آراء

المهدي عامل رائد الفكر المناضل وشهيد الكلمة الحرة الملتزمة

حين نستذكر أمثال المفكر العالمي الدكتور الشهيد حسن حمدان المعروف نضاليا وفكريا باسم مهدي عامل ، فنحن لا نمارس نوعا من النوستالجية الرديئة او البكاء على اطلال فكر ماركسي ثوري يعتبره العديدون من هواة النهايات ، بانه فكر انتهى واصبح في انقاض العمارة الاشتراكية المتهدمة تدريجيا من زمن البريسترويكا وسقوط جدار برلين ووحدة الألمانيتين و سيطرة العولمة النيوليبرالية المتوحشة على مفاصل الاقتصاد و السياسة الدوليين الى الان ، لكن هدفنا من المقال هو اولا تعريف الجيل الجديد بمناضل ثوري استثنائي جمع بين الكلمة الملتزمة و الممارسة السياسية الهادفة و الملتصقة بهموم و امال الشعوب المضطهدة المقهورة ، اطلاع جيل الانترنيت وثورة وسائط التواصل الاجتماعي على مناضل ثوري ضحى بحياته من اجل مجتمع لبناني بدون طوائف او بالاحرى بدون استغلال للطائفية المقيتة التي باتت تنهك المجتمع اللبناني و تعرقل طموحاته نحو الديموقراطية ودولة الحق والقانون ، ثم ثانيا البحث في راهنية فكر ثوري احتفظ ببريقه و قوة عدته المفاهيمية رغم مرور مياه كثيرة تحت الجسور ورغم انتشار غلاة الحداثة وما بعد الحداثة الذين اسرعوا في تشييع ودفن فكر جعل منتهى اهدافه خدمة قضايا التحرر الوطني و الانعتاق من اسر الايديولوجيات والانظمة المسيطرة. المطلع على فكر مهدي عامل لن يبذل جهدا كبيرا في اكتشاف قضايا نظرية وسياسية تطرق لها الدكتور مهدي عامل باستخدام عدة مفاهيمية نظرية رصينة ، فالدكتور مهدي عامل استطاع ان يعرب فكر التوسير ويستثمره في اجتراح امراض الدولة المتوارثة عن الاستعمار ، وابدع مفهوما ثوريا في الادبيات النظرية للاستدلال على الفرق الكبير بين البنية في النظام الاستعماري الامبريالي وبين البنية الاجتماعية والسياسية في النظام الراسمالي التبعي الذي اسماه المهدي عامل بنمط الانتاج الكولونيالي .

ويسعى مقالي هذا الى تبيان بعض افكار الراحل الثوري مهدي عامل انطلاقا من كتابات مجايليه من المفكرين والمثقفين الكبار ، الذين اعطوا شهادات صادقة وعميقة عن الشهيد مهدي عامل وكانت كتاباتهم بحق تعميقا ونقدا بناءا لفكر نقدي كان هو المعشوق الابدي للشهيد المهدي عامل . واملي كبيرا ان اكون وفقت في اضاءة ركن بسيط من حياة وفكر مثقف وسياسي استثنائي اغتالته ايادي الاجرام باكرا كما قالت الدكتورة فهمية شرف الدين في مقال نوعي نشرته في مجلة الاداب البيروتية سنة 1988 : ” باكرا رحل ، وتوقفت عند نقطة معينة ، افكار كانت بحق اسهاما كبيرا في تجديد زاوية الرؤية داخل مسار الفكر الاشتراكي العربي ” ، كما اجدني متفقا تمام الاتفاق مع الدكتور خضر زكرياء في- نفس المجلة ونفس العدد- الذي قال في حق مهدي عامل ما يلي :
” ان يتحدث المرء عن الاطروحات النظرية لمهدي عامل في دقائق او ساعات امر مستحيل ، او هو على الاقل امر فيه استسهال وتعسف كبيرين .فما تركه لنا الباحث المفكر الكبير من تراث فكري هو على مستوى من الاصالة والعمق والاتساع والتجريد النظري بحيث يتطلب عرضه وتحليله ومناقشته جهود فريق عمل متخصص لاشهر وربما لسنوات.””
 من يكون المهدي عامل؟ :
سنحاول التذكير بنبذة من حياته وسنستعين بما كتبه الدكتور الاردني الراحل شاكر النابلسي في عمله المتميز من ثلاث اجزاء -الفكر العربي في القرن العشرين- حيث قدم المهدي عامل في دليل الاعلام الجزء الثالث ص377 بما يلي :
(حسن حمدان 1936-1987) مفكر وشاعر وناشط سياسي واكاديمي ماركسي لبناني معاصر.مات مقتولا على ايدي الجماعات الاسلامية .له عدة ابحاث في الفلسفة والفكر السياسي منها : نقد الفكر اليومي ، مقدمات نظرية لدراسة اثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني ،ازمة الحضارة العربية ام ازمة البورجوازيات العربية؟ ، النظرية في الممارسة السياسية –بحث في اسباب الحرب الاهلية اللبنانية ،مدخل الى نقض الفكر الطائفي ، هل القلب للشرق والعقل للغرب ؟،في علمية الفكر الخلدوني ،في الدولة الطائفية وغيرها.ومن شعره ديوان :تقاسيم على الزمان ، وفضاء النون.)) ، اما موسوعة ويكيبديا فتعرف مهدي عامل بما يلي :
الدكتور حسن عبد الله حمدان المعروف باسم مهدي عامل (ولد في بيروت عام 1936) ابن بلدة حاروف الجنوبية قضاء النبطية. متزوج من إيفلين بران، وله ثلاثة أولاد: كريم وياسمين ورضا.
تلقى علومه في مدرسة المقاصد في بيروت وأنهى فيها المرحلة الثانوية.
نال شهادة الليسانس والدكتوراه في الفلسفة من جامعة ليون، فرنسا. درّس مادة الفلسفة بدار المعلمين بقسنطينة (الجزائر)، ثم في ثانوية صيدا الرسمية للبنات (لبنان). انتقل بعدها إلى الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية كأستاذ متفرغ في مواد الفلسفة والسياسة والمنهجيات.
كان عضوا “بارزا” في اتحاد الكتّاب اللبنانيين والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي، ورابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية. انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1960، وانتخب عضوا في اللجنة المركزية للحزب في المؤتمر الخامس عام 1987.
في الثامن عشر من أيار عام 1987 اغتيل في أحد شوارع بيروت، وهو في طريقه إلى جامعته الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية الفرع الأول، حيث كان يدرس فيها مواد الفلسفة والسياسة والمنهجيات. من أقواله “لست مهزوما ما دمت تقاوم”. وعلى إثر اغتيال مهدي عامل أعلن يوم التاسع عشر من أيار من كل عام “يوم الانتصار لحرية الكلمة والبحث العلمي”
 ماذا يقول بعض المفكرين عن فكره و شخصه ؟ :
• غسان الرفاعي (مجلة الطريق السنة62 مارس ابريل 2003 ص27)
“منذ زمن بعيد لم اجرؤ على مثل هذه المغامرة ،(مغامرة الحديث عن اعمال وفكر مهدي في محاضرة في بروكسيل من تنظيم المركز الثقافي العربي حول اعمال وفكر المهدي) كنا صديقين..عملنا معا لسنوات في مجلة الطريق ..نتحاور يوميا ،نناقش كل شئ .مهدي شلال لا ينقطع في طرح الاشكالات..في اثارة الاحتمالات..دائم القلق امام التساؤلات..كنا نختلف كل يوم في حواراتنا .مع ذلك كانت صداقتنا تتعمق .خسرنا باستشهاده ثروة فكر،منهجية جدال ليس من السهل تعويضها….لاشك ان الهم والهاجس الاساسي في ابحاث مهدي كلها كان فتح افق نظري لخلاص بلداننا وانقاذها من حال التخلف والبعية. فكانت نظريته عن نمط الانتاج الكولونيالي …يقول مهدي : اذا اردنا ان نحررفكرنا نجعله خلاقا، اي قادر على ان ينتج معرفة علمية ، وجب علينا القيام بما يمكن تسميته ثورة منهجية .لقد اعتدنا ان ننظر الى الواقع ، واقعنا ، من خلال فكر متكون ….لكن علينا ان ناخذ بعين الاعتبار بان ابحاث مهدي جرت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي .ومنذ ذاك الحين وقعت احداث كبرى ذات تاثير عميق على مجرى التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي على الصعيد العالمي .ومن الطبيعي ان يكون لهذه التطورات وانعكاساتها على بلداننا أثرها المباشر على استنتاجات مهدي نفسها ، بما فيها تلك الاستنتاجات التي كانت منسجمة ومتوافقة مع طبيعة الظاهرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية انذاك وتعبر عنها بصورة علمية.”
• كميل داغر (مجلة الطريق السنة62 مارس ابريل 2003 ص27)
“لقد كان هما دائما لدى الرجل ، على امتداد حياته السياسية، ان يرى الطبقة العاملة وخطها البروليتاري الثوري في موقع القيادة لتحالف واسع من المنتجين والمهمشين والمحرومين ،كل معذبي الارض هؤلاء الذين تحدث عنهم فرانز فانون ، وقد دفع مهدي ثمنا غاليا جدا لهذا الهم، هو استشهاده ، الذي كان بالتأكيد لحظة ماساوية ، حزينة ومفجعة ، من الصراع الدموي الذي شهده لبنان ، على امتداد الحرب الاهلية الاخيرة .ونكون نكرم ذكرى الرجل حقا ، بقدر ما ندخل في حوار معمق وهادف ، حول وسائل الخروج من ازمة ، هي الان في مستوى متقدم جدا من حراجتها.”
• جورج قرم (مجلة الطريق العدد الرابع السنة 62 يوليوز-غشت 2003 ص 5-6)
“فكر مهدي عامل، رغم القوالب الماركسية التي تصوغه ، والتي سأضع بعض التساؤلات حولها ، ليس بالفكر الجامد ، بل هو يعبر عن جوهر ممارسة الفكر النقدي ….. اعتقد ان كتاب مهدي عامل (ازمة الحضارة العربية ام ازمة البورجوازيات العربية ؟–صدر سنة 1974 )هو قدوة ، وهو نموذج جذري رائع في ممارسة الفكر النقدي ، رغم ان القالب الشكلي الذي يستعمله له صفة جامدة ، مستوحاة من الماركسية في مرحلة تاريخية معينة .ولا شك لدي ان مهدي عامل لو كان لايزال حيا لعمل نقدا لنفسه وللمرحلة التي كان يكتب فيها بلغة معينة ….ان نقده لاشكالية التخلف العربي هو نقد جذري، يمكن تطبيقه في شكل علم على ما نحن فيه اليوم وعلى استحالة تحديد ماهية تخلفنا وفهمها.نحن مازلنا في الوضع نفسه ، ولم يتغير شئ ….انا اعجبت فعلا بالاسلوب اللاذع لمهدي عامل .فهو لم يترك موقفا لكل اعلام النهضة العربية دون التعرض له، واعاد النظر في مناهج تفكيرهم واشكالياتهم بمن فيهم ادونيس و قسطنطين زريق و انور عبد الملك و فؤاد زكريا و صادق العظم.”
• هشام غصيب (مجلة الطريق العدد الرابع السنة 61 يوليوز غشت 2002 ص 43)
“من الصعب ان نجد في الفكر العربي الحديث مفكرا تنطبق عليه لفظة”فيلسوف” او “منظر” كما تنطبق على الشهيد مهدي عامل ، فدرجة الاحكام والتماسك التي نجدها في كتابات مهدي عامل لا نجد لها مثيلا في الفكر العربي الحديث برمته.بل ان البناء النظري المحكم الذي نجده في كتابات مهدي ، وبخاصة في كتابه “مقدمات نظرية” ليذكرنا بما نجده في اعمال عمالقة الرياضيات والفيزياء ، امثال اقليدس ونيوتن واينشتاين . فهو سخر جملة من المفهومات المبتكرة ، مثل : علاقة التحديد ، علاقة السيطرة ، حول الصراع الطبقي ، الحركة الانتباذية ، الحركة الانجذابية ، الترابط التراكبي والترابط الانصهاري ، الممارسات الاقتصادية والايديولوجية والنظرية و السياسية للصراع الطبقي ، الزمن التكويني والزمن البنيوي وزمن القطع ، اجهزة الدولة الايدولوجية….انه ينطلق من ارقى ما توصل اليه العقل النظري الماركسي في عصره ، اعني انطولوجيا التوسير ، لا من اجل تأكيده او اعادة انتاجه ، انما من اجل نقده وتمييزه وتطويعه .”
• عبد الاله بلقزيز (مجلة الطريق العدد الخامس السنة 57 شتنبر –اكتوبر 1998 ص58)
“لا نعثر في مدونة الماركسيين العرب سوى على ثلاثة اسماء :الياس مرقص ومهدي عامل وسمير امين ،يمكن احتسابهم –ثلاثتهم- في عداد ابرز مفكري القرن العشريين الماركسيين عالميا من حيث القيمة النظرية لانتاجاتهم ومن حيث حرصهم على بناء انساق نظرية”
• ماهر الشريف (مجلة الطريق العدد الخامس السنة 57 شتنبر –اكتوبر 1998 ص58)
“وفي الواقع ، فقد كان مهدي عامل من اوائل الماركسيين العرب الذين تنبهوا ونظروا لضرورة البحث عن التمايز في اطار الفكر الماركسي ، معتبرا انه بحكم التفاوت في مستوى التطور التاريخي ، كما يقول مهدي عامل في كتابه ( احاديث ومناقشات ص 239):تطرح علينا في مجتمعاتنا مشكلات محددة تختلف عن تلك المطروحة في مجتمعات اخرى ، وبالتالي على الفكر الماركسي ان يجابه طبيعة الاختلاف في هذه المشكلات ، ان يقبض عليها كي يوضح للممارسة الثورية ، وفي الممارسة الثورية ، الطريق الفعلي لمعالجة هذه المشكلات .”
• جورج لابيكا :(مجلة الطريق العدد الرالبع السنة 56 يوليوز غشت 1997 ص112 ):
“لقد اغتيل مهدي عامل في احد شوارع بيروت في 18 مايو 1987 على يد اصوليين شيعة ينتمون الى طائفته الاصلية ، وكان قد تجاوز بالكاد الخمسين من العمر ، وهذا يعني انه كان امامه متسع للكلام والكتابة والعمل .وكان شيوعيا، واصعب ما كان يواجهه ، في بلده هو هذا الكم من التعصب الديني ،الذي قام بنقده بوضوح ودفع حياته ثمنا لذلك .نقرأ على ضريحه هذا النقش البسيط ‘ شهيد الفكر والحرية”.مختصرا المصير الذي اختاره بملء ارادته.كان قد تابع دراسته في جامعة ليون حيث حصل على دكتوراة في الفلسفة عام 1965 وبعد ان درس في الجزائر في مدينة قسطنطينة في السنوات الاولى للاستقلال ، عاد الى لبنان عام 1967 وعمل بادئ الامر مدرسا في صيدا ، ثم استاذا محاضرا عام 1976 في معهد العلوم الاجتماعية في بيروت …جرى الاعتراف باكرا جدا بمهدي عامل في العالم العربي ، كمفكر يتمتع بقوة استثنائية، الوحيد الذي حاول توسيع نظرية علمية شاملة للثورة العربية وحتى للثورة في البلدان المتخلفة عموما.”
• جاك كولان (مجلة الطريق العدد الرالبع السنة 56 يوليوز غشت 1997 ص117 ):
“كفيلسوف ومناضل لم يفصل ابدا بين فكره النظري والتاريخ ، ليس بمعنى انه يتوق ليصبح مؤرخا وانما بمعنى انه كان في صلب التاريخ .وتجلى هذا الهم منذ الخلاصات التي توصل اليها في اطروحته والتي اسست لاحقا لمشروع المقدمات : القيام “بثورة منهجية”داخل “الماركسية القائمة” عن طريق تطوير الادوات المعرفية الخاصة التي تتيح “تحليل اشكال محددة تتميز في حركة القوانين التاريخية الكونية في الحركة التاريخية للمجتمعات العربية المعاصرة.”
• الطيب التيزيني(مجلة الطريق العدد الرابع السنة 56 يوليوز غشت 1997 ص121 ):
“لقد انقضت عشرة اعوام (كتب الدكتور الطيب تيزيني هذا الموضوع سنة1997) على رحيل المهدي عامل ، مقدما في ذلك امثولة دامية على انه كان المفكر مناضلا والمناضل مفكرا،او العارف عاملا والعامل عارفا، بتعبير تقريبي قدمه الزمخشري .والحق،ان هناك ما يدعو الى ان نرى في مهدي ليس تجسيدا لهذه الجدلية فحسب انما كذلك باحثا فيها من طراز مرموق .ولعله من الأهمية والضرورة بمكان ان يشار الى ان مهدي كان المفكر مناضلا والمناضل مفكرا في سياق التقدم التاريخي ،تقدم شعبه وامته في شعاب الحرية والديموقراطية والوحدة. وبهذا، نكون قد ميزنا بين نمطين من المثقف والمفكر،واحد يجسد المقولة المذكورة على نحو ما فعل مهدي ،واخر يجسدها من موقع السبحة ضد التيار التاريخي التقدمي وفي ضوء مبادئ من نوع الاستبداد والهيمنة النخبوية او الطبقية واللامساواة بين الرجال والرجال والرجال والنساء في الحقوق المجتمعية المختلفة.”
• الدكتور مسعود ظاهر :(مجلة الاداب عدد 1و2 يناير فبراير 1988 ص 94)
“وانا بصدد ابراز الجديد المفهومي والمنهجي لدى مهدي عامل في مجال الطائفية والدولة الطائفية في لبنان .اعترف انه قبل هذا الباحث المجدد لم تكن لدى الماركسيين اللبنانيين القدرة على انتاج ثقافة نظرية معمقة حول البنية الطائفية، والهيمنة الطائفية ، والدولة الطائفية وغيرها…لذلك استحق هذا المفكر الشهيد موقع الريادة في التنظير المعمق لانتاج الجديد المفهومي في هذا المجال….فلم يتورع مفكرنا الشهيد وبجراة الثوري الاصيل ، عن نقد رفاق له ، ومن موقع الخندق النضالي الواحد ، بالانزلاق عن وعي او بدون وعي الى مواقع الفكر البرجوازي بالذات .فساهم بذلك في تصليب فكرهم المادي وفي تقويم ما اعوج منه…لكن القوى الظلامية كانت له بالمرصاد فاغتالته في اوج عطائه النظري ونقده البناء الذي طال عددا كبيرا من المثقفين ، تناولوا المسالة الطائفية والدولة الطائفية.”
في سبيل الختم :
خلال المسيرة النضالية الخصبة لمهدي عامل والتي شهد عليها وعاصرها ثلة من المفكرين الكبار من مختلف الجنسيات والبلدان ولكن يجمعهم حب الكلمة الصادقة و النضال من اجل مجتمع انساني متحرر، اصدر حسن حمدان كتب ودوواين وابحاث مختلفة يجمعها هاجس الفعل النضالي التنويري الذي يسكن المفكر العضوي بلغة غرامشي في تناغم مثالي بين الممارسة الفعلية الرصينة و النظرية التي يؤمن بها ، لم يكن مناضل صالونات و محاضرات فقط بل كان مناضلا ميدانيا ومفكرا في آن ، بالفعل كان المهدي عامل نبراس ينير طريق المقهورين والمنبوذين والمستضعفين ، بمنهجيته الثورية و افكاره النقدية الحاسمة التي ترفض التضليل والخلط بين وعي ثوري تحرري ووعي زائف بلغة امين العالم ولكن لقوى الظلام و الرجعية راي اخر ، هو راي اسكات الاصوات النيرة في مختلف الازمنة والامكنة، وراي راغب في تأبيد وعي خرافي و استيلاب فكري يسمح بادامة السيطرة الفكرية والسياسية والاقتصادية لطبقات مهيمنة مسيطرة على مقدرات الشعوب المقهورة ، فقد اغتالت القوى النطوصية الرجعية عدد من المفكرين المتنورين كحسين مروة الشيخ اللبناني الجليل الذي ولد شيخا ومات طفلا كما قال ذات يوم ، واغتالت سهيل طويلة وخليل نعوس وجورج حاوي وسمير قصير وجبران التويني وكلهم من لبنان واغتالت الايادي الاثمة في كل مكان في العالم المفكرين المتنورين الذين سعوا جاهدين من اجل انتشال اوطانهم من الرجعية والظلامية والنكوصية ، فتحية اجلال لروح كل شهداء الكلمة والحرية في كل اصقاع العالم وكان من الممكن ان اسرد شهادات عدد كبير من المفكرين الذين تناولوا فكر مهدي عامل بالدراسة والتحليل والنقد كالكاتب والروائي المرموق فيصل دراج الذي اعدد دراسات قيمة عن المهدي عامل او اتطرق لدراسات وشهادات كريم مروة ونزار مروة و محمد كروب واخرون كثر ولكن حيز المقال والمقام لا يسمح بذكر الجميع رغم اهمية مساهمتهم النظرية في نقد و تطوير اطروحات الشهيد مهدي عامل .واختم بقولة للدكتورة يمنى العيد عن الشهيد مهدي عامل( مجلة الاداب البيروتية عدد مزدوج فبراير 1988) :” كان مبدعا ، واسع الثقافة هو مهدي عامل ، ودفاعا عن الفكر المبدع ، عن حرية التعبير ، عن ثقافة ثورية كانت شهادته ، لكن ، يبقى الخيط يضئ عتمة الواقع ، وسيبقى النور يجلو صدأ الفكر “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى