المخابرات التركية توسع نشاطها في سوريا: ضربة في عفرين بعد عمليّة خاطفة في عقر دار الأسد
في تجسيد عملي لتوسيع عمليات أنقرة الاستخباراتية في الأراضي السورية وبعد أيام قليلة من تمكن المخابرات التركية من جلب مخطط تفجيرات «ريحانلي» وجلبه من معقل النظام السوري في مدينة اللاذقية إلى تركيا، تمكن الجهاز من جلب 9 عناصر من الوحدات الكردية متهمين بقتل جنود اتراك. ويسلط الموضوع تركيز الجهاز الذي يقوده هاكان فيدان، المعروف بقربه وولائه للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عملياته في الآونة الأخيرة في سوريا الأمر الذي جاء عقب نجاحه في الحرب على قيادات تنظيم فتح الله غولن حول العالم وجلب العشرات منهم إلى تركيا.
وتطور أداء جهاز المخابرات التركية عقب محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في الخامس عشر من يوليو عام 2016 وإعادة هيكلته بقرار من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر فصله إلى شقين أحدهما متعلق بالعمليات الخارجية، قبل أن يتم تحويله إلى «رئاسة الاستخبارات التركية» مع بدء تطبيق النظام الرئاسي الجديد في البلاد. فالتواجد العسكري المباشر للجيش التركي في مناطق مختلفة من شمالي سوريا والتواصل المباشر بين الجهات الأمنية التركية وفصائل من المعارضة الموالية لأنقرة في سوريا مكّنا عناصر المخابرات التركية من التحرك بأريحية كبيرة في مناطق شمالي سوريا، وتعزيز عملياتهم هناك.
وأعلنت أنقرة الجمعة تمكن المخابرات من توقيف 9 مسلحين من الوحدات الكردية في منطقة عفرين شمالي سوريا، وجلبهم إلى الأراضي التركية، حيث بدأت إجراءات محاكمتهم بتهم تتعلق بـ«الانتماء لمنظمة إرهابية» والمشاركة في هجوم أدى إلى مقتل جنديين تركيين وخطف جثة أحدهما خلال عملية «غصن الزيتون» التي نفذها الجيش التركي في عفرين بداية العام الجاري.
وقبل ذلك بيومين فقط، أعلن الجهاز تمكنه من جلب يوسف نازيك، المتهم بتخطيط تفجير قضاء «ريحانلي» بولاية «هطاي» جنوبي البلاد، الذي راح ضحيته 53 شخصا عام 2013، إلى الأراضي التركية، وذلك في عملية خاصة بمدينة اللاذقية السورية قال الجهاز إنها تمت «من دون الحصول على أي دعم لوجستي أو معلوماتي من أي جهاز استخبارات أجنبي».
وحسب المخابرات التي قالت إنها جلبته من اللاذقية «بطرق آمنة» فإن نازيك اعترف بتخطيطه لهجوم ريحانلي بناء على تعليمات من المخابرات السورية حيث قام بعمليات استطلاع وتحديد أماكن تنفيذ التفجيرات وإدخال المتفجرات من سوريا إلى تركيا وتأمين وتفخيخ السيارات التي استخدمت في الهجوم.
ولاحقاً، قالت الوكالة التركية الرسمية إن نازيك قدم «اعترافات ثمينة» حول تنظيمي «ب ي د» و«بي كا كا» في سوريا وعلاقاتهما بالنظام السوري وعلاقة الأخير بهجوم ريحانلي، إلى جانب كشف وتثبيت عملاء للنظام السوري في تركيا ومتهمين آخرين شاركوا في الهجوم. وزير العدل التركي عبد الحميد غل الذي وصف عملية جلب نازيك بـ«الناجحة»، اعتبر أنها «أظهرت متابعة دولتنا لجميع المجرمين من مختلف المنظمات الإرهابية وتقديمهم للقضاء المستقل لينالوا في نهاية المطاف جزائهم العادل».
وخلال الأشهر الماضية، وسّع جهاز الاستخبارات التركية عملياته ضد عناصر تنظيم غولن في مناطق مختلفة خارج البلاد، وتمكن من جلب عشرات من عناصر وقيادات التنظيم من العديد من الدول الآسيوية والإفريقية، فيما يتوعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل دائم بجلب جميع عناصر التنظيم من كافة أنحاء العالم. وإلى جانب الحرب الواسعة التي خاضها أردوغان ضد أتباع التنظيم داخل البلاد، جرى تنفيذ سلسلة عمليات أمنية في العديد من الدول حول العالم أسفرت عن جلب ما لا يقل عن 80 متهماً بينهم قيادات بارزة في التنظيم من حوالي 20 دولة.
وفي آخر العمليات، تمكنت الاستخبارات التركية من جلب قياديين من تنظيم غولن من أوكرانيا وأذربيجان وثلاثة مسؤولين في التنظيم من دول الغابون، بعد أن اعتقلت وجلبت 6 من عناصر وقيادات التنظيم من كوسوفو، في عملية كبيرة أدت إلى ارتدادات أكبر داخل الدولة التي اتهم رئيسها جهات أمنية بالتعاون بشكل غير قانوني مع الاستخبارات التركية من دون العودة للجهات الرسمية، على الرغم من أن العملية جرت بشكل مشترك بين وزارة الداخلية الكوسوفية وجهاز الاستخبارات التركي.
وسبق ذلك أيضاً الكشف عن عملية سرية تمكنت خلالها الاستخبارات التركية من اعتقال أحد كبار قادة وممولي جماعة غولن ونقله من السودان إلى العاصمة التركية أنقرة، حيث أدت العملية إلى اعتقال «ممدوح تيشكماز» الذي يعتبر من أبرز رجال الأعمال المنتمين لجماعة غولن ويقيم في السودان عقب هروبه من تركيا عام 2016. وسبق ذلك عمليات أمنية أخرى في السعودية وأندونيسيا وماليزنيا وباكستان وجورجيا.
تكثيف هذه العمليات، جاء عقب الكشف عن تشكيل خاص جديد داخل الاستخبارات التركية مهمته ملاحقة وجلب قادة «تنظيم غولن» في خارج تركيا، وذلك بعد أشهر طويلة من مساعي محاصرة نفوذ التنظيم من خلال الطرق الدبلوماسية وضغط أردوغان على عشرات الدول من أجل إغلاق مدارس وشركات غولن على أراضيها.