باريس لواشنطن: لن نتفاوض والسلاح مصوب إلى رأسنا
دعا وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الولايات المتحدة إلى التعقّل واحترام حلفائها الأوروبيين، معتبراً أن إعفاء دول الاتحاد الاوروبي من الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة هو شرط مسبق لأي حوار بين الطرفين، مؤكداً أنه «لن نتفاوض والسلاح مصوب إلى رأسنا».
وشدّد الوزير الفرنسي في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» على ضرورة الشروع اعتباراً من 2019 في فرض ضريبة على الشركات الرقمية العملاقة.
وحول التوترات التجارية الحالية، قال لومير إنه «لدينا جميعاً، ولا سيما الدول الأوروبية، قلق مشترك متّصل بالحرب التجارية التي اندلعت منذ بضعة أسابيع». وأضاف أن «هذه الحرب التجارية لن يخرج منها إلا خاسرون وستدمّر الوظائف وستؤثر سلباً على النمو الاقتصادي العالمي».
وأشار إلى أنه «منذ آخر قمة لمجموعة العشرين حصل تصعيد في الحرب التجارية.. ندعو الولايات المتحدة إلى التعقّل واحترام قواعد التعدّدية وأيضاً احترام حلفائها .. لا يمكننا أن نفهم كيف أننا، نحن الأوروبيين، مشمولون بالزيادة التي أقرّتها الولايات المتحدة على الرسوم الجمركية».
وأكد لومير أن «ما نريده، مع الرئيس (إيمانويل ماكرون) هو إعادة صياغة التعددية التجارية»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن للتجارة العالمية أن تستند إلى شريعة الغاب، فزيادة الرسوم الجمركية في صورة أحادية الجانب هي شريعة الغاب التي هي شريعة الأقوى، وهذا لا يمكن أن يكون مستقبل العلاقات التجارية في العالم».
وقال: «نحن نقترح مع جميع الدول الأوروبية إعادة صياغة قواعد التجارة المتعددة الأطراف. نقرّ بأن هناك مشكلة في التجارة العالمية وصعوبة في الوصول إلى الأسواق العامة. هناك مسألة تتعلّق بالملكية الفكرية، وهي قضية حيوية لشركاتنا الفرنسية، لصناعاتنا في قطاعات الطيران والسلع الفاخرة والصحة والطب، ولكننا نناقشها في إطار متعدّد الأطراف»، مؤكداً أن «الطريقة الفضلى لتسوية المشاكل هي حوار بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين».
وشدد الوزير الفرنسي على الاستعداد «لكل أنواع النقاش، لكن شريطة إلغاء الرسوم الجمركية الأميركية أولاً، إذ إنها غير مبررة وتهدّد صناعاتنا ووظائفنا، ولن نتفاوض والسلاح مصوب إلى رأسنا».
وأوضح أن «أوروبا هي قارة اقتصادية قوية، لديها قوة اقتصادية كبيرة. باتّحادها، يمكنها أن تغيّر مسار الأمور. يجب على أوروبا أن تلعب الدور القيادي، ولديها دور تاريخي تلعبه في الظروف الحالية. قدَرنا ليس أن نُسحق بين الصين التي لا تنفك تزداد قوة والولايات المتحدة التي قرّرت الدخول في توازن قوى مع جميع الدول الأخرى على هذا الكوكب».
ولدى رده على سؤال حول المسائل الأخرى التي ستثيرها فرنسا في مجموعة العشرين، قال إن «الموضوع الأول هو التجارة، بينما الموضوع الثاني هو فرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقة، وهو أمر تصرّ فرنسا على حصوله، في البداية على المستوى الأوروبي». ولفت إلى أنها «مسألة تتعلق بالعدالة، إذ لا يمكن لأحد أن يقبل بأن تكون الضريبة المفروضة على شركاتنا الصغيرة والمتوسطة هي أكثر بـ14 نقطة مئوية من تلك المفروضة على (شركات) غوغل وأمازون وفايسبوك. إذا أردنا نظاماً ضريبياً دوليا فاعلاً، فيجب فرض ضريبة على أولئك الذين ينتجون أكثر. لا يمكننا الانتظار، وشعوبنا تنتظر قرارات ملموسة. في مطلع 2019 على أبعد تقدير يجب أن تكون هناك أداة ضريبية في أيدي الدول الأوروبية».
وأضاف أن «الموضوع الثالث هو العملات المشفّرة. أؤمن كثيراً في تطوير تقنيات مالية جديدة. أعتقد أنها واعدة جداً، وأفكر على وجه التحديد بالـ«بلوكشين» والـ«آي سي أو» (الطرح الأولي للعملة). سنكون إحدى أولى الدول الأوروبية التي سيكون لديها إطار ينظّم الطرح الاولي للعملة. هناك مخاطر يجب معالجتها، مخاطر تتعلق بتمويل الإرهاب أو بغسيل الأموال».
وحول الانتقادات التي يوجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لليورو، قال لومير إن «انتقادات الرئيس (ترامب) للعملة الأوروبية لا أساس لها من الصحة»، مؤكداً أن «لا أحد يتلاعب بسعر اليورو، فهو انعكاس للواقع الاقتصادي وللأسس الاقتصادية للدول الـ19 الأعضاء في منطقة اليورو. الأمر كما هو عليه اليوم صحي للغاية. لا يوجد تلاعب في السعر ولا تدخّل. في المقابل هناك اليوم ارتفاع في قيمة الدولار، وهذه نتيجة منطقية للسياسة النقدية التي اختارتها الإدارة الأميركية».
من جهة ثانية، أوضح وزير الاقتصاد الفرنسي أنه «سيناقش مشروع معاهدة التبادل التجاري الحرّ بين الاتحاد الاوروبي ودول «ميركوسور» (السوق المشتركة في اميركا الجنوبية)، مع كل من نظيري الأرجنتيني والرئيس (الارجنتيني ماوريسيو) ماكري. نحن نؤيد هذا الاتفاق، ونريد عدداً من الضمانات لمزارعينا. نحن نعمل على هذه الضمانات، والكرة الآن في ملعب ميركوسور».
وكان الوزير الفرنسي أكد في حديث للصحافيين في مؤتمر لوزراء مال ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس إنه لا يوجد أي خلاف بين فرنسا وألمانيا حول كيفية وتوقيت بدء محادثات تجارية مع الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن البلدين اتفقا على ضرورة أن تتخذ واشنطن الخطوة الأولى بإلغاء التعريفات الجمركية.