بلومبيرج: روسيا المستفيد الأكبر من تشديد العقوبات الأمريكية على إيران
نشرت وكالة “بلومبيرج” الأمريكية تقريرا عن أثر الضغط الأمريكي على إيران ومنعها من تصدير النفط باعتباره فرصة للعبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط، ففي حالة نجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف صادرات النفط الإيراني فستكون روسيا، بالتأكيد المستفيد الوحيد.
وستسهل الضربة التي سيتلقاها الإقتصاد الإيراني الجهود الروسية الرامية للحد من التأثير الإيراني في سوريا، مما يعزز بالضرورة جهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإظهار قوة بلاده في أنحاء الشرق الأوسط. ورغم تعاون روسيا وإيران في المنطقة إلا أنهما ومع خفوت لهيب الحرب السورية تجدان نفسيهما على طرفي النقيض.
وقال مسؤولون وتقارير إن الشهور الأخيرة شهدت مناوشات دموية بين الطرفين العرابين للنظام السوري، حيث قامت الجماعات الوكيلة عن كل من روسيا وإيران بإطلاق النار على بعضهما البعض. وأكد ثلاثة أشخاص على علاقة مع الحكومة الروسية اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم أن العلاقة بين الطرفين متوترة.
ويشير التقرير إلى أن مواجهة إيران أصبح أسهل بعدما الغى الرئيس دونالد ترامب الإعفاءات التي سمحت لدول مثل الصين والهند وتركيا استيراد النفط الإيراني.
ويقول يوري بارمين، الخبير بشؤون الشرق الأوسط في مجموعة موسكو للسياسات أن سبب سهولة المهمة الروسية هو “الضغط الشديد على إيران”.
وهناك شعور بالخيبة لدى الإيرانيين من عدم إظهار الروس التعاطف التقليدي مع بلدهم خاصة بعد إعادة فرض دونالد ترامب العقوبات على طهران. وبحسب موقع “تابناك” الذي أنشأه قائد سابق في الحرس الثوري فلم تظهر موسكو “التصميم الجاد” للوقوف مع طهران. وستستفيد روسيا ماليا من طرد إيران من سوق النفط العالمي، فستكون حرة بزيادة منتوجها النفطي بعد نهاية مدة الحد على انتاج النفط في حزيران (يونيو) والذي تم الإتفاق عليه مع منظمة أوبك.
وبحسب ديمتري مارينشكو، مدير النفط والغاز في فيتش ريترينغ فستحصل روسيا على 6 مليارات دولار، إضافية حسب سعر برميل النفط الحالي. ومع تراجع العلاقة مع إيران فقد استثمرت روسيا بشكل كبير في علاقتها مع عدوتها اللدودة، السعودية حيث تعاونت معها على اتفاق في أوبك للحد من انتاج النفط والذي أسهم في استقرار أسعاره.
ورغم وقوف كل من روسيا والسعودية على طرفي النزاع في سوريا إلا أن بوتين حاول تشجيع الدول العربية تخفيف العداء للنظام الروسي وإعادة عضوية سوريا إلى الجامعة العربية.
ويقول بارمين إن تأثيرا منخفضا لإيران في سوريا قد يكون مقبولا لدول الخليج التي ترى في إيران الشيعية منافسا رئيسيا.
وجاء في تقرير الموقع أن القوات الروسية تحاول تدريجيا إخراج ميليشيا حزب الله الوكيلة عن إيران من سوريا فيما تبادلت القوات الموالية للروس إطلاق النار مع تلك الموالية لإيران أكثر من مرة العام الماضي منها ثلاث حوادث في حلب.
وأوردت وكالة “الأناضول” التركية تفاصيل مواجهة في 19 نيسان (إبريل) في شرقي دير الزور قتل فيه عنصران من الحرس الثوري وأدى لجرح أربعة من الشرطة العسكرية الروسية. وحصلت اشتباكات قاتلة في كانون الثاني (يناير) بين الفروع العسكرية السورية التي تدعمها إيران وتلك التي تدعمها روسيا، حسبما أوردت صحيفة “نوفويا غازيتا” الروسية.
ويقول رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الإشتباكات اندلعت بسبب الخلافات حول إدارة حواجز التفتيش والمنافع المالية منها.
ويرى الدبلوماسي السابق نيكولاي كوزانوف، الخبير بشؤون الشرق الأوسط بالجامعة الأوروبية ببطرسبرغ والذي عمل في طهران في الفترة ما بين 2006- 2009 أن المناوشات تعكس مواجهة أعمق “فرغم اهتمام كل من روسيا وإيران ببقاء الأسد إلا أن لديهما أهداف وأولويات مختلفة. فسوريا بالنسبة لإيران هي ساحة انطلاق للتأثير على المنطقة وتهديد إسرائيل، وهو وما يتعارض مع الهدف الروسي التي تهدف استخدام إنجازات بوتين فيها لتحقيق طموحاته الدولية والحفاظ في الوقت نفسه على علاقات مع اللاعبين في المنطقة بمن فيهم إسرائيل والتي سمحت لها روسيا باستهداف الجماعات الموالية لإيران في سوريا.
ونفي نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريبكوف في كانون الثاني (يناير) أن تكون إيران حليفة لروسيا مؤكدا أن روسيا ملتزمة بأمن دولة إسرائيل.
وكشف تقرير لمعهد تشاتام هاوس في لندن صدر في آذار (مارس) أن روسيا وإيران تتنافسان في سوريا. ففي عام 2017 وقعت إيران وسوريا مذكرة تفاهم منحت فيها طهران تنازلات في مناجم الفوسفات قرب مدينة تدمر، إلا أن سوريا منحت بعد ستة أشهر الحقوق نفسها في المنجم لشركة يملكها حليف لبوتين.
وقال بارمين إن تصنيف الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية منتصف نيسان (إبريل) يعقد من مهمة شحن النفط ويسمح لروسيا بتحدي دورها كمصدر رئيسي للنفط إلى سوريا.
ويرى دياكو حسين، مدير برامج الدراسات الدولية بمركز الدراسات الإستراتيجية في طهران إن الخلافات قد تتعمق حول القوى الأجنبية التي يجب أن تبقى في سوريا. ورغم استمرار التعاون لهندسة تسوية سياسية لما بعد الحرب إلا أن هناك مخاوف من خروج الخلافات عن السيطرة.
وفي السيناريو الأسوأ قد تنهار العلاقات الروسية- الإيرانية بشكل كامل وتدخل العناصر العسكرية الموالية لكل منهما في حرب، حسب قول أندريه كورتوني، المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية، حيث يصبح التنافس الضمني بين موسكو وطهران على التأثير في دمشق أكثر وضوحا.