الموت من الضحك مرض انتشر في غينيا بسبب أكل لحوم البشر
اضحك تضحك لك الدنيا.. قد ينطبق هذا المثل على الكثيرين حول العالم، لكنه لا ينطبق بحال من الأحوال على أبناء قبيلة فور الغينية الذين قتلهم الضحك حرفياً بعد أن أصيبوا بداء “كورو” أو داء “الضحك المميت”، والسبب: أكل لحوم البشر!
تعالوا نروِ لكم قصة هذه القبيلة الغريبة:
تقاليد قبيلة فور في أكل لحوم البشر
في بابوا غينيا التي تحتل الشطر الشرقي من جزيرة غينيا الجديدة، الواقعة في المحيط الهادي إلى الشمال من قارة أستراليا، ومع بدايات عام 1957 بدأ مرض شديد الغرابة في الانتشار، تحديداً بين أبناء قبيلة تدعى “فور”، إذ أصاب قرابة عشرين ألفاً من أبناء القبيلة دفعة واحدة، حتى أنه كاد يفنيها عن بكرة أبيها.
كيف انتشر هذا المرض؟ ولماذا اختار أبناء “فوري” ليكونوا ضحاياه دوناً عن غيرهم؟ نجد أجوبة عن هذه الأسئلة بتتبع التقاليد الغريبة التي اتبعها أبناء هذه القبيلة لسنوات طويلة.
كان لأبناء قبيلة فور طقوس معينة يمارسونها عند موت أحبابهم، لم يعتادوا البكاء والنواح فوق جثث موتاهم، كما لم يعتادوا إقامة مراسم دفن مهيبة لأقربائهم.. عوضاً عن ذلك كان أبناء القبيلة يطهون لحم الميت ثم يأكلونه، ظناً منهم أن روح الميت ستتحرر بهذه الطريقة.
عنصرية تجعل النساء أولى الضحايا
لا تتساوى النساء والرجال في قبيلة “فور” حتى عندما يتعلق الأمر بأكل لحوم الأموات.
فقد كان للرجال أفضلية بأكل لحم الميت، أما النساء فتترك لهن الأجزاء الرخوة من الجسد كالدماغ مثلاً، ولسوء حظهن فإن هذه الأدمغة تحوي ما يسمى بالـ”بريونات” التي أطلق عليها لاحقاً اسم “البريونات الفتاكة” وهي جزيئات بروتينية يسبب تناولها مرضاً معدياً يدعى “كورو” والذي يؤدي إلى الضحك حتى الموت.
مع ذلك لم يسلم رجال القبيلة كذلك مما بات يعرف بمرض “كورو”، إذ سرعان ما انتقلت العدوى إليهم كذلك، وبدأ “كورو” منذ ذلك الحين بحصاد الأرواح.
ما هو داء “كورو”؟
داء “كورو” أو داء “الضحك المميت” أو كما يسميه الأطباء “اعتلال الدّماغ الاسفنجي المتنقل”، بدأ في الانتشار في عام 1957 لكن لم يتم تشخيصه حتى عام 1976 على يد الطبيب الأمريكي كارلتون جايدوشك، والذي حاز على جائزة نوبل لاكتشافه هذا المرض.
وقد سمي بهذا الاسم نظراً للرعشة الشديدة التي تصيب المرضى بهذا الداء، إذ إن كلمة “كورو” تعني “الاهتزاز”.
ينتقل “كورو” عبر أكل لحوم البشر، تحديداً الأدمغة، وهو عبارة عن فيروس يصيب الجهاز العصبي المركزي، ويدخل المريض في نوبة مفاجئة من الضحك الهستيري، ويتطور إلى رعشة مستمرة في جسد المريض مع ألم في الرأس والعظام والمفاصل، وبمرور الوقت يصبح المريض عاجزاً عن الحركة حتى عند البلع والتنفس.
وسينتهي أمر المريض بالنهاية إلى الموت خلال سنة واحدة من ظهور الأعراض كأبعد تقدير.
نهايات المرض
بعد عامين من انتشار “كورو” أي في عام 1959 كانت أستراليا مسيطرة على بابوا غينيا آنذاك، فأصدرت قراراً صارماً بمنع أكل لحوم البشر بشكل نهائي، للحد من ظهور الأمراض.
لكن مع ذلك لم تسلم قبيلة “فور” من المرض نهائياً، إذ إن “كورو” مرض ذكي قد يتخفى مدة طويلة تتراوح بين عشر سنوات وخمسين سنة كي تظهر أعراضه ثانية، وقد توفي آخر شخص مصاب بمرض الكورو في تلك القبيلة عام 2009.