بن سلمان يعيد الحياة لفندق ترامب وينقذه من الإغلاق
انقذت زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان فندق ترامب في نيويورك من الإغلاق، بعد معاناة برج ترامب من أزمة حقيقية كادت أن تتسبب في إغلاقه، ولكن جاءت زيارة بن سلمان التي لم تكن في الحسبان وأعادت له الحياة.
المدير العام لفندق ترمب الدولي في مانهاتن كان لديه أخبار جيدة ليبلغها للمستثمرين هذا الربيع بعد عامين من التدهور، وهي أن عائدات تأجير الغرف زادت بنسبة 13% في الشهور الثلاثة الأولى من عام 2018.
ما سبب الزيادة في فندق الرئيس ترمب الشهير في نيويورك؟ هناك سببٌ رئيسي واحد، وهو «زيارة في اللحظات الأخيرة من ولي العهد السعودي«، هكذا كتب المدير العام برنس ساندرز في خطابٍ بتاريخ 15 مايو، حصلت عليه صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
وقال مدير فندق ترمب إنَّ الأمير محمد بن سلمان لم يكن من نزلاء الفندق، وكذلك أفراد العائلة الملكية، مضيفاً أنَّ الفندق لا توجد به أجنحة كبيرة بما يكفي لاستقبالهم، لكن «بسبب علاقاتنا القريبة، كنا قادرين على استضافة الكثير من المسافرين المرافقين».
هذا الخطاب الذي لم يُكشَف عنه من قبل، ويصف إقامةً دامت خمسة أيام في مارس/آذار كانت كافيةً لرفع عائدات الموسم بأكمله، يوضح مدى قلة المعلومات المعروفة عن الأعمال التجارية لشركات ترمب مع المسؤولين الأجانب.
برج ترمب يجني أرباحاً من حكومات أجنبية
وبحسب الصحيفة الأميركية، أثارت مثل هذه الصفقات انتقاداتٍ بأنَّ ترمب يجني أرباحاً من الحكومات الأجنبية، حتى وهو يتحكم في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه هذه الدول. وكشفت شركة ترمب عن تفاصيل قليلة عن أعمالها مع العملاء الأجانب، وتقول الشركة إنَّها كشفت بالفعل أكثر من المطلوب.
ولم تُجِب منظمة ترمب ولا السفارة السعودية عن الأسئلة المثارة حول إذا ما كانت الحكومة السعودية قد دفعت لإقامة أي شخصٍ في الفندق أم لا. ولم يُجِب ساندرز على طلبات التعليق كذلك.
وحتى الآن، لم يُكشَف من خلال وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين الأجانب إلَّا عن حفنة من عملاء الحكومات الأجنبية الذين تعاملوا مع شركات ترمب، بحسب الصحيفة الأميركية.
لكن يمكن في النهاية أن تظهر القائمة الأوسع لهؤلاء العملاء.
ففي الأسبوع الماضي، أعطى قاضٍ فيدرالي الضوء الأخضر للبدء في دعوى قضائية تزعم أنَّه بقبول إجراء معاملاتٍ حكومية في ممتلكاته، ينتهك ترمب نص الدستور الخاص ببند «المكافآت»، وهو بندٌ قديم أُقِرَّ في القرن 18 يُقصد به منع رؤساء الجمهورية من تقديم حساباتهم البنكية الخاصة على المصلحة العامة.
يمكن لقرار المحكمة في دعوى كهذه أن يجبر الشركة على تقديم تفاصيل جديدة عن علاقاتها مع الحكومات الأجنبية والدول، وحتى الوكالات الفيدرالية.
وقال بريان فروش، المدعي العام لولاية ميريلاند الذي رفع الدعوى المقصودة ومعه كارل راسين المدعي العام لولاية واشنطن: «هكذا كان واضعو الدستور يحموننا من الفساد». وأضاف أنَّ واضعي الدستور أرادوا أن تكون الإجابات عن أسئلة المكافآت مكشوفة للعامة. وتابع: «أرادوا التأكد من أنَّ الرئيس سيضع مصلحة الدولة فوق مصلحته الشخصية».
تحقيقات بعد زيارة بن سلمان
وفي يوم الجمعة 3 أغسطس بعد نشر هذه القصة على الإنترنت، أعلنت باربرا أندروود المدعية العامة لولاية نيويورك أنَّها كانت تجري بالفعل تحقيقاً منفصلاً حول إذا ما كان ترمب قد اخترق بنود المكافآت في أعماله في نيويورك.
وتقول وزارة العدل التي تمثل ترمب بصفته الرسمية إنَّ الآباء المؤسسين كانوا يقصدون منع الرؤساء من استقبال الهدايا من الحكومات الأجنبية، وليس منع الرؤساء من إدارة أعمالهم الخاصة.
وقال فروش إنَّه يعتقد أنَّ القضية قد تنتهي في نهاية المطاف أمام المحكمة العليا. وحتى الآن، لم تصرح وزارة العدل ولا ترمب بأنَّهم سيستأنفون القرار.
ولم يستجب البيت الأبيض للمطالبات بالتعليق.
وقال ترمب إنَّه لم يعد مسؤولاً عن إدارة أعماله. لكنَّه مازال يمتلكها ويمكنه سحب أموالٍ من عائداتها.
منذ بداية إدارة ترمب، وشركته تقول إنَّها لا ترى أي شيءٍ خاطئ في استمرار أعمالها مع الدول الأجنبية.
وفي مقالٍ مؤخراً في مجلة Texas Review of Law & Politics الأميركية، كتب بوبي بروشفيلد، المحامي الذي عينته منظمة ترمب مستشاراً خارجياً للأخلاقيات: «إيجار غرفة بفندق من فنادق ترمب لا يرتبط بأداء الرئيس في مهام منصب الرئاسة».
وافقت منظمة ترمب في العام الماضي استجابةً للضغوط على التبرع بأرباحها من عملاء الحكومات الأجنبية لصالح وزارة الخزانة الأميركية. وأعلنت هذا العام كمية التبرعات لعام 2017: إذ وصلت قيمتها إلى 151,470 دولاراً أميركياً.
لكنَّها رفضت الكشف عن الحكومات الأجنبية التي جاءت منها هذه الأرباح، أو إجمالي ما دفعته.
«لا يسعون وراءها ولا يرفضونها»
وأخبر مسؤولو فندق ترمب بواشنطن -الفندق محل دعوى المكافآت- في حديثهم لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أنَّهم لا يسعون لجذب الأعمال الأجنبية، لكنَّهم أقروا أنهم لا يرفضونها أيضاً.
احتفلت السفارة الكويتية على سبيل المثال بالعيد القومي مرتين في فندق ترمب في وسط مدينة واشنطن.
وفي هذا العام أصبحت السفارة الفلبينية أحد عملاء ترمب أيضاً، واحتفلت بيوم الاستقلال الفلبيني في قاعة احتفالات فندق ترمب. وجديرٌ بالذكر أنَّ ترمب يرتبط بعلاقاتٍ جيدة مع الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، حتى بعد أن أدانت جمعيات حقوق الإنسان دوتيرتي بسبب حملةٍ ضد انتشار المخدرات أوقعت آلاف القتلى، بحسب الصحيفة الأميركية.
وقال خوسيه مانويل روموالديز، السفير الفلبيني لدى الولايات المتحدة، خلال لقائه مع قناة ABS-CBN الفلبينية في أثناء الحدث: «إقامة الاحتفال في فندق يحمل اسم ترمب.. هذا له دلالة. هذه دلالة على أنَّنا على علاقة طيبة مع هذا الرئيس». اختارت السفارة فندق ترمب مكاناً للاحتفال، لكنَّ كلفة الحفل جاءت من متبرعين.
وفي العام الماضي أيضاً، شوهد رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق في فندق ترمب بواشنطن مع حاشيةٍ كبيرة خلال رحلته الرسمية إلى واشنطن. (وأطيحَ بنجيب بعد ذلك من منصبه في الانتخابات).
وأنفقت الحكومة السعودية 270 ألف دولار في فندق ترمب بواشنطن العام الماضي، وهذا طبقاً لملفات شركة ضغط سياسي تعمل لصالح السعوديين. وأفادت التقارير الصحفية أن هذه الأموال أُنفقت على غرفٍ فندقية وطعام وأماكن لتوقف سيارات مجموعاتٍ من قدامى المحاربين الأميركيين جاؤوا إلى المنطقة للضغط ضد مشروع قانون تعارضه الحكومة السعودية.
وإلى جانب ذلك، أُقيمَت مناسباتٌ أخرى في ممتلكات ترمب لها علاقة بحكوماتٍ أجنبية. لكن مصدر الأموال غير واضح.
ففي وقتٍ سابق من هذا العام، استضاف منتجع مارالاغو في فلوريدا جزءاً من «قمة القيادة الأمريكية البولندية«، التي شارك في تنظيمها الوزراء البولنديون، طبقاً لموقع القمة. وعندما تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” حول ما إذا كانت الحكومة البولندية قد دفعت لتأجير الغرف، وجهت المتحدثة الرسمية باسم السفارة الحديث إلى منظمي الحدث، الذين رفضوا التعليق.
من الذي دفع؟
وبخصوص مسألة الزيارة السعودية إلى نيويورك التي حدثت في وقتٍ مبكر من هذا العام، قالت متحدثة رسمية باسم السفارة السعودية إنَّه لم يقِم أحدٌ من مسؤولي وفد الأمير محمد المسافر معه في فندق ترمب الدولي في نيويورك. لكنَّها قالت إن السفارة السعودية لا تعلم إذا كانت الحكومة السعودية قد دفعت من أجل إقامة أي شخصٍ آخر في الفندق في أثناء زيارة ولي العهد.
ودامت زيارة ولي العهد في نيويورك من 26 إلى 30 مارس، كجزءٍ من جولةٍ أميركية في عدة مدن استمرت لمدةٍ أطول. وتفيد التقارير الصحفية أنَّ عدداً كبيراً من وفده الرسمي أقام في فندق Plaza، وهو فندق شهير في نيويورك كان من ممتلكات ترمب في وقتٍ من الأوقات، لكنَّه باعه في عام 1995.
على الرغم من أنَّ فندق ترمب في واشنطن ازدهر في أثناء فترة توليه منصب الرئاسة، عانت أعمالٌ أخرى تابعة له. على سبيل المثال تراجعت أعمال فندق ترمب في سوهو، وفي العام الماضي قطع مالكوه علاقاتهم مع منظمة ترمب.
وشهد فندق ترمب الدولي في مانهاتن، الفندق الوحيد الذي مازال يحمل اسمه في نيويورك، انخفاضاً في عائدات الغرف من 2015 إلى 2017، طبقاً للأرقام التي حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست” لذا كانت الزيارة السعودية دفعةً رُحّب بها.