انهيار اقتصادي يعرِّض غزة للخطر
أظهر تقرير حديث للبنك الدولي، الثلاثاء 25 سبتمبر 2018، أن قطاع غزة الآن يعيش شحاً كبيراً في السيولة لدى المواطنين، وانهياراً اقتصادياً متصاعداً، يمهدان لخطر تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.
وقال البنك الدولي في تقرير وصل الأناضول، سيعرض على لجنة الارتباط الخاصة بنيويورك يوم 27 من الشهر الجاري، أن فرداً واحداً من أصل اثنين في قطاع غزة يعاني من الفقر.
ويعيش قطاع غزة (الذي يبلغ مليوني نسمة)، على وقع أزمة متصاعدة، آخرهاوقف المنح والمساعدات الخارجية الأميركية الموجهة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا».
نسبة البطالة وصلت مستويات مرتفعة
وسجل إجمالي ودائع عملاء البنوك في غزة تراجعات خلال العام الجاري، ثم تباطؤاً في نموها مقارنة مع سنوات سابقة، لتستقر عند 1.16 مليار دولار حتى يوليو/تموز الماضي، بحسب أرقام لسلطة النقد الفلسطينية.
وأضاف البنك الدولي: «المساعدات والمنح المتوافرة حالياً للقطاع، عاجزة عن توفير النمو.. بينما نسبة البطالة وصلت إلى 70%».
وعلقت مارينا ويس، المديرة والممثلة المقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، على التقرير، مشيرة إلى أن الحرب والعزلة والانقسام كلها عوامل اجتمعت على غزة.
وأضافت ويس وفق ما أورده التقرير: «هذه العوامل وضعت غزة في حالة شلل، ارتفعت معها حدة الأزمات الإنسانية من فقر وبطالة، وتدهور الخدمات الأساسية».
وانكمش النمو الاقتصادي في قطاع غزة، بنسبة 6% خلال الربع الأول من العام الجاري لأسباب مرتبطة بعقوبات من السلطة الفلسطينية على غزة.
وزاد التقرير: «صحيح أن حصار غزة تجاوز 10 سنوات، إلا أن عقوبات السلطة الفلسطينية فاقمت الأزمة الاقتصادية».
واقتطعت الحكومة الفلسطينية 30% من رواتب الموظفين العموميين بغزة (58 ألف موظف)، في أبريل 2017، قبل أن ترتفع إلى 50% في أبريل 2018، بالإضافة لإحالة الآلاف منهم للتقاعد المبكر.
المدارس والمراكز الصحية معرضة للخطر
في الوقت ذاته، قال رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن المدارس والمراكز الصحية معرضة للخطر إذا لم تتمكن من سد فجوة التمويل البالغة 185 مليون دولار اللازمة لمواصلة العمل حتى نهاية العام.
وقال بيير كراهينبول، المفوض العام للوكالة في نيويورك، حيث يشارك زعماء العالم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية: «لدينا في الوقت الراهن أموال في البنك.. ستكفينا على ما أعتقد حتى منتصف أكتوبر».
وأضاف: «لكن من الواضح أننا ما زلنا بحاجة إلى 185 مليون دولار تقريباً حتى نتمكن من ضمان أن جميع خدماتنا وأنظمتنا التعليمية والرعاية الصحية، والإغاثة والخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى عملنا في مجال الطوارئ بسوريا وغزة على وجه الخصوص، يمكن أن يستمر حتى نهاية العام».
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت الشهر الماضي عن وقف مساعداتها للأونروا، واصفة إياها بأنها «عملية معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه». وزاد القرار من حدة التوتر بين القيادة الفلسطينية وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وتقدم الأونروا خدمات لنحو 5 ملايين لاجئ فلسطيني في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة. وينحدر معظمهم من حوالي 700 ألف فلسطيني طردوا من منازلهم أو فروا من القتال في حرب عام 1948 التي أدت إلى قيام إسرائيل.
الوضع في الضفة أفضل من غزة
أما بخصوص الضفة الغربية، فأشار التقرير إلى وضعية أفضل من غزة، لكن أسباب النمو المبني على الاستهلاك في الضفة آخذة في التراجع.. «نتوقع تباطؤ النشاط الاقتصادي بشدة مستقبلاً».
وتابع: «التدهور الاقتصادي في غزة وبدرجة أقل في الضفة، لن تنفع معه المعونات المتراجعة أصلاً.. عجز الموازنة يبلغ 1.24 مليار دولار.. وإسرائيل تهدد باقتطاع 350 مليون دولار سنوياً من أموال المقاصة»، تمثل مخصصات أسرى فلسطينيين وذوي الشهداء.
وإيرادات المقاصة، هي أموال ضرائب وجمارك ورسوم تجبيها إسرائيل نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية، عن السلع المستوردة إلى أسواق الأخيرة، تقدر قيمتها الشهرية بـ200 مليون دولار.
ويطالب التقرير بضرورة توفير بيئة مواتية في غزة، وتوفير الاحتياجات الأساسية، التي من شأنها أن توفر فرص عمل، وتعزيز مصادر الدخل لزيادة الإنفاق واستعادة دوران عجلة السوق، وتوسيع مساحة صيادي غزة في البحر.
كذلك طلب تقرير البنك الدولي من إسرائيل، دعم بناء بيئة مواتية للنمو، بتخفيف قيود حركة التجارة والأفراد، واستغلال وجود طاقات شابة متعلمة في دفع الاقتصاد للأمام.