بلومبيرج: هل طموحات حميدتي السياسية تدفعه لرئاسة السودان؟
أعد وكالة ” بلومبيرج” الأمريكية، تقريرا عن الدور الذي بات فيه قادة الجنجويد أو”الشياطين على الخيول”، كما يوصفون، في تقرير مصير السودان.
وناقش كل من محمد الأمين وأكيتش فرانسيس أن تاجر جمال وزعيم ميليشيات عرفت بالشياطين على ظهور الخيل بات يتحكم بمصير ثالث أكبر بلد في أفريقيا. وأشارا إلى حميدتي أو محمد حمدان دقلو الذي يسيطر الآن على المجلس العسكري الإنتقالي الذي أطاح بالرئيس عمر حسن البشير. ويقود قوات الدعم السريع المتهمة بقتل أكثر من 100 معتصم في الخرطوم بداية الشهر الماضي. وصارت هذه القوات المتبجحة والتي لا تخاف من الحساب أكبر معوق لخروج السودان من الحكم الديكتاتوري الذي مضى عليه ثلاثة عقود.
ونقل الموقع عن ألان بوسويل، الباحث في مجموعة الأزمات الدولية “كل الطرق في السودان تواجه مشكلة حميدتي” و “مع مرور الوقت هناك حاجة للحد من سلطته لكن أي تحرك ضده اليوم ربما قاد إلى حرب أهلية”. والرهانات لا تتعلق بالسودان وحده الذي عانى منذ استقلاله عام 1956 من حروب أهلية وتمردات وانقلابات واحتجاجات شعبية، فالمعركة على مستقبله بعد الإطاحة بالبشير المطلوب للجنائية الدولية بسبب مجازر دار فور تحولت لميدان تنافس بين القوى في الشرق الأوسط.
ودخلت السعودية والإمارات بحثا عن التأثير في منطقة البحر الأحمر ومواجهة كل من إيران وتركيا على التفوق الإقليمي الذي وصل إلى القرن الإفريقي. وتعهدت الدولتان الخليجيتان في إبريل بدعم الإقتصاد السوداني بـ3 مليارات دولار . ومنحت المساعدات مساحة للتنفس إلى حرس البشير القديم ولكنها أثارت شكوك المعارضة من تحول ديمقراطي حقيقي في وقت تحاول فيه النخبة الدفاع عن مميزاتها التي حصلت عليها خلال العقود الثلاثة الماضية.
وأدت المفاوضات بين المجلس العسكري وجماعات المعارضة إلى اتفاق وقع يوم الأربعاء بحيث منح المدنيين والعسكريين مشاركة في مجلس سيادي يتمتع بسلطات تنفيذية وعقد انتخابات بعد 3 سنوات. وفي الوقت الذي شجبت دول العالم مذبحة الخرطوم إلا أن المجلس العسكري لم يكن لديه أي خيار لصفقة مع المعارضة وربما حاولوا تعطيل تنفيذه كما يقول صلاح الدومة من جامعة أم درمان. وتحول إنكار حميدتي المسؤولية عن مذبحة الخرطوم التي قال إن مخربين بالزي العسكري اخترقوا المعتصمين ونفذوها إلى التعهد بشنق أي عنصر من قوات الدعم السريع مسؤول عنها.
وطالبت منظمات حقوق الإنسان بمن فيها منظمة أمنستي بخروج قوات حميدتي من العاصمة. وفي شوارع الخرطوم يظهر الخوف منها بشكل واضح، حيث يقوم أفرادها بالتحرش بمن يعتقدون أنهم متعاطفون مع المعتصمين. ويحاول سكان العاصمة التأكد من وصولهم إلى بيوتهم قبل حلول الظلام تجنبا للمواجهة مع أي من قوات الأمن.
وكان صعود حميدتي المثير فرصة له لكي يرسل مقاتلين للقتال إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وقواته هي نسخة جديدة من جماعات الجنجويد التي ساعد على تشكليها في ولاية دار فور وتعتبر اليوم من أقوى الوحدات العسكرية في السودان. وفي الوقت الذي يأمل الداعمون في الخليج أن يتبع السودان خطوات النموذج المصري إلا أنهم لا يلتفتون للخلاف بين مصر والسودان كما يقول بوزويل وهو أن السودان “ليس لديه قوة عسكرية متماسكة”.
فالجنرال عبد الفتاح البرهان قائد المجلس والجيش الذي ساعد على تنسيق الجهود السودانية في اليمن هو الوجه الرسمي للنظام الحالي لكنه تخلى عن التأثير في المجال العام لحميدتي الذي يلقي خطابات في التجمعات ويظهر في المقابلات التلفزيونية. وسيجد حميدتي صعوبة في دفع طموحاته السياسية للرئاسة، نظرا لتاريخه المعقد وعلاقته بالعنف. فما تبقى من النخبة السودانية حريصة على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة التي رفعت العقوبات عن السودان عام 2017.
وقال الدومة إن “حميدتي يبحث عن ضمانات يستطيع من خلالها الخروج” و”فائدته كانت المساعدة في الإطاحة بالبشير”. وسيواجه حميدتي على أكبر احتمال مقاومة من النخبة في وادي النيل التي حكمت تقليديا السودان. فبعد أن ساعدت قوات الدعم السريع على تدجين حركة الإحتجاج وتهميش العناصر الإسلامية فقد يلجأ المجلس العسكري للتخلص منه في وقت لاحق. وأي محاولة للحد من سلطة حميدتي في الوقت الحالي قد تؤدي لانقسام في المجلس العسكري حسبما يقول هاري فيرهوفن مؤلف كتاب ” الماء والحضارة والسلطة في السودان” مضيفا “إنه مقترح خطير وقلة من اللاعبين في الجيش وقوات الدعم السريع وقوات الأمن لديها رؤية عن النظام السياسي أبعد الأسابيع المقبلة”.