تأثير الحلويات على الأطفال
كثير من الآباء والأمهات يعتادون إعطاء أطفالهم الحلوى، أو غيرها من السكريات كمكافأة أو حافز على حسن السلوك.
إلا أنهم قد لا يدركون أن استهلاك السكر هو مصدر قلق حقيقي إذا كان الطفل يأكله بشكل زائد، لأن هناك أدلة على أن الكثير من السكر قد يكون ضاراً.
عندما يأكل الأطفال الكثير من السكر فإن هذا يتسبب في أضرار لهم أكبر بكثير من مُجرد تسوس الأسنان فقط.
المخاطر ليست بسيطة
الآن بات من المعروف أن النسبة الزائدة من السكر ترتبط بارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، والسمنة، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وفي حين أن المشكلات والأضرار التي يُسببها السكر تؤثر على الجميع، سواء كانوا كباراً أم صغاراً، إلا أنها تخص الأطفال بشكل أكبر، لأن الكثير من الأطعمة التي يتم تسويقها للأطفال تكون مُحملة بالسكريات المُضافة.
فيصبح متوسط الاستهلاك اليومي للسكر مرتفعاً بشكل ملحوظ لدى الأطفال وأكثر من غيرهم.
ويُعتقد الآن أن استهلاك الكثير من السكر هو السبب الرئيسي للسمنة لدى الأطفال، ومن المُرجح أن يكون مسؤولاً جزئياً عن الزيادة الحالية في انتشار مرض السكري من الدرجة الثانية بين المراهقين والشباب.
فمنذ وقت ليس ببعيد لم يكن مرض السكري من الدرجة الثانية يُصيب الأفراد قبل مرحلة منتصف العمر.
ما هو السكر؟ وما هي السكريات المُضافة؟
السكر هو المُصطلح المُستخدم للإشارة إلى أنواع مختلفة من الكربوهيدرات الحلوة، ويتم تعريف السكريات المضافة بأنها جميع أنواع السكر المضاف كمكونات للأطعمة المصنعة.
وكذلك السكريات المضافة إلى الأطعمة المُعدّة بالمنزل.
والسكريات الطبيعية هي السكريات التي يحصل عليها الجسم بشكل طبيعي كمكونات متأصلة في الأغذية الطبيعية التي يتناولها، مثل السكريات الموجودة في الفواكه والخضراوات ومنتجات الألبان.
عندما نأكل السكريات الطبيعية فإننا نحصل على العديد من العناصر الغذائية الضرورية لعمليات الجسم الحيوية، أما السكريات المُضافة فهي على النقيض من ذلك.
مُجرد سعرات حرارية إضافية قد تكون غير ذات قيمة، يكون الطعام الذي يحتوي على السكريات المُضافة مُمتعاً، لكنه لا يوفر أي قيمة غذائية، يُمكننا الحصول على السكريات الطبيعية كجزء من نظام غذائي صحي ومتوازن.
ودوماً عندما يتم التحدث عن السكر الضار يكون المقصود به هو السكر المُضاف.
إدمان السكر
إذا كان الطفل يتناول الكثير من السكريات المُضافة بلا حساب، فقد يصل به الأمر إلى «إدمان السكر«، وهذا الأمر له العديد من أوجه الأذى الجسدي والنفسي على الأطفال.
وإدمان السكر هو أحد أنواع إدمان الغذاء، ولديه أوجه شبه بإدمان المخدرات.
ينبغي أن يشعر الآباء بالقلق إذا كان أطفالهم يعانون من أعراض الانسحاب عندما لا يحصلون على الأطعمة المُحلاة بالسكريات المُضافة لمدة يوم أو يومين، وتكون أعراض الانسحاب هذه عبارة عن تغيّرات في المزاج.
مثل التهيج والعصبية المُبالغ فيها، وتغيرات في مستوى النشاط، كأن يصبح الطفل أكثر نشاطاً أو أكثر خمولاً مما اعتاد عليه.
الكمية الزائدة من السكر وخطر الإصابة بالأمراض القلبية
هذا بالإضافة إلى تزايد خطر الإصابة بالأمراض القلبية لدى المراهقين والشباب في مُقتبل أعمارهم، ويُحذر الخبراء أننا قد نواجه وباء من أمراض القلب في سن مُبكرة في القريب العاجل، والسكريات المُضافة في الوجبات الغذائية للأطفال تلعب دوراً كبيراً في هذا.
في أغسطس/آب عام 2016، نشرت لجنة من الخبراء عيّنتها جمعية القلب الأمريكية بياناً علمياً بعنوان:
«السكريات الإضافية ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأطفال».
واستعرضت اللجنة جميع المعلومات العلمية التي لها صلة بتأثير السكريات المُضافة لدى الأطفال.
وقدّم البيان توصيات حازمة حول كمية السكر المُضافة التي يمكن أن يستهلكها الأطفال، دون زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
الكمية المسموح بها من السكر
وفقاً لتوصيات جمعية القلب الأمريكية، يجب استهلاك كمية من السكر تقل عن 25 غراماً يومياً، وهو ما يُعادل نحو 6 ملاعق صغيرة، ويوازي نحو 100 سعر حراري خلال اليوم، للأطفال من عمر عامين وحتى 18 عاماً.
أما الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن العامين، فيجب ألا يستهلكوا أي قدر من السكر على الإطلاق.
كذلك فإن الجمعية الأمريكية لأمراض السرطان لا توصي أيضاً بإضافة أي سكريات إضافية للأطفال دون عمر العامين.
وبالنسبة للأطفال الأكبر من هذا فيجب أن تقتصر نسبة السكريات المُضافة على أقل من 25 غراماً في اليوم، وهذه المستويات الموصى بها هي أقل من ثلث متوسط استهلاك السكريات المُضافة لدى الأطفال اليوم.
وهنا يجب على الوالدين قراءة المُلصقات الغذائية على المنتجات التي يستهلكها أبناؤهم، والعثور على نسبة السكر بها، وحساب كمية الحلوى التي ينبغي على الأبناء عدم تجاوزها، وفقاً لنسبة السكر المسموح بها يومياً.
ويمكن أيضاً ألا يحصل الأطفال على الحلوى بشكل يومي، وأن يقتصر هذا على المناسبات وأيام مُعينة.
أضرار السكريات المُضافة على الأطفال
السكريات المضافة في النظام الغذائي لديها الكثير من الأضرار والآثار السلبية المُفاجئة، وخاصةً عند الأطفال، ومن هذه الأضرار:
1- البدانة
يرتبط ارتفاع استهلاك السكريات المضافة ارتباطاً كبيراً بالسمنة لدى الأطفال من جميع الأعمار، غير أن الاستهلاك المبكر للسكريات المضافة قبل عمر العامين، هو شيء سيئ على وجه الخصوص، وإذا حدث هذا فإنه يُتوقع حدوث السمنة عند عمر 6 سنوات.
2- ارتفاع ضغط الدم
تُشير الدراسات إلى أن استهلاك السكريات المُضافة يرتبط بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين، وأظهرت التجارب السريرية أن التناول المُفرط للفركتوز، وهو نوع من أنواع السكر، يرتبط بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والشباب.
3- اضطرابات مستويات الدهون في الدم
أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يتناولون الكثير من السكريات المضافة، يميلون إلى أن تكون مستويات الدهون الثلاثية لديهم مرتفعة.
وهذا النمط من شذوذ الدهون واضطراباتها هو مقدمة للإصابة بمرض السكري، كما تنخفض لديهم مستويات الكوليسترول الجيد والمفيد للجسم، وترتفع نسب الكوليسترول الضار، الذي يؤدي إلى حدوث تصلب الشرايين.
4- الإصابة بمرض السكري، والسكري من الدرجة الثانية
الاستهلاك الزائد من السكر لدى الأطفال يُمكن أن يُزيد من خطر الإصابة بمرض السكري في مرحلة مُبكرة من المراهقة.
وأثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يُعانون من زيادة الوزن يرتبط استهلاك السكريات المُضافة لديهم بمُقاومة إنتاج أجسادهم للأنسولين بشكل طبيعي، هذه المُقاومة التي تُعدّ السبب الكامن وراء الإصابة بمرض السكري.
5- سوء التغذية
في حين أنه من المعروف أن الكثير من السكر يقود إلى زيادة الوزن والسمنة، فقد يُفاجأ الآباء عندما يعلمون أن أبناءهم الذين يُعانون من زيادة الوزن هم يُعانون أيضاً من سوء التغذية، فسوء التغذية ليس هو عدم الحصول على ما يكفي من الغذاء، بل هو عدم الحصول على الكميات التي يحتاجها الجسم من العناصر الغذائية.
فقد يحصل الطفل على كمية كبيرة من السكر تُسبب له البدانة، لكنه يحتاج أيضاً إلى البروتين والدهون والفيتامينات والمعادن مثل الكالسيوم والحديد لكي يؤدي عملياته الحيوية بشكل صحيح.
يعتبر الحديد والكالسيوم مهمين بشكل خاص للأطفال الذين ينمون، فلا يملك الأطفال مخازن من هذه المعادن كالكبار، فهم بحاجة إلى المزيد من هذه المعادن لتوفير نمو عظامهم.
وقد لا تكون هذه المعادن موجودة بكميات كافية في الأطعمة السكرية، وملء بطون الأطفال بالأطعمة السكرية لا يترك فيها مساحة لتناول طعام صحي مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
6- تسوس الأسنان
تتسبب الأطعمة والمشروبات المُحلاة في حدوث التسوس أو تفاقمه، قد يُكلف التسوس الطفل أكثر من مُجرد حشو الأسنان أو فقدانها.
فقد يتسبب في أمراض اللثة أيضاً إذا تُرك دون علاج، فالحلوى واستهلاك المشروبات الغازية يُزيد من تفاقم مشكلات تسوس الأسنان وأمراض اللثة.
بينما الاعتناء بنظافة الفم، وتنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط مرتين يومياً، والزيارة المُنتظمة لطبيب الأسنان يمكن أن تساعد على منع حدوث التسوس.
7- الأضرار النفسية
أظهرت دراسة أن استهلاك الحلوى بشكل يومي لدى الأطفال في سن العاشرة، يؤدي إلى جعلهم عنيفين فيما بعد، فوجد الباحثون أن من بين الذين ارتكبوا جرائم عنف، كان ما يقرب من 70% منهم يتناولون الحلوى كل يوم في طفولتهم.
وقد ربط الباحثون هذه الظاهرة بأن أولياء الأمور كانوا يستخدمون الحلوى للسيطرة على سلوك أطفالهم، الأمر الذي يعوق الطفل في تعلم تحكمه بنفسه وتأخير الإشباع الذي يريده، وهذا يتطور فيما بعد ليصبح جنوحاً وعنفاً.
يؤدي السكر أيضاً إلى بعض السلوكيات السلبية في الأطفال مثل نوبات الغضب، والتأثير سلباً على قدرة الطفل على التعلم، وتفاقم فرط النشاط عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
8- التأثير السلبي للسكر على جهاز المناعة
أظهرت الدراسات أن السكريات البسيطة والمكررة مثل الجلوكوز والفركتوز تُقلل من فاعلية جهاز المناعة.
ويمكن أن تسبب انخفاضاً يصل إلى 50% في قدرة خلايا الدم البيضاء على ابتلاع البكتيريا وتقليل الجراثيم، يمكن للكميات الزائدة من السكر أن تتسبب في قمع جهاز المناعة لمدة تصل إلى خمس ساعات.
ما هي الأطعمة التي ينبغي تجنبها؟
أشار بيان لجنة الخبراء التي عيّنتها جمعية القلب الأمريكية لتحديد مخاطر السكر وعلاقته بالأمراض القلبية، أن هناك مجموعة من الأطعمة والمشروبات تحتوي أكثر من غيرها على السكريات المُضافة، ويجب تجنبها، ومنها:
المشروبات المُحلاة بالسكر، وتشمل المشروبات الغازية، والعصائر بنكهات الفواكه، و المشروبات الرياضية، ومشروبات الطاقة.
فعندما تم تحليل هذه المشروبات من قبل خبراء التغذية تبيّن أنها تحتوي على الماء والسكر فقط، ونسبة ضئيلة من المواد الكيميائية الأخرى التي تعطي نكهة ولوناً.
يجب أيضاً تجنب الأطعمة المُعالجة، التي يكون فيها سكر الفركتوز مُدرجاً بشكل واضح في مكونات العلامات الغذائية مثل الحلوى والكعك.