بعد اليورورفيجن.. ها ستضرب إسرائيل حماس؟
الناس يتحدثون عن تفويت الفرصة لتوجيه ضربة عسكرية لحماس في جولة القتال الأخيرة، ويتحدثون عن الحاجة إلى «خطوة سياسية» لغرض استكمال الضربة العسكرية. فهل يبدو هذا منطقياً؟ نعم. هل ينجح في اختبار الواقع الاستراتيجي؟ لا. مجرد أحاديث. أبدأ من الموضوع الثاني في سياق «الخطوة السياسية».
أطلب من كل من يروج بثبات ومثابرة لخطوة سياسية مع حماس في غزة، سواء كانت مباشرة أم غير مباشرة، أن يفصّل. فليفصّل الخطوة السياسية التي ينبغي تنفيذها. إن الترويج لخطوة سياسية في هذه اللحظة من الهراء. فسبب وجود زعماء حماس هو إبادتنا، وهذا يجلب المقدرات اللازمة لزعماء حماس للحياة الطيبة، ويعطيهم إحساساً بالسيطرة على الناس وإحساساً من الإنجاز الإيديولوجي، الذي يبدو لنا غير منطقي. فعلى حد نهجهم، فإن الإيديولوجيا منطقية، وإذا ما طوت حماس علمها، فإنها بذلك تلغي وجودها. بمعنى أن من يروج للخطوة السياسية، فليشرح كيف يحل هذا التناقض العميق الذي هو: حماس تعيش على التطلع لإبادتنا، ونحن بحاجة إلى التسوية معهم كي نعيش بأمان، وفقاً لصحيفة “معاريف”.
المشكلة أخطر بأضعاف، لأن أغلبية الفلسطينيين في غزة والضفة سيصوتون لحماس في انتخابات حرة، مثلما كان في الانتخابات الأخيرة. وهذا هو السبب الذي لا يجعل فتح معنية بتسوية سلمية مع إسرائيل، إذ إنها إذا وافقت على ذلك، فستدفع بتصفيتها إلى الأمام. في ظل رماح الجيش الإسرائيلي، فتح لا تسقط، وهي تستمتع بوضع مريح ومثالي، ولغرض إبداء مظهر من الكفاحية، تهدد بالمس بنا في المحكمة الدولية أو في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وبالنسبة للضربة المرغوب فيها لحماس، والتي فوتت، اقتبس بداية ما قاله لي اياكوكا، الذي كان رئيس كرايزر. فقد قال: «خلاصة الحياة هي التوقيت». اعتقدت أن توقيت الضربة لحماس ليس في هذه اللحظة. اقترحت التجلد إلى ما بعد «اليوروفيجن» وبعدها، في الفرصة السياسية أو الأمنية الأولى، توجيه الضربة المهمة ذاتها. من يحتج على أننا لم نهاجم غزة بقوة في الجولة القتالية الأخيرة، ملزم بأن يفهم المعنى السياسي لأقواله. هجوم شديد كان سيؤدي إلى إلغاء «اليوروفيجن» في إسرائيل. سببان كانا سيؤديان إلى ذلك: الأول هو خوف الفنانين والمشاهدين على أمنهم. والأمر كان سيؤدي إلى إلغاء المجيء بل وإلى انصراف من جاء. والسبب الآخر أنه كنتيجة للهجوم الإسرائيلي كانت ستصدر في وسائل الإعلام بأوروبا صور أطفال ونساء أصيبوا في الهجوم، وكان سينشأ ضغط دولي لإلغاء الحدث.
وما كان سينشأ في العالم جراء إلغاء «اليوروفيجن» هو أن إسرائيل لا يمكنها أن تدافع عن مراكز المدن التي تدار فيها علاقاتها التجارية مع العالم. والمعنى إذاً هو أن المجيء إلى إسرائيل والتجارة معها ليس آمناً. فلمَ المخاطرة؟ في أفضل الأحوال سيقولون إن اللقاءات التجارية ستعقد حالياً في قبرص، وفي أسوأ الحالات كانوا سيتخلون عن بعض من الصفقات على الإطلاق ولفترة زمنية لا بأس بها. هذه النتيجة كانت ستخلق إحساساً بنصر غير مسبوق في قوته لدى حماس. المعنى هو أن توقيت الهجوم كان مغلوطاً.
وعليه، فإن من يروج لـ «خطوة سياسية فليفصلها، ومن يعتقد أننا فوتنا الفرصة لتوجيه ضربة لحماس، فليتذكر قول اياكوكا إن خلاصة الحياة هي التوقيت.