بدء محاكمة شقيق بوتفليقة ومديري مخابرات سابقين ورئيسة حزب
شرع القضاء العسكري في الجزائر بالنظر في قضية كل من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، والفريق محمد مدين، المعروف باسم الجنرال توفيق، واللواء عثمان طرطاق، القائدين السابقين لجهاز الاستخبارات، ولويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال، والمتهمين بالتآمر ضد قائد تشكيلة عسكرية والتآمر لتغيير نظام الحكم.
وكانت المحاكمة قد انطلقت أمس الإثنين في المحكمة العسكرية في البليدة وسط ترقب شديد من طرف عموم الجزائريين، خاصة وأنها المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة بهذا الشكل ولمسؤولين بهذا الحجم كانوا إلى وقت قريب يصنعون الشتاء والجو المشمس، على حد قول التعبير الفرنسي الشهير، ولأن هذه المحاكمة سبقتها إشاعات كثيرة، آخرها أن اللواء المتقاعد خالد نزار وزير الدفاع الأسبق، ونجله لطفي المتابعين في هذه القضية سيحاكمان أيضا وحضوريا، وأنه تم إلقاء القبض عليهما من طرف الإنتربول، وأنهما سلما إلى السلطات الجزائرية، وقبل ذلك أيضا سرت إشاعة مفادها أن المحاكمة ستنقل على المباشر من طرف التلفزيون الحكومي، لكن ثبت بعد ذلك أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إشاعات، فلا نزار كان حاضرا هو ونجله ولا المحاكمة نقلت على المباشر، ومنع الصحافيون الذين ذهبوا إلى البليدة من التغطية لأن المحاكمة عسكرية، ويمنع التصوير هناك، خاصة وأن تعزيزات أمنية مشددة فرضت على محيط المحكمة.
وكان طيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري السابق، قد وصل إلى المحكمة العسكرية في حدود التاسعة صباحا من أجل الإدلاء بشهادته في هذه القضية، دون أن يحدد السبب الذي جعل بلعيز شاهدا في هذه القضية.
ونقلت صحيفة «ليبرتي» (خاصة) تصريحات لمحاميي المتهمين، إذ اعتبر فاروق قسنطيني، محامي الفريق محمد مدين، أن الاجتماع الذي من أجله أوقف موكله كان عاديا جدا، معتبرا أن: «كل شيء يتوقف على الكيفية التي يُقرأ بها هذا الملف. موضوعياً، لا يوجد شيء. إنه لقاء بين السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق، وليس فيه شيء من السياسة أو ما يضّر. كل ما في ذلك أنهم أرادوا التوصل إلى اتفاق على اسم الشخص المحتمل اقتراحه لخلافة عبد العزيز بوتفليقة الذي كان على وشك الاستقالة».
وأشار إلى أن الأكيد في الأمر هو أن الاجتماع تم في مكان تابع لرئاسة الجمهورية وتم تسجيله، موضحا أنه خلال هذه المناقشة تم تداول ثلاثة أسماء لشخصيات وطنية لخلافة عبد العزيز بوتفليقة، وهم رئيسا الحكومة السابقان علي بن فليس وأحمد بن بيتور، ووزير الصحة الأسبق عبد الحميد أبركان.
وأصر على أن الحديث الذي جرى بين السعيد بوتفليقة واللواء المتقاعد خالد نزار «لا يهم توفيق في شيء، لأنه في حديثه مع السعيد لم يتطرقا إلى هذا الموضوع بتاتا»، وأنه: «كان من المفروض أن يتولى زروال قيادة الفترة الانتقالية كرئيس للحكومة بصلاحيات رئيس».
واعتبر المحامي أن «الجنرال توفيق (مدين) هزيل جسديا، خسر 14.5 كيلوغراما، وتعرض لكسر في كتفه الأيسر، ولم يعالج كما ينبغي (..) فوضعه الصحي لا يسمح له بمواجهة مثل هذه المحاكمة المهمة. فهو جالس على كرسي متحرك منذ أكثر من شهر ونصف بسبب هذا الكسر»، مع التأكيد على أنه لم يتعرض لأي أذى أو سوء معاملة، لكنه وقع من سريره وسقط على كتفه، وعلى هذا الأساس أرادت هيئة دفاع الفريق محمد مدين تأجيل المحاكمة، لكن يبدو أن القاضي لم يستجب للطلب.
وتعتبر هذه المحاكمة تاريخية وغير مسبوقة، فلو كان أحدهم قال إن أحد هؤلاء الثلاثة سيحاكم لاعتبر قائل هذا الكلام مجنونا، لأن الأمر يتعلق بشقيق الرئيس السابق، الذي كان الحاكم الفعلي للبلاد، خاصة خلال الخمس سنوات الأخيرة من حكم شقيقه، أما الجنرال توفيق فهو القائد الأشهر لجهاز الاستخبارات خلال قرابة ربع قرن، والذي كان يوصف بصانع الرؤساء، الذي كان الجزائريون يخشون ذكر اسمه ولو للثناء عليه، أما عثمان طرطاق فهو أيضا أحد مساعدي توفيق لسنوات طويلة.