من المقاعد لم يستطيع حزب العدالة والتنمية أن يشكل الحكومة بمفرده، فذهب للتحالف مع الحركة القومية التركية، ومن بعدها صار صراع بين العدالة والتنمية وفتح الله غولن الذي كانوا في تحالف مع حركة الخدمة التي كانت موجودة مع اردوغان في بداية تشكيل السلطة في تركيا.
وأضاف ان السلطة التي جمعت في عام 2015 حركة العدالة والحركة القومية قامت بتقليم اظافر الجيش الى حد ما وبالاخص بعد محاولة إنقلاب والتي كانت تركيا على علم بها وتركتها تسير لتستفيد منها، وانهت مؤسسات الدولة التركية التي كانت موجودة وتحولت الى نظام الحكم الواحد، ولم يعد هناك في تركيا شئ اسمه دوله بل ظهرت حكومة تسمى حكومة حرب خاصة، واوضح أنها تعاني من ازمة حادة نتيجة التناقضات الموجودة بينها وبين المجتمع التركي ونتيجة القضايا المتراكمة ضمن الداخل التركي، وهي بحاجة ان تكون في حالة حرب دائمة سواء مع الداخل التركي اومع المحيط العربي.
وأضاف أنه في بداية 2011 و2012 ونتيجة الحالات التي حدثت في المنطقة او الربيع العربي، ونتيجة غياب المشاريع المجتمعية التي يمكن ان تجسد بشكل صحيح رغبة الشعوب في الحرية والديمقراطية، ونتيجة التفاف العديد من القوى العالمية وقوى الاسلام السياسي على هذه التحركات بسوريا والعراق وبالاخص في سوريا، ظهر لتركيا برنامج شامل من بدايات الاحدا ث، وتمثل في سوريا منذ احداث منطقة جسر الشغور التي تلت احداث مدينة درعا، وكانت تركيا وقتها تحضرمخيمات على الحدود التركية وتقيم معسكرات للمسلحين في المناطق القريبة من الحدود السورية بالاضافة لمحاولتها للسيطرة على المعارضة السورية وبشكل عام على اللاجئين السوريين.
واسست في بداية التشكيل هياكل المعارضة السورية من الاخوان المسلمين بالاضافة الى بعض الليبراليين الذين ايضا كانوا في توافق وانسجام مع بعض حركات الاسلام السياسي باعتبار ان هذه الحركات تسعى الى التوافق مع بعض القوى الليبرالية في بعض المجتمعات والقوى التي لديها هدف المصلحة والحصول على بعض المناصب بالاضافة الى استغلال العلاقات الدولية، بالاخص التناقضات السياسة والعسكرية بين القوى الكبرى الموجودة على الساحة السورية او العراقية وبشكل عام في المنطقة، فالقوى العالمية تنظر الى هذا التمدد التركي على انه يخلق حالات قد تخدم بعض جزئياتها، سواء كانت روسيا او امريكا في سوريا او في المناطق الاخرى.
خطر كبير يتمثل بالتدخلات في افريقيا
وتلا مداخلات المتحدثين تعليقات من الحضور، حيث قالت الكاتبة اسماء الحسيني ان التدخلات التركية في افريقيا لاتنفصل عن تدخلها في العالم العربي نظرا للعلاقات الوثيقة بين المنطقتين، وان هناك مخاطر كبيرة من استمرار هذه التدخلات في افريقيا، واشارت الى ن ابرز هذه التدخلات السافرة تمثلت مثلا بتدخلها في الصومال وليبيا والسوادان، فقد حاولت تركيا ان تجعل سواكن السوادنية قاعدة لها ولكن اطاح باحلامها سقوط حكم البشير ورغم ذلك لم تيأس فمازالت تقدم المساعدات للسوادن وتحاول مد الجسور معها، واضافت الى ان تدخلها في ليبيا ونقل المرتزقة والسلاح هو بهدف مابعد ليبيا التى سوف تكون منطلقا نحو دول الساحل والصحراء خصوصا مالي وتشاد والنيجير الغنية بالموارد الطبيعية.
واشارت الحسيني الى انه لابد من الاعتراف ان النظام التركي استطاع ان يدخل هذه الدول ويقدم نفسه بوجه مشرق بانه هو من يمثل الاسلام الوسطي وبانة قوة اقتصادية تقدم بضائع عالية الجودة منخفضة الثمن، واكدت ان هناك تواجد تركي جاد ومكثف نحو القارة الافريقية عن طريق تقديم المساعدات والمشروعات التنموية، واكدت ان السعي التركي لمحاصرة نفوذ العرب وتحجيمه هو نفس مهمة التغلغل الاسرائيلي والتغلغل الايراني في في القارة الافريقية.
التقاعس العربي من اسباب التوغل التركي
ومن جهته راى الدكتور نبيل نجم الدين ان ماتقوم به تركيا وتدخلها في الدول العربية يمثل انتهاكا صارخا لسيادة الدول، فسيطرة تركيا على سبيل المثال على ١٢% من الاراضي السورية يعتبر احتلالا وفقا للقانون الدولي، واشار الى ان هناك تقاعس عربي شديد، يتمثل بعدم تناول تناول الامر من اصوله وفشل الامة العربية في التعامل مع الامبراطورية العثمانية الصهيونية، ويري ان السبيل للحد م هذه التعديات والتدخلات التركية السافرة يتلخص في عدة نقاط، منها قيام الحكومات العربية المعنية باعادة هيكلة موقف رسمي عربي قومي له اوليات مختلفة وهذا الموقف يتم دعمه باجراءت تنفيذية ابسطها طرد السفراء، بالاضافة الى امكانية لعب الدول المتضررة نفس الدور الذي تلعبه تركيا وهو دعم التنظيمات التركية المعارضة للنظام التركية، كما يرى انه لابد من عودة الدول العربية الى المربع الاول فمصر هي الدول الكبيرة وعلى هذا الدول الاصطفاف خلف القيادة المصرية سياسيا ودعهمها.
تركيا تدعم الصومال لتوتير اليمن
من جهتها قالت الباحثة اليمنية فريدة احمد ان هناك عددا من الاشكاليات في اليمن، منها ادعاء الصومال ملكية جزيرة سقطرى ومحاولتها للحصول عليها بحكم المساحة البحرية الاقرب بالنسبة لها اكثر من اليمن بواقع250 كليو متر مقابل 350 كيلو متر من اليمن، واشارت الى ان الصومال حاولت تحريك هذا الملف في الامم المتحدة وعينت محاميين وقانونيين للحصول عليها، واضافت الى ان تركيا تدعم الصومال وتشجعها للحصول على جزيرة سقطرى حتى تكون بوابة للدخول لليمن والسيطرة عليها.
واوضحت بان اي دولة تتمكن من السيطرة على ارخبيل سقطرى سوف يكون لديها نفوذ قوي جدا وقادرة على ضرب صواريخ تصل الى دول شرق افريقيا وايضا دول جنوب غرب اسيا وشبه الجزيرة العربية، كما تستطيع السيطرة على اهم ثلاث مضائق بحرية في المحيط الهندي وهي مضيق هرمز وباب المندب وملقا، واضافت ان الإشكالية الاخرى تتمثل في الخلايا التركية الموجودة في اليمن من خلال العناصر الاخوانية وذراعها العسكري والسياسي حزب الاصلاح، واضافت ان تركيا تدخل الدول عبر بوابة المساعدات الانسانية، وهوماحدث في اليمن حيث ارسلت تركيا اليها عدد من المنظات الانسانية وان كانت مجرد ستارة، فهذه المنظمات ماهي الا خلايا استخبارتية تعمل على تدريب بعض الشباب اليمني وعناصر الاخوان في مأرب وشبوة وتعز، واشارت الى ان التدخل في اليمن غير واضح مقارنة بسوريا وليبيا متمنية ان يكون لمصر دور كبير في هذه الإشكالية.