المجتمع العربي في إسرائيل ناضج أكثر للشراكة من المجتمع اليهودي
جميع الأحزاب المسيطرة في أوساط الجمهور العربي تريد المشاركة في اللعبة السياسية وزيادة تمثيلها في الكنيست. في كل استطلاع أجري في العقود الأخيرة كانت هناك أغلبية تؤيد الاندماج. توجه الأسرلة في روتين الحياة يتعزز في أوساط العرب، وتتبلور لديهم طبقة وسطى مثقفة.
ولكن بدلا من تعزز منحى المشاركة في الانتخابات، فإن مهمة إقناع الجمهور العربي بالمشاركة في اللعبة الديمقراطية أصبحت أكثر صعوبة من حملة انتخابية إلى أخرى. الشباب يتزايد اليأس والاحتقار وعدم الاهتمام في أوساط، نتيجة عملية فشل النظام السياسي في إيجاد حلول لها ودفع الجمهور العربي إلى هامش الخطاب العام.
من الأسهل اتهام الأحزاب العربية بالفشل. هذه الأحزاب ارتكبت تقريباً كل الأخطاء الممكنة في تعاملها مع جمهورها. ولكن الادعاء بأنها مثلت المصالح السياسية الفلسطينية وليس المسائل الداخلية للجمهور العربي، هو ادعاء مدحوض وكاذب.
هذه الأحزاب في مقاييس أساسية فشلت: لم تتسام عن المصالح الحزبية الداخلية الضيقة، التي أدت إلى صراعات قوى عديمة الجدوى وزادت الشعور بالإحباط. إضافة إلى ذلك، لم تبلور استراتيجية واضحة من أجل دمج الشباب في الخطاب السياسي لخلق جيل مكمل ومشارك.
مع ذلك، يجب أن نذكر بأن الأحزاب العربية ما زالت أحزاباً هامشية، ودرجة تأثيرها على الخطاب وعلى القرارات الاستراتيجية معدومة. هي تتنافس مع حملة نزع الشرعية من جانب المؤسسة والقائمين على رأسها، الذي يسري في المجتمع الإسرائيلي وفي الساحة السياسية والإعلامية وفي طبقات مختلفة من المجتمع العربي. هذه العملية مدعومة بسياسة إقصاء وتشريع وتتضمن خطاباً عنصرياً يزيد إقصاء العرب ويثبت مرة أخرى بأنه لا توجد نية حقيقية لدى المؤسسة في أن ترى في العرب شركاء.
رغم مرور 70 سنة على التعامل المميز، فإن المواطنين العرب لا يغلقون الباب أمام مفهوم “شراكة” – إذا كانت مبنية على أسس صلبة تؤدي إلى المساواة المدنية والقومية الكاملة.
في كل حملة انتخابية نسمع عن مبادرات تبادر إليها منظمات مجتمع مدني ونشطاء سياسيون يهود يريدون الدفع قدماً بشراكة بين اليهود والعرب ويشرحون كم هي مهمة ولماذا يجب على العرب التقرب من الأغلبية اليهودية من أجل أن يؤثروا. أقوال كهذه تخلق في الغالب نقاشاً عاماً، لكن فحصاً معمقاً يظهر أن النقاش يجري في المجتمع العربي وفي هامش هوامش المجتمع اليهودي، وهذا يحدث في ساحات محددة (هآرتس مثلاً).
النقاش لا يصل إلى وسائل إعلام التيار العام، وبالتأكيد لا يشغل أحزاب السلطة أو الأحزاب التي يمكنها طرح بديل. أصحاب الرؤية لا يتم استدعاؤهم إلى أي استوديو، ويتم اعتبارهم أصحاب مواقف باطلة. لذلك، يشغلون المناصب الأخيرة في أفضل الحالات. في الساحة العربية معروف أن النظرة إليهم اكثر جدية وإيجابية. اختبار التأثير على الخطاب وعلى القرارات المهمة وعلى المزاج العام – النتيجة هي فشل ذريع وانتصار ساحق لليمين. قانون القومية هو المثال البارز على ذلك. ولكل من يحلمون بالشراكة وتغيير المزاج، حان الوقت كي يعرفوا أن المجتمع العربي ناضج أكثر من المجتمع اليهودي. لذلك، المشكلة ليست في الأقلية العربية بل في الأكثرية اليهودية. العرب ليس عليهم إثبات ولائهم للدولة في كل صباح. لقد اجتزنا هذا الامتحان، وعلى الدولة التي تحكمها الأغلبية أن ترى الآن في العرب شركاء كاملين.