تايم: تجاهل أمريكا لبريطانيا في تحضيرات ضرب إيران زاد من تصدع “العلاقة الخاصة”
نشرت مجلة “تايم” الأمريكية تقريرا عن التصدع في “العلاقة الخاصة” بين أمريكا وبريطانيا خاصة بعد أن أخفت إدارة دونالد ترامب خططها لضرب إيران عن حليفتها البريطانية.
وكشف أربعة مسؤولين للمجلة أن بريطانيا لم تكن ضمن التخطيط للعملية التي كانت ردا على إسقاط إيران طائرة تجسس بدون طيار، وهي التي ألغاها الرئيس دونالد ترامب لاحقا وعللوا الأمر بسرعة الرد وتطوره.
وفي التقرير الذي أعدته كيمبرلي دوزير من أسبين/ كولورادو التي يعقد فيها سنويا مؤتمر للأمن القومي والسياسة الخارجية، أشارت فيه إلى حديث القائم بأعمال وكالة الإستخبارات الأمريكية أثناء هجمات سبتمبر 2001 جون ماكلوغلين الذي تذكر بعاطفية كيف خاطر مدير المخابرات البريطانية جون سكارليت الذي اجتاز الأجواء المغلقة بين لندن وواشنطن للوقوف مع زملائه في مرحلة ما بعد 9/11. وتذكر ماكلوغلين وسكارليت مدير أم أي 6 السابق بحب العلاقة الخاصة بين البلدين أثناء المؤتمر والتي يتفق الأمريكيون والبريطانيون أنها تمر بمرحلة صعبة.
فقد قررت بريطانيا تشكيل قوة أوروبية لحماية الملاحة في الخليج بعد احتجاز إيران ناقلة نفط لها بدلا من المشاركة في الجهود الأمريكية. وجاء هذا بعد قرار إدارة ترامب إخفاء تفاصيل الضربة العسكرية ضد إيران بريطانيا. ونقلت المجلة عن مسؤول بارز مبررا استبعاد بريطانيا “ليس من عادتنا تنفيذ عمليات فردية بدونهم” و “لكن في هذه الحالة وبسبب طبيعة الحادث والرد المقترح فلم يكن (إخبارهم) عنصرا أساسيا”.
وربما قررت إدارة ترامب التصرف بطريقة فردية بدون إخبار البريطانيين عن التفاصيل. وذلك بناء على التحرك والرد على العدوان الإيراني. ومع أن ترامب قرر التخلي عن الضربة في اللحظة الأخيرة إلا أن حجب المعلومات عن دولة حليفة أحدث صدمة في التحالف الذي يعاني من هجمات ترامب المتكررة على رئيسة الوزراء السابقة وغضبه على سفير بريطانيا في واشنطن كيم داروك الذي قال إنه لن يتعامل معه بعد تسريب وثيقة انتقد فيها البيت الأبيض وأجبره في النهاية على الإستقالة.
عبّر مسؤول أمريكي بارز عن إحباط إدارة ترامب من البريطانيين بقوله “جبناء” في إشارة لاستمرار دعمهم الإتفاقية النووية وترددهم في مواجهة إيران مباشرة ومحاولاتهم مساعدة إيران التحايل على العقوبات الأمريكية مع عدد من الدول الأوروبية
وعبّر مسؤول أمريكي بارز عن إحباط إدارة ترامب من البريطانيين بقوله “جبناء” في إشارة لاستمرار دعمهم الإتفاقية النووية وترددهم في مواجهة إيران مباشرة ومحاولاتهم مساعدة إيران التحايل على العقوبات الأمريكية مع عدد من الدول الأوروبية التي لا تزال تدعم الإتفاقية النووية الموقعة عام 2015.
وأخبر زعيم المحافظين السابق إيان دانكن سميث هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن تريزا ماي ربما رفضت عرضا لمساعدة أمريكا في الخليج قبل احتجاز إيران ناقلة النفط البريطانية خشية أن تنجر بريطانيا إلى مواجهة عسكرية. وقال المسؤولون الأمريكيون أن دعم بريطانيا للإتفاقية النووية برز من خلال رفضها المشاركة في “عملية سينتل” وهي الخطة التي تشرف عليها القيادة المركزية لتشكيل تحالف لمراقبة الملاحة في الخليج. وأعلن وزير الخارجية جيرمي هانت يوم الإثنين عن تشكيل قوة أوروبية لحماية الملاحة الأوروبية التي تمر من الخليج وذلك بعد حادثة احتجاز الناقلة البريطانية ستينا إمبيرو.
وقال مسؤولون أمريكيون بارزون إنهم يتفهمون محاولات بريطانيا إبعاد نفسها عن استراتيجية “أقصى ضغط” التي تمارسها إدارة ترامب على إيران إلا أن القوة الأوروبية تحتاج في النهاية دعما استخباراتيا من الأمريكيين. وأثرت الأزمة في العلاقات على مواقف الدول الأوروبية التي تعتمد على بريطانيا في إيصال رسائلها إلى إدارة ترامب بسبب العلاقة الخاصة. واعترف مسؤولون أمريكيون في أوروبا أنهم لم يشاركوا خطط الرد على إيران بسبب ما وصفوه المعلومات المتأخرة التي تلقوها عن الضربة المحتملة.
وقال مسؤولان أمريكيان بارزان أن القائم بأعمال وزير الدفاع (أصبح وزير دفاع) مارك إيسبر حاول التخفيف من مخاوف حلفاء أمريكيا من خلال شرح استراتيجية أمريكا تجاه إيران في أثناء قمة الناتو الشهر الماضي ببروكسل. وهو ما أغضب بريطانيا أكثر لأن أمريكا قدمت لها معلومات غير مكتملة أسوة ببقية الدول الأعضاء في الحلف خلافا لما هو معهود وهو المشاركة التفصيلية في الخطط الحربية.
وتقول المجلة إن انتخاب بوريس جونسون كزعيم للمحافظين قد يساعد على رأب الصدع في العلاقة خاصة أنه حظي بدعم ترامب. وبحسب مسؤول أمريكي بارز “ما نعرفه عن مواقفه من الوقت الذي كان فيه وزيرا للخارجية تتعلق بإسرائيل واليمن وإيران فقد تكون لدينا فرصة حقيقية لتوسيع التفاعل والتعاون”.
وأضاف “نحن حريصون على بدء التفاوض حول التجارة لأنان نرى فرصة لتوسيع العلاقة” خاصة بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. وكان ترامب سريعا في تهنئة جونسون ووصفه بالقوي والذكي. ومع ذلك لم تستبعد المجلة استمرار قلق ومخاوف مسؤولي الأمن القومي البريطانيين حول وجهة العلاقة الخاصة.
وفي منبر الأمن بأسبين الأسبوع الماضي عبر عدد من المتحدثين والمسؤولين السابقين في إدارة باراك أوباما عن أسفهم للطريقة التي عاملت فيها إدارة ترامب سفير بريطانيا واعتذروا للبريطانيين الذين حضروا الإجتماع. ولم تساعد هذه عندما قال أحد الجنرالات الكبار في قيادة الباسيفك أن اليابان هي الحليف الأهم لأمريكا في العالم. أما العضو الجمهوري في الكونجرس ماك ثورنبيري عن تكساس فقد ربط عدم إخبار بريطانيا بتفاصيل الضربة الإيرانية بسبب التغيرات في القيادة البريطانية.
وقال إنه والنواب وبقية النواب الجمهوريين والديمقراطيين زاروا ترامب وحثوه على عدم السماح لإيران كي تفصل أمريكا عن حلفائها. ولكن لا سكارليت أو ماكلوغلين يعتقدان أن الرسالة وصلت. وقال سكارليت “من المهم أن تفهم القيادة من الجانبين أهمية تحالفنا وعلاقتنا العميقة” و “ربما لا يفهمون”. أما ماكلوغلين فقد قال معلقا على هجمات ترامب على ماي “وجدت الأمر مرعبا عندما أهان تيريزا ماي”. وحذر قائلا “لو تجاهلنا الحلفاء وكررنا ذلك فإنهم سيبحثون عن ترتيبات أخرى”.