بوتين يتوقع “فوضى” عالمية إذا ضرب الغرب سوريا مجددا
حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأحد من فوضى في العلاقات الدولية إذا تعرضت سوريا لمزيد من الضربات الغربية، بينما استعدت واشنطن لتصعيد الضغط على روسيا بعقوبات اقتصادية جديدة.
وذكر بيان للكرملين أن بوتين اتفق مع نظيره الإيراني حسن روحاني في اتصال هاتفي على أن الضربات الغربية أضرت بفرص التوصل إلى حل سياسي للصراع السوري المستمر منذ سبعة أعوام.
وجاء في البيان ”أكد فلاديمير بوتين، على وجه الخصوص، أنه إذا استمرت هذه الأعمال التي تمثل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة فإنها ستؤدي حتما إلى فوضى في العلاقات الدولية“.
ومن ناحية أخرى، ذكرت السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة نيكي هيلي في مقابلة مع برنامج واجه الأمة الذي تبثه شبكة (سي.بي.إس) أن الولايات المتحدة ستعلن عن عقوبات اقتصادية جديدة يوم الاثنين تستهدف شركات ”تتعامل مع المعدات“ المتصلة باستخدام الرئيس السوري بشار الأسد المزعوم للأسلحة الكيماوية.
وكانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أطلقت فجر السبت 105 صواريخ على ما قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إنها ثلاث منشآت لأسلحة كيماوية في سوريا ردا على ما يعتقد بأنه هجوم بغاز سام في دوما في السابع من أبريل نيسان.
وأنحت الدول الغربية باللائمة على الأسد في هجوم دوما الذي أودى بحياة العشرات. وتنفي الحكومة السورية وحليفتها روسيا الضلوع في هجمات من هذا القبيل.
ويمثل القصف أكبر تدخل من قبل الدول الغربية ضد الأسد وحليفته روسيا، لكن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا قالت إن الضربات الصاروخية اقتصرت على قدرات الأسلحة الكيماوية السورية ولم تستهدف الإطاحة بالأسد أو التدخل في الحرب الأهلية.
وفي رده على تعليقات هيلي بشأن العقوبات الجديدة، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن يفجيني سيريبرينيكوف نائب رئيس لجنة الدفاع بمجلس الاتحاد في البرلمان الروسي قوله إن موسكو مستعدة للعقوبات.
كما نقلت الوكالة عنه القول ”هي صعبة بالنسبة لنا لكنها ستلحق مزيدا من الضرر بالولايات المتحدة وأوروبا“.
وفي دمشق، التقى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بمفتشين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لنحو ثلاث ساعات بحضور ضباط روس ومسؤول أمني سوري بارز.
ومن المقرر أن يحاول المفتشون زيارة دوما لتفقد الموقع الذي يشتبه بأنه شهد هجوما بالغاز. ونددت موسكو برفض الدول الغربية انتظار النتائج التي سيتوصل إليها المحققون قبل شن ضرباتها.
ورفض المقداد لدى خروجه الإجابة على أسئلة الصحفيين المنتظرين خارج الفندق الذي اجتمع فيه بالمفتشين.
* صمود
ذكرت وكالات أنباء روسية أن الأسد قال لمجموعة من نواب البرلمان الروسي يوم الأحد إن الضربات الصاروخية الغربية على بلاده عمل عدواني.
ونشرت سوريا مقطعا مصورا يظهر أنقاض معمل أبحاث تعرض للقصف لكنه يظهر أيضا الأسد أثناء وصوله لمكتبه كالمعتاد مع عنوان مرافق للمقطع يقول ”صباح الصمود“. ولم ترد تقارير عن سقوط ضحايا في الضربات الغربية.
ونقلت الوكالات الروسية عن النواب قولهم إن الأسد كان في ”حالة مزاجية جيدة“ كما أشاد بالدفاعات الجوية السوفيتية الصنع التي ساعدت في صد الصواريخ الغربية. وقبل الأسد دعوة لزيارة منطقة خانتي مانسي في سيبيريا بروسيا. ولم يتضح موعد الزيارة.
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضربات بأنها ناجحة. وقال على تويتر يوم السبت: ”المهمة أنجزت“ مرددا عبارة استخدمها الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش في عام 2003 لوصف الغزو الأمريكي للعراق وهو الوصف الذي تعرض لسخرية واسعة النطاق بسبب استمرار العنف هناك لسنوات.
غير أن اللفتنانت جنرال كينيث مكينزي أقر للصحفيين في البنتاجون بأن عناصر من البرنامج لا تزال قائمة وإنه لا يمكن أن يضمن عدم قدرة سوريا على تنفيذ هجوم كيماوي في المستقبل.
وتمكن الرئيس السوري بشار الأسد من القضاء على تهديد المعارضة بالإطاحة به بفضل الدعم العسكري الذي تلقاه خلال السنوات الثلاث الماضية من روسيا وإيران.
وعلى الرغم من أن إسرائيل حثت الولايات المتحدة أحيانا على الدخول في مواجهة أقوى مع الأسد وحليفتيه إيران وجماعة حزب الله اللبنانية في سوريا، فقد عبرت عن دعمها للضربات الجوية التي شنتها القوى الغربية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات أثناء اجتماع لحكومته أذاعها التلفزيون ”إسرائيل تدعم تماما قرار التحرك ضد استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا“، مضيفا أنه أشاد بنظيرته البريطانية تيريزا ماي في اتصال هاتفي.
وذكر الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله يوم الأحد أن الضربات الغربية على سوريا أخفقت في ترهيب الجيش أو مساعدة مسلحي المعارضة أو حتى خدمة مصالح إسرائيل.
وأضاف نصر الله أن الجيش الأمريكي شن ضربات محدودة لأنه يعلم أن أي هجوم واسع النطاق قد يدفع دمشق وحلفاءها إلى رد انتقامي.
وقال نصر الله في كلمة ألقاها عبر شاشة تلفزيونية أمام حشد في البقاع اللبناني ”المعسكر الأمريكي يعرف أن الذهاب إلى مواجهة واسعة ضد النظام والجيش وقوى الحلفاء الموجودة في سوريا لا يمكن أن تنتهي. وأي مواجهة من هذا النوع ستلهب المنطقة كلها. هذا اعتراف عسكري أمريكي بقوة محور المقاومة“.
وجماعة حزب الله التي تدعمها إيران حليف مهم لدمشق في الحرب التي دخلت عامها الثامن، وقد ساعدت النظام في استعادة مساحات واسعة من الأراضي من أيدي مسلحي المعارضة ومتشددي تنظيم الدولة الإسلامية.
ويحارب مقاتلون من حزب الله إلى جانب الجيش السوري. وللحزب أعضاء في مجلس النواب اللبناني.
* مسودة قرار بالأمم المتحدة
وزعت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا مسودة قرار على مجلس الأمن في وقت متأخر من مساء السبت يستهدف إنشاء آلية تحقيق مستقل مهمتها تحديد المسؤول عن الهجمات الكيماوية في سوريا. وسيبحث التحقيق حالات أكدت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أنها شهدت أو ربما شهدت استخدام أسلحة كيماوية.
وقال دبلوماسيون إن المفاوضات بشأن مسودة القرار ستبدأ الاثنين ولم يتضح بعد متى تريد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا طرحها للتصويت.
وفي أسواق السلع الأولية، من المتوقع أن يحقق الذهب والنفط يوم الاثنين مكاسب ولو محدودة، عندما تفتح الأسواق للمرة الأولى منذ الهجوم الصاروخي.
واستفاد الذهب في الأيام القليلة الماضية باعتباره ملاذا آمنا وسط نزاع تجاري بين الصين والولايات المتحدة وتصاعد الصراع في سوريا، الذي دفع النفط أيضا فوق مستوى 70 دولارا للبرميل لمخاوف من زيادة التوتر في الشرق الأوسط.