بندر بن سلطان وجها لوجه مع القذافي
كشف الأمير بندر بن سلطان في حوار مع “الإندبندنت” العربية عن مفاجآت ووقائع سرية، تمثل أكثرها خطورة في تأكيده أن زعيم ليبيا الراحل معمر القذافي حاول تجنيده للإطاحة بأنظمة الخليج.
وقص الأمير بندر بن سلطان، الذي ترأس استخبارات بلاده في إحدى الفترات، وعمل سفيرا لبلاده لدى الولايات المتحدة لسنوات طويلة، أن معمر القذافي طلب من القيادة السعودية خلال تفجر أزمة لوكربي بين ليبيا والدول الغربية، الاجتماع مع مسؤول سعودي، فكان أن أرسل (بندر) في مهمة بهذا الشأن إلى العاصمة الليبية.
وذكر الأمير السعودي أن الملك الراحل عبد الله، وكان حينها وليا للعهد، استدعاه ودار بينهما الحوار التالي وفق الرواية: “لدي أخبار سارة، قلت ما هي؟ قال ستلتقي بمعمر القذافي، فضحكت وقلت الله يبشرك بالخير سيدي، لكن هذه لا تأتي منك. ثم عدت وقلت أن هناك حظراً جوياً بسبب حادثة لوكربي، قال لي بأن هناك اتفاقا بأن تنزل الطائرة في قرية جربة التونسية وهناك تنتقل عبر الحدود إلى ليبيا”.
وعلق بندر بن سلطان قائلا: “ذهبت وتوقعت أن المسافة بين جربة وطرابلس ساعة أو ساعتين، لكن المسافة كانت 7 ساعات”.
يجدر الذكر أن الطريق بين جزيرة جربة التونسية المتاخمة للحدود والعاصمة الليبية طرابلس يبلغ طولها 227 كيلو مترا، وهي مسافة يستغرق قطعها 3 ساعات إذا سارت السيارة بسرعة 70 كيلومترا في الساعة.
وتطرق الأمير السعودي إلى تفاصيل مريبة قابلته ومرافقيه في ليبيا، منها أنهم لم يجدوا القذافي في طرابلس، واضطروا إلى اللحاق به في مدينة سرت، مضيفا: “وصلنا مقر الضيافة، وكان موظف الاستقبال يقرأ الصحيفة، واضعا قدميه على الطاولة، وكان معنا وزير ليبي استقبلنا هو السيد عبد العاطي العبيدي، وهو رجل عاقل وصاحب خلق رفيع وقدرات عالية. نادى الوزير الليبي على الموظف وقال له يا أخ أين غرف الضيوف؟ قال انظروا المفاتيح معلقة خذوا ما تريدون منها. وكنت قد تعبت من ألم ظهري، ولم يكن في صالة الاستقبال سوى كرسي واحد. جلست عليه، فجأة دخل علينا شخص ملثم بلثمة تشبه لثام الطوارق، ووضع يده على خصره، ثم التفت إلى جميع الموجودين، وصرخ: من فيكم الأمير! وكان معنا شخص خفيف ظل رد عليه وقال له: اللي عمى قلبك عمى عينيك، هناك كرسي واحد وهناك شخص جالس عليه، هل هو السائق مثلا!؟.. ثم التفت إلي الملثم وقال: هل أنت الأمير؟ تعال معنا، القائد يريد أن يراك في معسكر الكتيبة”.
وسرد بندر بن سلطان تفاصيل حوار مهد له القذافي قبل أن يقول لضيفه في حوار مثير للغاية: “في الحقيقة، طرأت على بالي فكرة، أنت تعرف ما دام القادة العرب الموجودون الآن على كراسيهم، فلن تتحرر فلسطين، والاستعمار سيظل”. لم أرد عليه، ثم قال القذافي: “ولهذا نحتاج لأشخاص مثلك، وأنا مستعد أن أحتضنهم وأدربهم ونعمل خلايا سرية لقلب نظام الحكم، وأفضل مكان نبدأ فيه هو دول الخليج. هل تعرف أحداً تثق به في دول الخليج؟ لأن أهم نقطة في الانقلابات هي السرية والثقة، وألا تزيد الخلايا عن 5 أشخاص”. قلت له “نعم لدي أصدقاء كثر في الخليج، لكنني لم ألتق بهم منذ زمن، وأعطني مهلة أذهب للخليج وأجس النبض”.
وعلق الأمير السعودي على الحوار قائلا: “كنت أرد مستغربا وساخرا”، فيما رأى أن القذافي كان جادا فيما يقول وطلب منه دعوة وتهريب هؤلاء الأشخاص عبر مصر.
بندر بن سلطان حكى أنه فاجأ القذافي في حوار بهذا الشأن جاء فيه: “قلت له: في السعودية عندي 5 أشخاص أعتقد أنني أثق فيهم وبهم. قال من هم؟ ثم أخذ القلم وبدأ يكتب وأنا أملي عليه: “أولا فهد بن عبد العزيز، ثانيا عبد الله بن عبد العزيز، ثالثا سلطان بن عبد العزيز، رابعا نايف بن عبد العزيز، خامسا سلمان بن عبد العزيز”، وكان القذافي يكتب وكأنه في حالة تخدير. ثم انتبه ورفع رأسه وضحك وقال: “خبيث أنت خبيث!”.