باحثون أمريكيون يرون قرار الانسحاب من سوريا صحيحاً لكن طريقة تنفيذه خاطئة
تباينت ردود الأفعال من المسؤولين والخبراء الامريكيين في مراكز الأبحاث المتخصصة، عارض سياسيون بارزون كعضو مجلس الشيوخ البارز ليندسي جراهام القرار، واصدر بياناً مع عدد من زملائه في المجلس يدعون فيه ترامب لإعادة تقييم الانسحاب، علق غراهام بالقول ان (الرئيس ترامب محق في رغبته في احتواء التوسع الإيراني، ولكن انسحاب قواتنا من سوريا سيضعف هذه المساعي وسيعرض حلفاءنا الكرد للخطر وسيعتبر دافعاً لداعش للعودة من جديد» كما شبه غراهام خطأ الانسحاب بسياسة اوباما بالنأي عن التدخل المباشر في سوريا.
خطوة ترامب اذن، المعلنة منذ شهر نيسان/أبريل الماضي، تأتي استمراراً لتعامل الادارات الامريكية السابقة مع المنطقة، السياسة التي جنحت للابتعاد عن التدخل المباشر وتوكيل حلفاء محليين، وهو ما أكده الصحافي الامريكي بوب وودورد، في كتابه الشهير (فير) عن خفايا البيت الأبيض في عهد ترامب، اذ ذكر ان ترامب تساءل في احد الاجتماعات، عن الفائدة التي تجنيها بلاده من تواجد قوات في افغانستان والعراق وسوريا، مضيفاً (علينا ان نعلن النصر وننسحب).
الانسحاب من شمال سوريا، آثار انتقادات واسعة، لكن عدداً من الخبراء والباحثين الامريكيين الرفيعين رأوا فيه خطوة صحيحة نفذت بأسلوب سيئ، مركز الأزمات المتخصص في سياسات المنطقة، قال في تقرير مطول ان الانسحاب ليس بالضرورة قرارًا خاطئًا، لكن طريقة تنفيذه من حيث التحضير له وترتيب اوضاع الحلفاء الأكراد وترك شمال سوريا قبل تسوية سياسية شاملة، هو ما رآه باحثو المركز خطأً، ونصح المركز الادارة الامريكية بالقيام بالخطوات التالية بعد الانسحاب (الضغط على تركيا بعدم التقدم عسكرياً نحو مناطق الأكراد شمال سوريا، وهم حلفاء الأمريكيين في قتال تتظيم الدولة، لان ذلك سيشجع «قسد» على ايجاد تسوية مع النظام السوري والروس).
اما الدكتور نبيل خوري، الدبلوماسي الامريكي السابق والناطق باسم الخارجية الامريكية السابق في بغداد بعد حرب العراق 2003، فكتب في مجلس اطلانطيس للابحاث مقالاً ينتقد فيه قرار ترامب لكنه يشير مع ذلك إلى «أن ميزان القوة العسكري في سوريا لم يعد لصالح الولايات المتحدة ولم يعد بالامكان تغيير ذلك اليوم، وسياسياً فان روسيا وايران وتركيا تدير عملية الانتقال السياسي السوري بينما الولايات المتحدة تبدو خارج المناقشات، كما في لعبة البوكر اذا لم تضع عصاك على الطاولة فإنك تصبح خارج اللعبة».
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد ستيفن والت، كتب في مجلة «فورين بوليسي» مقالاً لافتاً اعتبر فيه ان «ترامب حتى عندما يفعل الشيء الصحيح فإنه يفعله بالطريقة الخاطئة» في اشارة لتأييده الانسحاب واعتراضه على طريقة تنفيذه دون التنسيق بشأنه والتحضير له، ويذكر ستيف في مقاله حقائق عدة، أيد من خلالها الانسحاب الامريكي أهمها ان سوريا ليسـت خسـارة للولايات المتحدة لانها لم تكن يوماً بلداً خاضعاً لواشنطن، بل هي تدور في الفلك الروسـي منذ حقبة الاتحاد السوفييتي، ولذلك قاتل بوتين لمنع سقوط الأسد حسب والت الـذي يضـيف «ترامب (أو أوباما قبله) «خسـر» سوريا يعني ضمناً أن امريكا كانت تتحكم بمـصيرها، لكن ما لم نتعلمه من 15سنة الماضية، أن الولايات المتحدة لا تستطيع السيطرة على أي من دول المنطقة، ويجب ألا تنفق الكثير من الدماء أو الأموال لمحاولة فعل المسـتحيل».
استاذ العلاقات الدولية في هارفارد، يعارض ايضاً فكرة بقاء جيش امريكي محدوداً بـ2000 جندي من أجل تنظيم الدولة، ويرى ان التنظيم لم يشكل تهديداً وجودياً على الولايات المتحدة، ولا يبرر بقاء الامريكيين اعواماً اخرى، ويعتبر ستيفن والت ان «تسليم المستنقع السوري إلى الآخرين يمكن أن يكون انتصاراً خالصاً للولايات المتحدة، حيث أن البقاء في سوريا لا يسهم كثيراً في أمن الولايات المتحدة أو رخائها».