بريطانيا تصف طرد الروس بـ”نقطة تحول” وموسكو تتهم واشنطن بالضغط
أشادت بريطانيا بحملة طرد دبلوماسيين يشتبه بتجسسهم لصالح روسيا حول العالم معتبرة أنها “نقطة تحول” في موقف الغرب تجاه موسكو “المتهورة” التي قالت بدورها أن التحركات ناجمة عن “ضغوط هائلة” تمارسها واشنطن.
وأمرت 23 دولة، كانت آخرها ايرلندا، منذ الاثنين بطرد 117 شخصا يعتقد أنهم جواسيس يعملون تحت غطاء دبلوماسي، في خطوة تجاوزت بشكل كبير اجراءات مشابهة اتخذت حتى في أسوأ النزاعات المرتبطة بالتجسس أيام الحرب الباردة.
وكتب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في صحيفة “ذي تايمز” “لم يقدم هذا العدد من الدول ابدا في الماضي لطرد دبلوماسيين روس” في خطوة اعتبرها بمثابة “ضربة ستحتاج الاستخبارات الروسية لسنوات عدة قبل التعافي منها”.
وقال “أعتقد أن أحداث الأمس قد تصبح نقطة تحول”، مضيفا أن “التحالف الغربي اتخذ تحركا حاسما ووحد شركاء بريطانيا صفوفهم في وجه طموحات الكرملين المتهورة”.
وجاءت قرارات الطرد للرد على تسميم العميل المزدوج الروسي سيرغي سكريبال وابنته يوليا بغاز للأعصاب في مدينة سالزبري البريطانيا في الرابع من آذار/مارس.
وقدم سكريبال، الذي كان مسؤولا في الاستخبارات العسكرية الروسية سجنته موسكو لكشفه معلومات عن عدة عملاء روس في عدد من الدول الأوروبية، إلى بريطانيا في إطار صفقة لتبادل الجواسيس في 2010.
وأمرت لندن في وقت سابق بطرد 23 دبلوماسيا روسيا بعدما اتهمت موسكو بتنفيذ الاعتداء، وهو ما نفته الأخيرة بشدة موجهة أصابع الاتهام إلى الاستخبارات البريطانية.
وقام حلفاء بريطانيا بخطوات مماثلة حيث تصدرت واشنطن قائمة الدول التي اتخذت هذه الاجراءات فأمرت بطرد 60 روسيا في ضربة للعلاقات الأميركية-الروسية بعد أقل من أسبوع على تهنئة الرئيس دونالد ترامب نظيره فلاديمير بوتين على إعادة انتخابه.
واتخذت كل من استراليا وكندا وأوكرانيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي تحركات مشابهة عبر القيام بعمليات طرد على نطاق أضيق.
– “حرب باردة” –
من جهته، رد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء على قرارات الطرد قائلا “عندما نطلب من دبلوماسي أو اثنين مغادرة بلد ما ونحن نهمس له بالاعتذار فنحن ندرك تماما انه نتيجة ضغوط هائلة وابتزاز هائل يشكلان للاسف السلاح الرئيسي لواشنطن على الساحة الدولية”.
وتابع لافروف “كونوا على ثقة بأننا سنرد! فلا أحد يريد السكوت عن مثل هذا السلوك، ولن نقوم بذلك”.
وفي هذا السياق، كتب المحلل في مجال السياسة الخارجية فيودور لوكيانوف في صحيفة “فيدوموستي” أن “قرارات الطرد هذه مدمرة تحديدا للعلاقات الأميركية-الروسية”.
وأضاف أن “العلاقات بين روسيا والغرب تدخل مرحلة حرب باردة كاملة”.
وأوضح مسؤولون غربيون أنه من خلال إعلانهم عن قرارات الطرد، فإنهم يتشاركون تقييم لندن بأن الكرملين يعد الجهة الوحيدة التي يمكن أن تكون وراء تسميم سركيبال.
وصرحت المتحدثة باسم البيت الابيض سارة ساندرز الاثنين ان واشنطن وحلفاءها يتصرفون “ردا على استخدام روسيا لسلاح كيميائي عسكري على أراضي المملكة المتحدة”.
– “لم يعد من الممكن خداع أحد” –
وفي مقاله الذي نشرته “ذي تايمز”، قال جونسون إن الهجوم يتوافق مع “السلوكيات المتهورة” التي يقوم بها بوتين، بما في ذلك ضم شبه جزيرة القرم.
وقال إن “الخيط المشترك هو رغبة بوتين في تحدي القواعد الرئيسية التي تعتمد عليها سلامة كل بلد”.
وأضاف “لذلك، لدى كل دولة مسؤولة مصلحة حيوية في الوقوف بصلابه ضده”.
واتهم جونسون روسيا كذلك بتجنيب نفسها الضغط عبر تقديم مجموعة متباينة من التفسيرات للهجوم، الأول في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقال “كانت هناك حقبة نجح خلالها تكتيك الشك هذا لكن لم يعد من الممكن خداع أحد. أعتقد أن يوم أمس كان اللحظة التي تم فيها الكشف للجميع عن السخرية من آلة الدعاية هذه”.
وقال مسؤولون أميركيون إنه سيتم طرد 48 “مسؤول استخبارات” يعملون في البعثات الدبلوماسية الروسية في الولايات المتحدة سيطردون، إضافة الى 12 يعملون في الامم المتحدة في نيويورك.
وذكر البيت الأبيض أنه إضافة إلى ذلك، سيتم إغلاق القنصلية الروسية في سياتل.
وتشكل هذه أكبر عملية طرد في الولايات المتحدة لعملاء روس أو سوفيات على الإطلاق. وتأتي بعدما طرد باراك اوباما، سلف ترامب، 35 روسيا أواخر العام 2016 على خلفية الاتهامات لموسكو بالتدخل في الانتخابات الأميركية.
وحذرت وزارة الخارجية الروسية من أن “هذه الخطوة غير الودية (…) لن تمر بدون أثر، وسنرد عليها”.
ودعت السفارة الروسية في واشنطن في تغريدة متابعيها على “تويتر” الى التصويت على أي قنصلية أميركية يجب إغلاقها، مدرجة القنصليات في فلاديفوستوك وسان بطرسبرغ ويكاتيرينبرغ كخيارات.