الولايات المتحدة أنفقت لمحاربة الإرهاب 5.9 تريليون دولار بين عامين 2001 و2019
قالت صحيفة “ذا انترناشيونال انتريست” الأمريكية إنه وفقاً لتقديرات بحثية، فقد كانت التكاليف النقدية والبشرية للحرب التي قادتها الولايات المتحدة على «الإرهاب» منذ عام 2000 كبيرة جداً و»فلكية».
وأضافت الصحيفة أنه بحسب تقديرات لأساتذة العلوم السياسة في جامعة براون الأمريكية و»مشروع تكلفة الحرب» الذي أطلقته الجامعة، فقد أنفقت واشنطن حوالي 5.9 تريليون دولار بين العامين الماليين 2001 و2019.
وأضافت الصحيفة أن هذا المبلغ الضخم من المال يتضمَّن أكثر من تريليوني دولار في عملياتٍ طارئة خارج أمريكا، و924 مليار دولار في الأمن الداخلي، و 353 مليار دولار في الرعاية الطبية والأشخاص ذوي الإعاقة للقوات الأمريكية التي تعمل في مناطق النزاع في الخارج.
الشعب الأمريكي سيستمر في سداد الديون لعقودٍ قادمة
ويقول الباحث في منظمة Defense Priorities المعنية بتعزيز الأمن والاستقرار، دانيال ديبتريس، تعقيباً على هذه النتائج «أضف إلى هذه الأرقام، تكلفة الفائدة إلى الأموال المُقترضة في المعادلة، وستجد أنَّ الشعب الأمريكي سيستمر في سداد الديون لعقودٍ قادمة».
ويضيف ديبتريس: بالطبع، فإنَّ الحرب التي لا تنتهي أبداً على الإرهاب قد ذهبت بالقوات المسلحة الأمريكية إلى أبعد الحدود. ففي ظل وجود الولايات المتحدة في40% من دول العالم، وقيادتها 65 برنامجاً تدريبياً أمنياً منفصلاً بدايةً من أدغال كولومبيا وإلى أدغال تايلاند، هل نتساءل لِمَ تواصل مراكز الأبحاث ذات العقلية الدفاعية، وقيادة البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية)، ولجان القوات المسلحة في الحديث عن وجود أزمة جهوزية؟
ويشير الباحث: تنشر واشنطن القوات والمدربين والمستشارين في أماكن كثيرة للغاية، لدرجة أنَّ حتى ممثلي الولايات المتحدة المنتخبين غالباً لا يكونون على دراية بطريقة استخدام الجيش، وما يفعله، وأين يعمل.
في الواقع، عندما تعرَّض أربعة جنود من القوات الخاصة الأمريكية لكمينٍ وقُتِلوا على يد مجموعة صغيرة من المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال مداهمة أمريكية مشتركة قرب الحدود بين النيجر ومالي، كان المشرعون في واشنطن مندهشين من وجود الجنود الأمريكيين في النيجر بالأساس.
وفي اعترافٍ متلفز عن الحال الذي كان عليه المشرعون الجاهلون بما يجري، علّقالسيناتور ليندسي غراهام قائلاً: «لا نعرف بالضبط أين نحن في العالم، عسكرياً، وما الذي نفعله».
السياسة الخارجية جعلت البلاد أقل أمناً
ومن المفترض أنَّ كل هذا الإنفاق من الموارد النقدية والعسكرية ينبغي أن يوفر للأمريكيين مستوى لائق من الأمن على الأقل. وستكون المبالغ الطائلة المدفوعة ذات قيمة إذا أصبحت الولايات المتحدة أكثر أمناً من «الإرهاب».
لكن مع ذلك، يبدو أنَّ العكس هو الصحيح. إذ أظهر استطلاعٌ أجراه معهد تشارلز كوك ومؤسسة RealClearDefense في أكتوبر2017، أنَّ أكثرية من الأمريكيين (43%) والجنود القدامى (41%) يعتقدون أنَّ السياسة الخارجية للولايات المتحدة على مدى السنوات العشرين الماضية جعلت البلاد في الحقيقة أقل أمناً، وهي نتيجة لا تؤدي بالضبط إلى ما يبحث عنه صُنَّاع السياسة الأمريكيون.
يضيف الكاتب، الأمريكيون ليسوا «مجانين» كي يشعروا بهذا. إذ توجد بيانات قوية تدعم مخاوفهم. فبإلقاء نظرة شاملة على مشكلة الإرهاب على مدى عقود عديدة، اكتشف «مشروع التهديدات العابرة للحدود» الذي أطلقه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنَّ عدد المقاتلين السلفيين الجهاديين زاد بنسبة 270%منذ عام 2001.
وفي عام 2018، كانت هناك 67 جماعة جهادية تعمل في مختلف أنحاء العالم، بزيادة 180% مقارنةً بعام 2001. وربما يبلغ عدد المقاتلين 280 ألف مقاتل، وهو أعلى رقم منذ أربعين سنة. وللمفارقة المزعجة، يقيم الكثير من هؤلاء المقاتلين في دول (العراق وأفغانستان وليبيا) التي غزتها الولايات المتحدة و/أو قصفتها على مدى السنوات السبعة عشر الماضية.
ويطرح كل هذا السؤال: هل استراتيجية واشنطن لمكافحة الإرهاب لها الأثر المطلوب لتعزيز أمن الأمريكيين؟ أم أنَّ الاستراتيجية تتمثَّل ببساطة في صناعة عدد من الإرهابيين يفوق عدد مَن يُقتلون منهم، وإهدار المزيد من أموال دافعي الضرائب، وزيادة الضغط على الموارد المحدودة للجيش الأمريكي؟
يختم الكاتب بالقول، لن نعرف الإجابة حتى يطلب الرئيس دونالد ترامب من إدارته إجراء تقييمٍ للسياسة الحالية يتسم بالصدق والحياد ويشمل الحكومة بأسرها. وعندما يفعل، ربما يكون الأمر الأكثر ترجيحاً هو أن يتجاهل ترامب مستشاريه الأمنيين التقليديين الذين ما زالوا يدافعون عن التزامٍ عسكري أمريكي غير مشروط وأبدي في سوريا وأفغانستان.