ثقافة وفنون

تجربة التشكيلي العراقي محمد السعدون.. توظيفات رمزية لحواس تتعمق في الذات والوجود الإنساني


الموهبة في عمق الإنسان هي نداء داخلي متواصل، ينمو مع الفطرة لينطلق إلى المدار الواسع، فيطير ويحلّق ويحط، مراوغا جاذبية النور، وساريا في فضاءات لا مرئية، تبدأ من الروح لتحرّك المادة وتبعثر المألوف في المحيط، وتستغل الفضاء والأمكنة بالإصرار على البحث فيها، وكشف الغريب المدهش، وابتكار الفريد الجمالي، ونبش الوجع وحرقه وتحريره من الأطر الداكنة وفق أسلوب مفاهيمي حداثي الرؤية، تلك خلاصة رحلة فنية ميزت مسار الفنان التشكيلي العراقي “محمد السعدون”، تجربة محمّلة بتكوينات لونية وتعبيرية اعتمدت على مقاييس تراثية إنسانية، لتمنح المكان دوره في محاورة الأفكار المنثورة، والمتفجرة في الذاكرة والروح والأفق الواسع، والممتد منها رغم آلام الأمكنة، وحرقة الحدث الذي في حد ذاته لا يختلف عن أحاسيس الفنان الذي لا ينفصل عنها، ليصبح فنه انتماء روحيا نابعا من التجذر الثقافي والجغرافي والاجتماعي والسياسي، جعلته يؤسّس حركة تشكيلية معاصرة، وتجربة فريدة سطعت ببساطة تقديمها، وعمق أفكارها، وإنسانية مسارها، وقوة الأحاسيس المخزنة فيها في عدة معارض عالمية في العراق والإمارات واليابان والولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا، وتمتلك مجموعة فرحات الفن من أجل الإنسانية قرابة 15 عملا فنيا للسعدون، تعكس مختلف مراحل تطوره الفني، من بينها “أبواب بغداد المحروقة”، “متفجرات”، “تأليف” “باب عربي”، “نافذة” “الكراسي”، “الغيشا اليابانية”، “وجه”.
ولد محمد السعدون سنة 1958 بالناصرية العراق، تخرج سنة 1979 من كلية الفنون الجميلة ببغداد، ومنها انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تحصل على الماجيستير من جامعة هارتفورد والدكتوراه من جامعة أوهايو، عاش متنقلا بين العراق ودول العالم، فطوّر فنه وعكس بيئته وهويته العراقية، حيث كان محمّلا بفكرة وحدة الوطن، وتنوعه الإنساني بمختلف توجهاته الفكرية والدينية والثقافية.


*الأعمال المرفقة
متحف فرحات الفن من أجل الإنسانية -الفن العراقي المعاصر
Farhat Art Museum Collection

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى