الوعد المشؤوم
بقلم / د . أيمن الرقب*
منذ مائة عام قرر من لا يملك منح وطن الفلسطينيون لمن لا يستحق ، ليهود تجمعوا من كل أصقاع الأرض ليبنوا وطن لهم في اي مكان .
لقد رأت بريطانيا ان وجود هذا الكيان اليهودي الديني في قلب العالم العربي سيمنع اي فرصة لوحدة الجسد العربي وان وجود هذا الخنجر في هذه المنطقة سيلبي مصالح الدول الاستعمارية وسيكون وطن اليهود الجديد بمثابة وكيل لهذه الدول في المنطقة .. لقد استغلت قيادة الحركة الصهيونية الحرب العالمية الأولى بعد أن تأكدت من انتصار بريطانيا وحلفائها في هذه الحرب انتزعت هذا الوعد من وزير خارجية بريطانيا بلفور بقرار من حكومة المملكة البريطانية .
لقد خرجت بريطانيا منتصرة من الحرب لتؤسس لمرحلة تقاسم نفوذ في المنطقة بينها وبين حلفائها وكانت اتفاقية سايكس بيكو عام ١٩١٦ عنوان لهذا التقاسم ..
صحيح أن فلسطين وضعت بناء على اتفاق سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا وروسيا تحت سيطرة دولية الا ان وبعد ان وضعت الحرب أوزارها قررت عصبة الامم توزيع ممتلكات الدولة العثمانية فطالبت بريطانيا ان تكون فلسطين من نصيبها بما يسمى الانتداب لتكمل وعدها المشؤوم وتسهل لليهود الهجرة والاستيطان في فلسطين وللعلم قبل وعد بلفور لم يكن اليهود يمثلون أكثر من ٥ بالمائة من سكان فلسطين ومعظمهم كان مهاجرا حديثا لفلسطين وفي سنوات الانتداب البريطاني لفلسطين وصل العدد كانت نسبة اليهود لا تتجاوز ٩ بالمائة ليسهل الاستعمار البريطاني هجرة اليهود القادمون من كل العالم لتصل النسبة الى ما يقارب ٣٠ بالمائة من اجمالي السكان في فلسطين عشية الاعلان عن قيام دولة الكيان الصهيوني بعد الحصول على قرار تقسيم فلسطين في السابع والعشرون من نوفمبر عام ١٩٤٧ وانتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين بعد ان حقق للحركة الصهيونية ما تريد ..
ومنذ ذلك التاريخ ونتيجة هذه الممارسات البريطانية ووعدها المشؤوم في الثاني من نوفمبر عام ١٩١٧ لا وال شعبنا الفلسطيني يعاني من هذه الجريمة التي ارتكبتها الحكومة البريطانية بحقه .
ورغم كل ذلك تستعد بريطانيا والكيان الصهيوني للاحتفال بذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور .. ومائة عام على العذاب الفلسطيني .. تستعد بريطانيا التي تتغنى بالديموقراطية للاحتفال بسلبها للحق الفلسطيني و تتفتخر رئيسة وزراء بريطانية تيريزا ماي بوعد بلفور المشؤوم ومصممة على الاحتفال به في لندن في مطلع تشرين الثاني القادم ودعوة رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو للمشاركة في هذا الاحتفال.
لقد طالبت السلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية الحكومة البريطانية لإلغاء هذه الاحتفالات المخزية والاعتذار للشعب الفلسطيني عن جريمة وعد بلفور التي ارتكبتها بريطانيا بحقه، وتعويض شعبنا على ما حل به من نكبة عام 1948 وما زال يعانيه بما في ذلك من احتلال إسرائيل للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة في عدوان 1967.
إلا أن الرد السلبي جاء على لسان رئيسة الحكومة البريطانية تريزا ماي والتي تنطلق من معتقداتها الدينية حيث انها تنتمي للمسيحية الصهيونية والتي تعتقد ان قيام دولة لليهود سيعجل بنزول الرسول عيسى المسيح ..
وبدلا من الإعتذار أصرت على ـن تفتخر بوهم اسلافها جريمتهم بحق شعبنا الفلسطيني .
كان الأجدر للحكومة البريطانية إلغاء احتفالاتها بوعد بلفور والاعتذار للشعب الفلسطيني عن هذه الجريمة و الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.
إن استمرار الوقاحة البريطانية يجب ان يقابلها موقف عربي وفلسطيني أكثر حزما ووضوحا من خلال تشكيل طواقم قانونية على اعلى مستوى تعد لوائح اتهام ضد بريطانيا تقدم للمحاكم الدولية تطالب بها من بريطانيا تعويضات عن هذه الجريمة وتشريد الشعب الفلسطيني والا تمر احتفالاتها بكل سهولة .. الامر الآن بيد السلطة وجامعة الدول العربية التي تستطيع اسخدام نفوذها الدولي لارباك حكومة بريطانيا العنصرية .