اليمنيون يصطادون الجراد ويبيعونه طعاما قبل أن يقضي على محاصيلهم
نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا تناول فيه أزمة الغذاء والمجاعة في اليمن، ومشكلة أسراب الجراد التي تجتاح البلاد وتهدد محاصيل المزارعين.
ويقول التقرير إنه في حين كان اليمنيون يستعدون لبدء شهر رمضان، في حرب مستمرة منذ أربع سنوات، نتج عنها أزمة غذائية ومجاعات، لاح تهديد جديد في الأفق، إذ شاهد المزارعون في الضواحي الغربية لصنعاء، أسرابا من الجراد الصحرواي الذي لم يظهر منذ ثلاث سنوات، وهو يتجه نحوهم في مناطق حمدان وأرحاب وبني مطر. وبطبيعة الحال، قام القرويون بالتجمع لحماية محاصيلهم من الجراد.
وأشار التقرير إلى أنه وفقاً لأحدث تقييم لبرنامج الغذاء العالمي، فإن 20.2 مليون شخص، أي حوالي 76 % من إجمالي السكان، سيواجهون نقصًا يهدد حياتهم بدون مساعدة إنسانية. علماً أنه يتم إنتاج 25 % فقط من مجموع الأغذية المستهلكة محلياً، إذ تعتمد اليمن بشكل هائل على الواردات.
ولكن مع وجود أكثر من 10 ملايين يمني على بعد خطوة واحدة من المجاعة وفقًا للبرنامج ، تحول الجراد، بحسب التقرير، إلى “نعمة غير متوقعة”.
يقول وجيه متوكل، المدير العام لمكتب وقاية النبات في صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، إن عدة عوامل قد خففت من تأثير أسراب الجراد على إنتاج الغذاء في اليمن. وبحسب متوكل، فإن “موسم زراعة محاصيل الحبوب والخضروات قد بدأ للتو” في اليمن ، ما أدى ذلك إلى خفض مستوى التهديد المباشر للأمن الغذائي في اليمن.
ومع ذلك، قال متوكل إنه لا شك بأن أسراب الجراد تشكل تهديداً للأمن الغذائي في اليمن. وأشار إلى أن “سربا واحدا يغطي مساحة كيلومتر مربع يحتوي على 50 مليون جرادة، ويمكن لهذا السرب أن يأكل ما يعادل 100 طن في اليوم”.
وأفادت وكالة الأنباء “سبأ” التي يديرها الحوثيون في 5 مايو بأن كبار المسؤولين في وزارة الزراعة التي يديرها الحوثيون حذروا من الآثار السلبية لأسراب الجراد على مناطق واسعة في محافظات صنعاء وعمران وصعدة وجوف ومارب.
وفي حين كانت الأضرار الناجمة عن الجراد محدودة نسبياً في صنعاء، وعمران، وصعدة، قال متوكل إن الحبوب وأشجار الحمضيات في الجوف ومأرب تأثرت إلى حد كبير. وأضاف أنه على الرغم من أنه لا يزال من الممكن رؤية بعض الجراد المتشابك حول صنعاء بعد ثلاثة أسابيع من الغزو الأولي، إلا أنه تم رصد أسراب في محافظة إب في الأيام الأخيرة.
وأشار متوكل إلى أن مكتبه يتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة للمساعدة في مكافحة غزو الحشرات بشاحنات رش المبيدات الحشرية. لكن مكتب الوقاية يكافح من أجل الحصول على شاحنات الرش، وكان يواجه نقصًا في الأموال والموظفين والمعدات لمعالجة المشكلة بشكل صحيح. وأكد متوكل أن الجراد الأحمر لا يزال من الممكن أن يؤدي إلى تفاقم المجاعة في اليمن في حالة حدوث أمطار غزيرة في يونيو/ حزيران، كما تنبأ به خبراء الأرصاد الجوية، معتبراً أنها “قد تسبب بكارثة ليس فقط في اليمن ولكن أيضًا في بلدان أخرى، مثل المملكة العربية السعودية”. ومع ذلك، قال المسؤول إن اليمنيين استخدموا وسائل غير تقليدية للتعامل مع غزو الجرادن مضيفاً: “اليمنيون مغرمون بأكل الجراد”.
ويتابع التقرير أنه بعد ثلاثة أيام من مجيء الجراد إلى منطقة بني مطر، غادر أحمد حقاش (57 عاما) العاصمة اليمنية، حيث يعيش معظم الوقت، للتحقق من مزرعة البطاطا التي يمتلكها، وقد أمسك حقاش أنفاسه، وأخذ حبات المسبحة بين أصابعه وهو يدخل قريته حيث استقبلته مجموعة من السكان المحليين، ورأى رجلا يرتدي الزي العسكري يخرج من محل بقالة يحمل كيسًا من الجراد الطازج تم جمعه في الليلة السابقة.
وفي طريقه إلى مزرعته، التقى أحمد بقريبه أمين، الذي طمأنه بأن مزرعة البطاطا بخير، على عكس مزرعة أمين، وهو يزرع الجرجير، قد تضررت. و قال أمين (35 عامًا)، إنه سعيد وفخور بالسكان المحليين لكونهم قادرين على اصطياد الجراد بالطرق التقليدية. وأضاف المزارع إن القرويين يصطادون الجراد ليلاً، إذ لا يطير حينها. ويضعون المصابيح الكهربائية على جباههم، ويلقون قطع قماش كبيرة على الجراد لاحتجازها، ثم ينقلونها إلى أكياس بالمجارف وبأيديهم.
وقال أمين إنه جمع حوالي 10 أكياس من الجراد، مضيفًا أن بعض العائلات الأخرى جمعت ما بين 20 إلى 30 كيسًا بناءً على عدد الأقارب الذين التحقوا بالصيد. وقال أمين لـ”ميدل إيست آي”: إذا بقي الجراد لمدة خمس دقائق، فسوف يمحو المحاصيل بأكملها”، مضيفاً “لكننا قضينا عليها قبل أن تمحو المحاصيل. في غضون خمس ساعات، كانت القرية خالية من أي خطر من الجراد. وأضاف المزارع أنه بدلاً من تناولهم للخضروات “نأكل الآن الجراد بالأرز ومحاصيلنا بخير”. وأشار إلى أنه “اجتاح الجراد المنطقة العربية بأسرها، لكن عندما وصلوا إلى اليمن، قام اليمنيون بالقضاء عليها”.
وفي مدينة صنعاء القديمة، يجلس الأطفال وكبار السن من الرجال والنساء على جانب الطريق، ويبيعون الجراد، وقد تم صيد معظمهم في منطقة بني مطر.
ووصف بائع جراد يجلس جنب باب اليمن، إحدى بوابات المدينة القديمة، في انتظار الزبائن، الجراد بـ “المحاصيل بحد ذاتها”.
وقالت جهاد، فتاة تبلغ من العمر ثماني سنوات من بني مطر، إنها عادة ما تبيع الطيور في صنعاء. لكن الفتاة الصغيرة ابتسمت وهي تغرف الجراد للزبائن باستخدام علبة معدنية قديمة، متحمسة لبيع شيء جديد.
وقال فاروق الجرادي، أب لسبعة أطفال، اشترى زجاجتين من الجراد المطبوخ، إن السبب الوحيد الذي يجعله يأكل الحشرات هو أنه يقال إنها علاج جيد للعديد من الأمراض، بما في ذلك السكري وارتفاع ضغط الدم.
وأضاف جرادي إنه “لا يهدد الجراد الأمن الغذائي، وخاصة في اليمن (…) اليمنيون يأكلونهم قبل أن يأكلوا محاصيلهم”.