المخابرات التركية متورطة مع الجماعات المتطرفة في تهريب المخدرات والسلاح في سوريا
كشف تحقيق استقصائي عن فضيحة من العيار الثقيل، إذ ثبت بالوثائق تورط ضباط في جهاز المخابرات التركية،في تهريب المخدرات والسلاح للجماعات المتطرفة في سوريا.
ونشر التحقيق الاستقصائي، موقع ” turkishminute “، وأعده الصحفي التركي، عبدالله بوزكورت، الذي نشر وثائق قضائية وأخرى حكومية تظهر تورط ضباط بجاز الاستخبارات.
وبدأ الأمر في مطلع عام 2014، عندما قاد تحقيق سريّ أجرته المخابرات العسكرية بشان أنشطة مهربي المخدرات وعصابة سرقة السيارات في أنقرة، إلى كشف عن تورط 7 من عملاء جهاز المخابرات الوطنية.
سرقة وتهريب
وخلص التحقيق إلى أن العناصر الاستخبارية كانوا ينقلون بطريقة غير مشروعة المخدرات والمركبات المسروقة للجماعات المتطرفة، في انتهاك للقوانين التركية الجنائية والتزامات الحكومة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
ولاحظت هذه أجهزة الاستخبارات أن هناك عصابة تسرق المركبات في العاصمة أنقرة، وتحديدا الشاحنات المتوسطة، التي يمكن تركيب أسلحة رشاشة عليها، وكان تحظى بطلب كبير بين الجماعات المسلحة في سوريا.
وأظهرت المعلومات أن العصابة متورطة أيضا في تهريب المخدرات، والأبرز من ذلك أمنيا، هو أن أعضاءها كانوا يساعدون المقاتلين الأجانب في الوصول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المتطرفة بسوريا.
وهذه المعطيات كانت كافية لتوسيع نطاق التحقيق، إذ انضمت إليه وحدات أخرى في قوات الدرك “الجندرما” التي تعمل في المناطق الريفية.
ملاحقة وتنصت
وفي إطار التحقيق، سمحت المحاكم التركية بالتنصت على 42 هاتفا تعود إلى 29 شخصا أدرجوا على قائمة المشتبهين، كما صدرت أوامر تجيز المراقبة.
ولم يكن يعلم المحققون أو الجهاز القضائي أن الأشخاص الخاضعين للمراقبة يعملون في المخابرات أو مرتبطين بها، وحصلوا على الأسماء من خلال مخبرين ميدانيين، وكجزء من متابعة التحقيق في عام 2013 الذي أسفر عن حملة إتجار بالمركبات المسروقة في إسطنبول، وكان يجري نقلها إلى سوريا.
واكتشف المحققون هوية عملاء المخابرات، عندما رصدوا مكالمة هاتفية تحدث المشاركون فيها عن تهريب شحنة كبيرة من الشاحنات، واستطاعوا فك الشيفرة المستخدمة فيها.
وتوصلوا إلى معلومات بشان موعد تهريب الشاحنات ووجهتها، وبالفعل جرى القبض على المهربين في مقاطعة هاتاي الحدودية في 19 يناير 2014.
أبواب جهنم
ووفق التحقيق: “بعد ذلك فتحت أبواب جهنم، إذ كانت المفاجأة أن الشاحنات مكدسة بالأسلحة الثقيلة بمها قذائف الهاون والذخيرة وذخيرة مضادة للطائرات وغيرها من العتاد العسكري، بالإضافة إلى المخدرات، وجرى إلقاء القبض على 4 ضابط من المخابرات الوطنية خلال هذه العملية”.
وجاء هنا دور الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي تدخل شخصيا من أجل تخليص الشحنة، التي جرى اعتراضها، وعمل لاحقا على إقالة المحققين الرئيسيين في القضية.
وأثارت عدة تحقيقات قبل أن يتمكن أردوغان من احتواء تداعياتها ويخفي تفاصيلها لبعض الوقت، وفق الصحفي التركي، عبدالله بوزكورت، الذي أشار إلى أن حكومة أنقرة حصلت على قرار يحظر النشر في هذه القضية ومنع تسريب أي وثائق بشأنها.
تفاصيل الوثائق
وأضاف الصحفي بوزكورت أن القضية تركت كما ضخما من الوثائق، التي تدعم اتهامات لحكومة أردوغان بالتعاون مع المتطرفين لسنوات، مؤكدا أنه حصل على بعض من هذه الوثائق، وواحدة منها موقعة باسم الضابط الكبير في المخابرات الوطنية، إسماعيل حقي موسى، الذي أصبح لاحقا سفير أنقرة لدى فرنسا.
ويعترف، الجهاز الاستخباري، بحسب الوثيقة، بأن أكثر من نصف المشتبهين في القضية الخاضعين للمراقبة كانوا بالفعل ضباطا في الجهاز.
وقال إن الوثيقة تحمل رقم 2014/178-55643277، وتاريخ 27 مايو 2014، أقر موسى بأن 7 أشخاص أمر القضاء بالتنصت عليهم كانوا عملاءً للمخابرات الوطنية.
وفي وثيقة أخرى تحمل تاريخ 14 يناير 2014، حددت المخابرات العسكرية 4 متهمين في قضايا تهريب المخدرات وتجارة غير مشروعة للسجائر وغير الأموال، كما أشارت إلى أنه كانوا يقدمون مساعدات لمواطنين أجانب أثناء عبروهم تركيا، ما يظهر أنهم متورطون في تزويد الجماعات المتطرفة بالمقاتلين.
وقال موسى إن اثنين منهما كانوا ضابطا في المخابرات الوطنية، الأمر الذي، وفق التحقيق، أسئلة بشأن دور المخابرات التي ترتبط بمهربي مخدرات.
وأظهرت وثيقة أخرى أرسلتها المخابرات الحربية إلى القضاء، بتاريخ 7 يناير بشأن 10 مشتبهين، لتبين أن واحدا منهم على الأقل، يعمل لدى المخابرات الوطنية، وبعد أيام طلبت هذه المخابرات طلبا للتنصت على 8 آخرين، وعلى الرغم من المذكرة الخاصة بهؤلاء “فقدت”، إلا أن الصحفي بوزكورت أكد أنه على يقين أن 3 من هؤلاء عملاء للمخابرات.