بغداد تحكم بإعدام جميع الجهاديين الفرنسيين الذين نقلوا من سوريا
أصدر القضاء العراقي أحكاما بالإعدام بحق الجهاديين الفرنسيين الأحد عشر وتونسي نقلوا من سوريا للمحاكمة في هذا البلد، بعد محاكمات مثيرة للجدل امتدت لأسبوع، الأمر الذي يفتح الباب أمام استقبال المزيد من الجهاديين.
وصدر الإثنين حكمان على آخر فرنسيين هما مراد دلهوم (41 عاما) المولود في الجزائر واعتقل منذ نحو عام في دير الزور شرق سوريا)، وبلال الكباوي (32 عاما) من بلدة سير وهي إحدى ضواحي باريس.
وقال دلهوم أمام المحكمة “لم أبايع (تنظيم “الدولة” ولم أتابع أي تدريبات منذ ان خضعت لعمليتين جراحيتين في ظهري”، كما ذكرت مراسلة فرانس برس.
وقال الرجل الذي عرف باسم “أبو أيمن” بين أعضاء التنظيم، إنه دخل الى سوريا لإنقاذ زوجة صديق من حركات جهادية جزائرية تتباين الانباء حول مصيره فقد يكون قتل خلال معركة بين صفوف”الدولة” في سوريا او أسيراً لدى فصائل سورية.
ورغم رفضه الاعتراف خلال المحاكمة، ذكر دلهوم خلال التحقيق إنه انضم الى “لواء طارق بن زياد” وهي وحدة تابعة لتنظيم “الدولة” يقودها جندي فرنسي سابق، سماها الأمريكيون “خلية المقاتلين الأوروبيين” التي قالوا إنها كلفت “تنفيذ هجمات في العراق وسوريا والخارج”.
من جانبه، قال بلال الكباوي للقاضي بتوسل “كنت غبياً جداً قبل خمس سنوات، مقتنعاً بأنه يمكنني مغادرة سوريا متى أردت”.
كما ذكر للقاضي أنه طلب من عائلته في فرنسا الاتصال بالمخابرات الفرنسية لمعرفة كيفية العودة مع زوجته وأطفالهما الثلاثة، وبناء على نصيحة منهم سلم نفسه لقوات سوريا الديموقراطية نهاية عام 2017.
وبصدور الحكمين الأخيرين، تختتم المحكمة إجراءاتها بعد أن اصدرت أحكاماً بإعدام كل الجهاديين الاثني عشر وهم 11 فرنسيا وتونسي، تسلمتهم بغداد من قوات سوريا الديمقراطية في نهاية كانون الثاني/يناير.
وبدأت محاكمتهم في بغداد بتهمة الانتماء الى تنظيم “الدولة” في 26 من ايار/مايو، لعدم إمكانية محاكمتهم من قبل هذه القوات وانقطاع العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وباريس.
أصبحت بغداد الخيار البديل بالنسبة لدول مثل فرنسا، التي ترفض بشكل قاطع محاكمة او عودة مواطنيها المرتبطين بتنظيم “الدولة” الذين اعتقلوا في العراق أو من قبل القوات الكردية في سوريا. وتثير عودة الجهاديين إلى بلادهم جدلاً في أوروبا.
واكدت مصادر رسمية عراقية لفرانس برس، مطلع نيسان/ابريل، تقديم بلادهم مقترحاً لمحاكمة الجهاديين الأجانب المعتقلين في سوريا مقابل مليوني دولار للشخص الواحد من الدول التي ينتمون اليها.
وقال لوران نونيز سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الداخلية الاحد إن فرنسيين “آخرين قد يحاكمون” في العراق، علماً بأن نحو 450 فرنسيا مرتبطين بتنظيم “الدولة” معتقلون حاليا في سوريا.
واضاف الوزير “لا يمكنني أن أعطي رقماً دقيقاً، لكن سيكون لدينا أفراد آخرون سيحاكمون أمام القضاء العراقي”.
ـــ “عار” ــ
من جهة أخرى، حذر محامو أسر الجهاديين ومدافعون عن حقوق الإنسان من هذا الأمر وشككوا بضمان حصول المتهمين على محاكمات عادلة أمام القضاء العراقي.
وأكد أربعون محامياً فرنسياً الإثنين أن فرنسا، بسماحها بصدور أحكام بالإعدام على عدد من مواطنيها، إنما تعرض نفسها “لعار هائل” يمكن أن يترك “وصمة لا تمحى” على ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون.
بدورها، اعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية غير الحكومية ان الإجراءات القضائية تعاني من “قصور جسيم”.
وأكدت المنظمة في تقريرها أنها “وثقت استخدام المحققين العراقيين أساليب تعذيب متعددة، منها ضرب المشتبه بهم على باطن أقدامهم، المعروف بـالفلقة، والإيهام بالغرق”. وفي المقابل “وثقت عدم إجراء النظام القضائي العراقي تحقيقا موثوقا في مزاعم التعذيب”، حسب التقرير.
وأوصت المنظمة فرنسا بعدم “الاستعانة بجهات خارجية “، لمحاكمة مواطنيها كما يحدث في العراق.
وبوجود معارضة من قبل الرأي العام الأوربي لعودة الجهاديين، تواجه باريس معضلة لأنها لا تريد محاكمة الجهاديين من مواطنيها وتعارض عقوبة الإعدام التي يصدرها القضاء العراقي وتقف فرنسا ضد تطبيقها.
لذلك تتدخل جهات دبلوماسية فرنسية “على أعلى مستوى” لمنع إعدامهم، لكنها تشدد في الوقت ذاته على ان محاكمتهم تسير في “ظروف جيدة وفي حضور دفاع”.
حضر الى جانب جميع الفرنسيين والتونسي محامو دفاع منتدبون من قبل المحكمة، على الرغم من وجود محام للدفاع عن اثنين منهم في فرنسا.
ولم يلتق محامو الدفاع المنتدبون بهؤلاء الاشخاص ولم يطلعوا على ملفاتهم إلا قبل دقائق من الجلسة، واضطر القاضي مراراً للتدخل لأن أسئلة هؤلاء المحامين كانت تتعارض مع مصلحة المتهمين.
ومن جهة ثانية خففت محكمة الاستئناف الإثنين الحكم على ألمانية من الإعدام إلى السجن المؤبد.
وبحسب القانون العراقي، لدى المدانين مهلة 30 يوما للطعن بالحكم.
ومنذ 2018، حكم القضاء العراقي على أكثر من 500 رجل وامرأة أجانب أدينوا بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية. والأحد، حكم على ألمانية بالسجن 15 عاماً لإدانتها بالانتماء إلى التنظيم المتطرف.
ولم ينفذ حتى الآن أي من أحكام الإعدام الصادرة بحق أي أجنبي.