بلومبرج: أرامكو من بين ضحايا ضغط ترامب وليست إيران فقط
عادةً ما تنخفض أسعار النفط إذا أعلنت أكبر الدول المصدِّرة للنفط أنَّها ستزيد الإنتاج. ولكن حالياً تزيد السعودية إنتاجها قبل أن يعلن عملاؤها حاجتهم إلى ذلك، ومع ذلك ارتفعت الأسعار.. ودونالد ترمب ليس سعيداً بهذا.
غرَّد الرئيس الأميركي يوم السبت الماضي 30 يونيو/حزيران 2018 بأنَّ العاهل السعودي الملك سلمان وافق على زيادة الإنتاج لخفض أسعار النفط للمستهلكين.
وبحسب وكالة “بلومبرج” الأمريكية، أنه الرغم من تراجع البيت الأبيض لاحقاً عن هذا التأكيد، فإنَّ ترمب صعَّد أمس الأحد 1 يوليو/تموز 2018 من ضغطه، مطالباً منظمة الدول المُصدِّرة للنفط «أوبك» بالتوقف عمَّا سماه تلاعبها بسوق النفط، وأصرَّ على أن تضخ المنظمة المزيد منه.
زيادة في الأسعار رغم نمو الإنتاج.. والسبب الأول ترمب
قادت السعودية الشهر الماضي يونيو/حزيران اتفاقاً بين منظمة أوبك وحلفائها، بما فيهم روسيا، بهدف خفض الأسعار، ثم اتفقت الأطراف على ضخ مزيدٍ من النفط للتعويض عن القدر الذي كانت توفره فنزويلا وليبيا، دون الإخلال باتفاقية عام 2016 التي كانت تقضي بالحد من الإنتاج.
ومنذ ذلك الحين، ارتفع سعر خام برنت بمقدار 3.7%، بسبب تلك البراميل الضائعة، وبسبب دعوة ترمب لحلفاء الولايات المتحدة الأميركية لعدم الشراء من إيران.
وانخفض مؤشر خام برنت -الذي يُعَد معياراً عالمياً للتسعير- بنسبة 1.5%؛ ليصل إلى 78.22 دولاراً للبرميل في السابعة وخمس وعشرين دقيقة في لندن.
السعودية حائرة بين الزيادة التدريجية أو الاستجابة للضغوط
في هذا السياق، قال جعفر الطائي، العضو المنتدب لمجموعة منار لاستشارات الطاقة في أبوظبي: «السعودية واقعة تحت ضغط كبير. ولولا ذلك الضغط لفضَّلت السعودية زيادة إنتاج النفط تدريجياً على نحوٍ لا يُحدِث صدمةً في السوق. إنَّهم يُفضِّلون إبقاء الأسعار بين 70 و80 دولاراً للبرميل. ولكن عليهم أن يستجيبوا لمطالب ترمب لأسباب سياسية».
غرَّد ترمب قبيل اجتماع «أوبك» في 22 يونيو/حزيران أنَّه يأمل أن تزيد المجموعة من إنتاج النفط، عقب رسالة بعث بها في أبريل/نيسان الماضي أثناء اجتماع سابق للدول المنتجة للنفط. وعبَّرت الصين، التي تُعَد أكبر مستهلكٍ للنفط، وكذلك الهند، التي تعد شهيتها للطاقة هي الأسرع في العالم، عن شكواهما بعد ارتفاع الأسعار.
ولكن الأمر ليس ضربة لإيران فقط بل لـ»أوبك» ذاتها
هاجمت إيران، ثالث أكبر دولة منتجِة للنفط في «أوبك»، تدخُّل ترمب وردود السعودية المستجيبة له.
وكتب وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنكنه رسالة إلى رئيس منظمة أوبك، ذكر فيها أنَّ المنظمة عليها أن ترفض دعوة الولايات المتحدة الأميركية بزيادة الإنتاج، ذلك أنَّ هذه الدعوة لها «دوافع سياسية ضد إيران». وأضاف الوزير أنَّ أي زيادة في الإنتاج من جانب أي دولة عما حددته «أوبك» في اتفاق عام 2016 تعَد خرقاً للاتفاق.
ويقول روبن ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة «قمر للطاقة» الاستشارية في دبي: «الاتفاق انتهى، وهذه ضربة قويِّة لأوبك، جزئياً لأنَّها تعطي انطباعاً أنَّ السعودية تتبع مصالح الولايات المتحدة الأميركية، ولكن الأكثر من ذلك أنَّ السعودية وروسيا كانتا قد اتفقتا على زيادة الإنتاج على أي حال حتى قبل أن يُعقد الاجتماع».
كما يمكن أن يلحق الضرر بشركة أرامكو واستقلاليتها
تعليقات ترمب يمكن أن تُعقِّد أيضاً من البيع المخطط لأسهم شركة أرامكو السعودية، حسبما يرى الطائي.
ويُعَد طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام جوهر استراتيجية المملكة لتنويع مواردها الاقتصادية بعيداً عن النفط، وتقول الحكومة السعودية: إنَّ هذا الاكتتاب العام يمكن أن يحقق 100 مليار دولار.
ويقول الطائي: إنَّ تدخُّل الرئيس الأميركي «يزيد من المشكلات الموجودة بالفعل في عملية الاكتتاب العام الضخمة والمعقدة تلك».
ويضيف الطائي أنَّ هذا التدخل «يزيد من الانطباع الموجود بعدم استقلالية الشركة، ويجعل الأمور تبدو كما لو أنَّ ترمب هو من يضع السياسة النفطية السعودية».
وخفض الأسعار سيشعل أزمة بين المنتجين
يمكن للسعودية، التي ضخَّت في مايو/أيَّار الماضي 10.03 مليون برميل يومياً، أن تضخ بعضاً من سعتها الإنتاجية غير المُستغلة البالغة مليوني برميل يومياً لإحداث استقرار في السوق.
غير أنَّ مُحلِّلي شركة Wood Mackenzie وكذلك ميلز الذي يعمل محللاً لدى شركة قمر يرون أنَّ إضافة هذا القدر الكبير من النفط الخام من شأنها أن تُتخِم السوق، وتؤدي إلى انخفاضٍ كبيرٍ في الأسعار.
كما أنَّ هذا الأمر يمكن أن يكون له أثر عكسي، من خلال تعميق الانقسامات بين الخصمين الجيوسياسيين: السعودية وإيران، وإحداث حالة من القلق في الأسواق التي تنظر إلى المملكة باعتبارها الملاذ الأخير.
يقول ميلز: «أي زيادة في النفط المتاح في السوق ستؤدي بالضرورة إلى انخفاض الأسعار. لكن على المدى الأطول، هناك الإشكال المقابل المتمثل في السعة الفائضة، التي يمكن أن تتحول إلى سببٍ في ارتفاع أسعار السوق».