بلاك كيوب: “موساد خاص” لمن يدفع
قالت محطة إن بي سي الأمريكية إن شركة أمنية إسرائيلية خاصة تحمل اسم بلاك كيوب (المكعب الأسود) تم استئجارها بغرض تشويه سمعة موظفي إدارة الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما الذين لعبوا دوراً أساسياً في التوصل إلى الاتفاق النووي الايراني.
ونقلت المحطة عن مصدر مطلع على نشاط الشركة قوله “إن الشركة لن تقوم بأي شي ضد مصلحة إسرائيل. إنها أشبه بالجناح الخاص للموساد الاسرائيلي”.
مستبعد تماما
وأضاف المصدر إن من المستبعد جداً ألا تكون الحكومة الاسرائيلية غير مطلعة على أنشطة الشركة. وقالت الشركة إن الجهة التي تعاقدت معها لهذا الغرض ليست حكومية ولا علاقة لمساعدي ترامب بذلك. بينما تتحدث تقارير صحفية عن دور لصهر ترامب جاريد كوشنير في هذا الشأن.
وقال موقع اسرئيلي ناطق باسم باللغة الانجليزية ( THE TIMES OF ISRAEL) إن بلاك كيوب بدأت بجمع المعلومات الشخصية عن عدد من مسؤولي ادارة اوباما من بينهم بن رودس وكولين كال في أعقاب زيارة الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب إلى أسرائيل في مايو/آيار 2017 وإن ذلك تم من أجل مساعدة ترامب في نسف الاتفاق النووي الايراني عن طريق ضرب مصداقية الذين لعبوا دوار كبيرا في التوصل إلى الاتفاق والتشكيك في نزاهتهم وسلوكهم الشخصي.
وقال مصدر مطلع على عمل الشركة إن القيام بهذا العمل تم “دون أن يكون هناك أي دليل موثق يربط هذه الانشطة بإدارة ترامب”.
ونقلت المحطة عن مصادر مطلعة على عمل الشركة قولها إن الشركة سعت إلى جمع معلومات يمكن أن تلحق الضرر بسمعة كل من رودس وكال وفيما إذا كانت لهما تعاملات مالية مريبة أو علاقات نسائية مشبوهة.
أوباما يسلم “اتفاق إيران النووي ” للكونغرس ونتنياهو يحض على رفضه
تشويه سمعة
وقال كال إنه خلال تلك الفترة (مايو 2017) اتصلت شركة بريطانية خاصة بزوجته وعرضت التبرع بملبغ كبير للمدرسة التي تدرس فيها ابنته إذ كانت زوجته تجمع التبرعات للمدرسة. و أضاف إن زوجته نظرت بريبة لذلك العرض وتوقفت عن التواصل مع السيدة التي كانت تتحدث باسم الشركة.
كما حاولت موظفة أخرى لدى بلاك كيوب اقامة علاقة مع زوجة رودس في نفس الفترة وعرض عليها وظيفة مستشار سياسي لبرنامج تلفزيوني.
ومن بين القواسم المشتركة بين الحكومة الاسرائيلية الحالية وإدارة ترامب معارضة الاتفاق النووي الايراني والعمل على إنهاء هذا الاتفاق أو نسفه، وقد وتكللت مساعي رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو بانسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق بينما يسعى ترامب ليل نهار الى نسف كل إرث الرئيس أوباما.
وقال تريتا بارسي الذي لعب دور المستشار لدى إدارة اوباما خلال المفاوضات حول الملف النووي الايراني أن لصوصا محترفين دخلوا مكتبه في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 وسرقوا جهازي كومبيوتر وكانت السرقة احترافية لدرجة أن كاميرات المراقبة لم تلتقط صورا لهم وفشلت الشرطة في العثور على أي اثر لهم. وأضاف بارسي في تغريدة له “لا نمتلك أدلة على قيام بلاك كيوب بهذه السرقة، لكن من الواضح أن عملاء الموساد يمكنهم القيام بمثل هذا العملية”.
الاتفاق النووي مع إيران: خيارات ترامب الأربعة
أداة ترهيب
عمل بلاك كيوب لا يقتصر على جمع معلومات تجارية أو سياسية أو اقتصادية أو التجسس على أفراد بل يشمل تنفيذ عمليات مريبة نيابة عن زبائن على استعداد للدفع مثل العقد الذي وقعه أحد محامي منتج الأفلام الشهير هارفي واينستين الذي يواجه عشرات تهم إعتداء جنسي وإغتصاب.
فقد وقعت الشركة عقدا بقيمة مليون ونصف دولار مع المحامي ديفيد بويز لوقف موجة التقارير الصحفية التي تتناول تصرفات وسلوك واينستين و”اعتداءاته” الجنسية. انتحل عملاء الشركة أسماء مستعارة وتعقبوا النساء اللواتي تحدثن عن تعرضهن للاعتداء على يد واينستين وكذلك الصحفيين الذين كانوا يعدون تقارير صحفية عن ذلك.
فعلى سبيل المثال قامت الضابطة السابقة في الجيش الاسرائيلي ستيلا بين بيجانك والتي تعمل حاليا في بلاك كيوب بالاتصال بالممثلة روز ماكغوان مدعية أنها تعمل في شركة مالية خاصة وقابلتها عدة مرات كونها تهتم بالدفاع عن حقوق النساء وكان الهدف من هذه اللقاءات الحصول منها على معلومات حول علاقتها بواينستين.
كما قامت نفس الجاسوسة بانتحال اسم آخر عندما اتصلت بصحفي يعمل في جريدة نيويورك تايمز الأمريكية كان يقوم بإعداد تقرير عن علاقات واينستين بالنساء وادعت أن لديها معلومات حول هذا الموضوع.
وقد اعتذرت الشركة عن عملها لصالح واينستين عام 2017 بعد أن تم فضح أنشطتها في هذا الخصوص. كما اعتذر رئيس وزراء إسرائيل السابق أيهود باراك عن دوره في مساعدة واينستين في الاتصال ببلاك كيوب.
الغارديان: ترامب أشعل عود ثقاب دون أن يمتلك خطة لإطفاء ناره
“قرصنة”
وفي حادثة أخرى ذات صبغة تجارية بحتة وجه الادعاء في رومانيا الاتهام لمسؤولين كبار في بلاك كيوب وإسرائيليين أخرين عام 2016 تهمة التجسس على مسؤولة مكافحة الفساد في رومانيا.
والمسؤولان في الشركة والمتهمان في القضية هما ضباطا الموساد السابقان ومؤسسا الشركة دان زوريلا و الدكتور افي يونس. واعتقل شخصان في الشركة من قبل الشرطة الرومانية بتهمة شن هجمات الكترونية لقرصنة ملفات وبريد المسؤولة الرومانية ومعارفها.
والشركة وثيقة الصلة بأجهزة المخابرات الاسرائيلية وأغلب العاملين فيها من الضباط السابقين في اجهزة الأمن الاسرائيلية وعلى رأسها الموساد والجيش الاسرائيلي. وكان رئيس الموساد السابق مائير داغان رئيسا شرفيا للشركة حتى وفاته عام 2016.
محامي ترامب “تلقى أموالا من شركة مرتبطة برجل أعمال روسي”
وكشف صحيفة الانديبندنت عام 2013 في معرض تناولها للخلاف الذي كانت تنظهر فيه المحاكم البريطانية بين الشركة ورجل أعمال بريطاني من أصول ايرانية، جوانب عن ماهية الشركة والصلة العميقة بينها وبين الحكومة وأجهزة الأمن الاسرائيلية وقالت أن العديد من مسؤولي الشركة لايزالون في قائمة ضباط الاحتياط في الجيش الاسرائيلي، ومن بينهم العميد أريك غرانيت، المستشار الاستراتيجي لدى وزارة الدفاع الاسرائيلية والصناعات العسكرية، واللواء ماتي ليشام الذي أمضى 27 سنة في الجيش الاسرائيلي في مختلف المناصب وقام بالعديد من المهمات العسكرية.
وتأسست هذه الشركة عام 2010 ومنذ ذلك الحين تورطت في العديد من الفضائح والمشاكل مثل تعاقدها مع واينستين وقضية التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية.
فقد اتهم كرستوفر وايلي ،الموظف السابق في شركة كامبريدج أناليتيكا التي قامت بجمع بيانات ملايين حسابات فيسبوك، الشركة الاسرائيلية بقرصنة البيانات الشخصية للرئيس النيجري الحالي محمدو بيهاري قبل الانتخابات الرئاسية التي فاز بها عام 2015.
ونفت كامبريدج اناليتيكا أن تكون بلاك كيوب أداة التجسس لديها، لكن صحيفة الغارديان البريطانية قالت إن كامبريج اناليتيكا تلقت حوالي مليوني جنيه استرليني من المرشح في الانتخابات الرئاسية النيجرية كودلاك جوناثان الذي خسر الانتخابات وأن الشركة قد تعاقدت مع الشركة الاسرائيلية لقرصنة البيانات الخاصة بالرئيس بيهاري.
يذكر أن مسؤول حملة ترامب للانتخابات الرئاسية وكبير مستشاريه لاحقاً هو ستيفن بانون هو من مؤسسي كامبريدج اناليتيكا.